مستشارون أميركيون ينصحون وزارة النفط العراقية في تعاقداتها النفطية

يتبعون الخارجية ويتدخلون في صياغة العقود لكنهم يؤكدون أنهم لا يصيغون السياسة النفطية

TT

تلعب مجموعة من المستشارين الأميركيين بقيادة فريق صغير من وزارة الخارجية دورا مهما في صياغة العقود بين الحكومة العراقية وخمس شركات نفط غربية كبرى من أجل تطوير بعض من أكبر الحقول في العراق، هذا ما صرح به مسؤولون أميركيون. وهذه التصريحات تأتي كأول تأكيد لدخول إدارة الرئيس جورج بوش المباشر في صفقات لفتح قطاع النفط العراقي أمام التطوير التجاري، ومن المحتمل أن يشعل هذا الأمر انتقادات واسعة.

وقد قدم محامو الحكومة الأميركية واستشاريون من القطاع الخاص، وفقا لدورهم كمستشارين لوزارة النفط العراقية، نماذج للعقود واقتراحات مفصلة لصياغتها، حسبما قاله المستشارون ومسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية، ومن غير الواضح مدى تأثير عملهم على قرارات الوزارة العراقية. ويقول المستشارون، الذين اشترطوا عدم ذكر أسمائهم ومعهم المسؤول الدبلوماسي، إن اشتراكهم في الأمر كان فقط من أجل مساعدة الوزارة العراقية التي يعمل بها عدد غير كاف من الموظفين بتقديم التفاصيل الفنية والقانونية للعقود. وفي الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار بسرعة كبيرة، تعتبر العقود التي حررت بدون مناقصات جائزة نادرة في قطاع النفط، في دولة بها بعض من أكبر الحقول التي لا تنضب وفيها إمكانية الحصول على أرباح هائلة. ويتهم معارضو الحرب على العراق، الذين يتهمون إدارة بوش بالعمل خلف الستار لضمان وصول الغرب إلى حقول النفط العراقية، الا أن الإدارة نفت أكثر من مرة توجيه العراقيين في اتخاذ القرار. وقالت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض دانا بيرينو: «إن العراق دولة ذات سيادة، ويمكنها اتخاذ القرار بناء على شعورها بالرغبة في تطوير مواردها النفطية».

وينذر أي انطباع عن التدخل الأميركي في السياسات النفطية في العراق بإثارة معارضة ضد الولايات المتحدة، وخاصة في الدول العربية المشككة للنيات الأميركية في العراق، الذي تملك ثالث أكبر احتياطي للنفط في العالم. وقال فريدريك دي بارتون، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، في حوار هاتفي: «نحن نتظاهر بأن هذا ليس الجزء المحوري في دوافعنا، ولكننا نظل نثبت أنه كذلك، كما أننا نشكك في صدق حديثنا بذكر قضايا مثل السيادة بينما نترك أيدينا متورطة في الأمر». وينصح مسؤولو الولايات المتحدة العراق بشكل مباشر في مجموعة من القضايا، من الكهرباء إلى التعليم، ولكنهم كانوا يتحاشون تركيز الضوء عليهم إذا تطرقت التساؤلات إلى كيفية إدارة العراق للنفط، حيث يؤكدون حينها أن القرار يجب أن يكون في يد الحكومة العراقية. ويقول مستشارو وزارة الخارجية الذين قدموا خدماتهم في العقود الغربية إنهم يتجنبون عن عمد محاولة تشكيل السياسة العراقية. وقال مسؤول رفيع «إنهم (العراقيين) لم يتفاوضوا مع شركات بترول عالمية منذ السبعينات». وقال أيضا إن المشورة التي قدمت حول صياغة العقود لم تكن ملزمة، وفي بعض الأحيان اختارت الوزارة تجاهلها. «لم يكن على الوزارة أن تلتزم بمشورتنا»، وأضاف أن العراقيين لجأوا أيضا إلى الحكومة النرويجية من أجل استشارتها «وكان ذلك قرارهم منفردين». ويقول المستشارون إنهم لم يقدموا مصالح شركات النفط، بل تعاملوا مع وزارة النفط العراقية كزبون.

كما أصبحت عقود النفط الجديدة قضية سياسية مهمة في الولايات المتحدة أيضا. فقد بعث ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ، يتزعمهم تشارلز شومر السيناتور عن ولاية نيويورك، بخطاب إلى وزارة الخارجية الأسبوع الماضي مطالبين بتأجيل الصفقات حتى يمرر البرلمان العراقي قانون النفط العراقي الذي يحدد توزيع العائدات النفطية والأمور التنظيمية. ويؤكدون أن العقود ستزيد من التوتر السياسي في العراق ويعرض الجنود الأميركيين للخطر. وقد كُلف مستشارون من وزارات الخارجية والتجارة والطاقة والداخلية بالعمل مع وزارة البترول العراقية، وفقا لما ذكره الدبلوماسي رفيع المستوى، بالإضافة إلى ذلك، وقعت وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية عقدا مع شركة مانيجمنت سيستم إنترناشونال الاستشارية في واشنطن، لتقديم استشارات لوزارة النفط والوزارات الأخرى. وأطلق على برنامج الوكالة اسم «تطوير». وقال سمير عبيد، وهو موظف كندي من أصل عراقي في برنامج «تطوير»: «لقد أرسل لنا القسم القانوني في وزارة النفط صيغة للعقد .. لقد أرسلوه لنا وطلبوا تعليقنا عليه، لأننا مستشاروهم»، وأضاف: «كان الأمر عبارة عن عملية تحديد أفضل شيء لهذه العقود، ولا أعرف إذا كانوا قد استعانوا بتعليقاتنا أم لا».

وقال المستشارون إن النصائح كانت ضرورية، لأن وزارة النفط ، مثل الكثير من القطاعات في الحكومة العراقية، شهدت هجرة الموظفين المؤهلين وتحتاج إلى محامين مدربين على صياغة العقود. وذكر مشرف في برنامج «تطوير»، وهو غير مكلف بالإدلاء بتصريحات ورفض ذكر اسمه، أن مسؤولي الوزارة، الذين يقترب معظمهم من سن التقاعد، كانوا في حاجة إلى المساعدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»