قيادة الجيش تأخذ على الإعلام والسياسيين محاولات الزج بالمؤسسة العسكرية في الصراع

الوضع الأمني في طرابلس يتأرجح بين الهدوء نهارا والتراشق بالرصاص ليلا

TT

في وقت يشهد خط التماس بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة في طرابلس بشمال لبنان توترات متقطعة بعد الاشتباكات الواسعة الشهر الماضي، دعت قيادة الجيش العسكريين الى عدم اعارة آذان صاغية لما يتداوله بعض وسائل الاعلام والسياسيين والمحللين من اخبار وآراء ومواقف فئوية لا تخدم الاستقرار العام ولا صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، بل يهدف الى زج المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية.

وأخذت على بعض وسائل الاعلام «الاستمرار في نقل الاخبار مضخمة وبغير حقيقتها، مما يؤدي الى تضليل المواطنين واثارة الغرائز واشعال نار الفتنة والتحريض. كما يصرح عدد من السياسيين والمحللين بمعلومات مغلوطة ويدلون باقتراحات تعبر عن التشكيك في دور الجيش والتدخل في شؤونه الداخلية في محاولة لاستمالته الى جانب فئة دون اخرى وزجه في الصراع السياسي والمذهبي». وحذرت المعنيين من «ان ما يقومون به يتعلق بوطنهم وان النار لو اشتعلت لشملت الجميع».

وجاء في نشرة توجيهية عممتها القيادة على العسكريين بعنوان «وعيكم ضمان وحدتكم»: «يسعى بعض المتضررين من حالة المصالحة والوفاق التي اعقبت اعمال العنف، خصوصا في منطقتي البقاع والشمال، الى محاولة تعكير الامن مجددا واجهاض الاتفاقات التي حصلت لمآرب تخريبية لا تخفى على احد، وذلك من خلال العبث بأمن الناس ودق اسفين التفرقة بينهم. فيما يستمر بعض وسائل الاعلام في نقل الاخبار مضخمة وبغير حقيقتها، ما يؤدي الى تضليل المواطنين واثارة الغرائز لديهم واشعال نار الفتنة والتحريض. كما يلجأ عدد من السياسيين والمحللين الى التصريح بمعلومات مغلوطة والادلاء باقتراحات تعبر عن تشكيك في دور الجيش وتدخل في شؤونه الداخلية وتفاصيل مهماته العملانية في محاولة لاستمالته الى جانت فئة من دون اخرى وزجه في الصراع السياسي والمذهبي الذي تشهده البلاد».

ودعت القيادة العسكريين الى «وعي دقة هذه المرحلة وعدم اعارة اذان صاغية لما يتداوله بعض وسائل الاعلام والسياسيين والمحللين... لان ذلك في معظمه بعيد عن الحقيقة ويهدف الى زج المؤسسة العسكرية في التجاذبات السياسية». وذكَّرت الوحدات العسكرية بـ«ضرورة التعاون مع المواطنين خصوصا في مناطق التوتر من خلال حضهم على تزويدها المعلومات المتوافرة بحوزتهم ازاء ما يجري في احيائهم وشوارعهم وهم الأدرى بها، والى عدم تغطية اعمال المخلين بأمنهم وامن عائلاتهم... وتشدد هذه القيادة، في الوقت عينه، على ما دأب عليه العسكريون من التزام بأوامر القيادة وتعليماتها التي جعلت المؤسسة العسكرية موضع احترام اللبنانيين وإجماعهم على دورها الوطني لبقائها على مسافة واحدة من الجميع، من دون التخلي عن مهامها او اتخاذها موقف الحياد، فلا حياد امام مصلحة الوطن ولا تهاون مع مفتعلي الفتنة».

هذا، وعرض رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع وفد من فاعليات طرابلس الدينية وقيادات المجتمع المدني والاهلي الوضع في المدينة. وقد اكد الرئيس سليمان للوفد ان «القوى الامنية من جيش وقوى امن داخلي تعمل على فرض الامن» وان «التوجيهات اعطيت الى القيادات الامنية للتشدد في هذه الاجراءات».

وكان مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار قال عقب زيارة الوفد للرئيس السنيورة انه جرى «التمني على دولته أن يكمل الجيش الذي دخل طرابلس في منطقة التبانة وجبل محسن دوره ويملك الأمر بيد حاسمة». كما استقبل الرئيس السنيورة النائب مصطفى علي حسين وعرض معه التطورات في منطقتي جبل محسن وباب التبانة وعقب اللقاء قال النائب حسين: «طالبنا دولة الرئيس بتكثيف حضور القوى الامنية لوقف الخلل في طرابلس، لأن ما يحدث هناك هو أعمال شغب من فريق ثالث وليس من أهل طرابلس. أما في عكار فليس هناك اي اشكال. والناس متعايشون في ما بينهم». واضاف: «إن القوى الامنية تعرف من هو الفريق الثالث. وهي تراقب كل شيء. ولكن يبدو انه ليس هناك قرار سياسي لديها».

وظل الوضع الامني في طرابلس متأرجحاً بين الهدوء الحذر والتوتر المحدود. وقال مراسل «الشرق الاوسط» في شمال لبنان ان معلومات المصادر الامنية تفيد ان المسلحين الذين ينكفئون نهاراً ليعاود الاهالي ممارسة حياتهم الطبيعية في المنطقتين، يعودون الى مواقعهم ليلاً وبشكل وكأن المعركة حاصلة بعد لحظات. ويتحصنون وراء متاريسهم ودشمهم في الشوارع الضيقة التي تربط بين المنطقتين. اما الشارع الرئيسي الفاصل بينهما، والمعروف بشارع سورية، فيفتح امام السير نهاراً فقط مع حضور كثيف لقوى الجيش والامن الداخلي.

وليل الاحد ـ الاثنين وقرابة العاشرة ليلاً سمع اطلاق نار كثيف من اسلحة رشاشة في منطقة المنكوبين التي تقع بين طرابلس والبداوي شرق منطقة جبل محسن. وقد تضاربت المعلومات حول اسباب اطلاق النار. وترأس أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اجتماعا أمنيا حضره قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء الركن أشرف ريفي، ومدير المخابرات في الجيش العميد الركن جورج خوري، والمستشار العسكري لرئيس الجمهورية العميد عبد المطلب حناوي. وقد خصص الاجتماع للبحث في الأوضاع الأمنية، في طرابلس. واستمع الرئيس سليمان إلى عرض مفصل للوضع الأمني في طرابلس والتدابير المتخذة في المدينة. وأعطى توجيهاته بضرورة تعزيز الإجراءات والتشدد في تطبيقها بحزم تجاوبا مع رغبة فاعليات المدينة والمواطنين. وثمن الجهود التي يقوم بها العسكريون رغم الظروف الصعبة التي يعملون فيها وضعف الإمكانات المتوافرة لديهم.