250 نوعا من الطيور المهاجرة تستطيب الإقامة في محميات لبنان ومستنقعاته

«الدوري» الأكثر إقامة و«النعّار» إلى انقراض

اللقالق تقتات على الحشرات والضفادع والفئران وفراخ الأفاعي («الشرق الأوسط»)
TT

يلتقي الاختصاصيون في حماية الطبيعة على اعتبار لبنان عاصمة للطيور المهاجرة في ترحالها الطويل بين اوروبا وافريقيا، حيث تقدر انواعها بنحو 250 صنفاً من العصافير الصغيرة (العابور كما تسميه العامة) والطيور الكبيرة الجارحة والمائية والبرمائية، من اصل 370 صنفاً احصيت في لبنان، وحيث يستطيب بعضها الاقامة في ربوعنا، ووضع بيوضها وبناء اعشاشها.

وإذا كانت السلطات الرسمية اللبنانية عاجزة عن حماية هذه «الثروة الطبيعية»، بسبب الظروف التي تمر بها والتي لا تسمح لها بتطبيق قانون منع الصيد الساري المفعول، فان المبادرات الفردية والاجتماعية تحاول ان تسد هذا الفراغ بقدر ما يتوفر لديها من امكانات.

وابرز هذه المبادرات ما قامت به «جمعية حماية الطبيعة» المنضمة الى جمعية «بورد لايف الدولية» من خلال انشائها محميات في بلدة «القليلة» (جنوب صور في الجنوب)، و«كفرزبد» و«ابل السقي» (في البقاع)، حيث تتولى البلديات والاهالي منع الصيادين من دخول هذه المحميات. ويقول المسؤول عن الجمعية اسعد سرحال لـ«الشرق الاوسط»: «انشأنا هذه المحميات بفضل المساعدات الدولية. كما انشأنا مشاريعَ اخرى لحماية التنوع الطبيعي وتطوير السياحة البيئية». ويعتبر «ان انشاء المحميات هدفه حماية الطيور المهاجرة بسبب الفوائد الكثيرة التي تنتج عن عبورها من تخفيف.. للحشرات والزواحف، والفئران والجرذان، وتنظيف للطبيعة من الاجسام الميتة، ونشر للبذور في الحقول، التي لا تلبث ان تتحول الى اشجار فأحراج». ويرى سرحال «ان هناك عدة عوامل تلعب دورها في هجرة الطيور، ابرزها الايقاع الداخلي الخاص الذي يدفع بالعصفور او الطائر الى بدء هجرته، وهناك العوامل الخارجية كتغير الفصول، وتبدل المناخ، والسعي وراء الغذاء. وقبل بدء الهجرة تخزن الطيور الدهون الضرورية لتنفيذ ارتحال طويل من الشمال الى الجنوب يراوح بين 7 آلاف و8 آلاف كيلومتر». ويضيف: «ان هناك مواسمَ هجرة. ففي فصلي الربيع والصيف تهاجر العصافير الصغيرة بكثرة (شماس، خوري، دعويقة، الخ..)، وفي الربيع أيضاً تهاجر الطيور البرمائية والجوارح على انواعها (عقاب الحيات، العقاب الذهبي، الباشق، العوسق). وبين الصيف والتشارين يهاجر البط واللقلق وعدة انواع من الطيور الجارحة». والى جانب المحميات الخاصة، هناك محميات رسمية مثل محمية الشوف، وحرج اهدن (في الشمال)، وجزر النخيل (مقابل مدينة طرابلس)، إلا ان افضل بيئة للطيور المهاجرة هو سهل البقاع، وتحديداً مستنقعات بلدة عميق العائدة الى آل سكاف، وبحيرة القرعون، والأحراج. ويقول فيصل الحلبي المسؤول في جمعية «اروشا» لحماية الطيور لـ«الشرق الاوسط» يشكل سهل البقاع الواقع بين سلسلتي جبال لبنان افضل ممر لعشرات اصناف الطيور والعصافير، حيث تستفيد الجوارح والبجع من تيارات الهواء الحارة السائدة فوق السهل لتؤمن لنفسها طيراناً تلقائياً من دون خفق الأجنحة، وهدر الطاقة. وتمثل مستنقعات السهل واحراجه وبحيراته افضل استراحات للطيور المهاجرة حيث تجد ما تقتات به، وحيث تحضر اعشاشها وتتكاثر، وأذكر انه في فترة سابقة عبر سهل البقاع اكثر من 20 الف لقلق ابيض واسود في ساعة واحدة». ويعدد مجموعة من الاسباب التي تسيء الى مجتمع الطيور المهاجرة؛ ابرزها استخدام المبيدات الزراعية بإفراط، والحرائق التي تصيب الأحراج والغابات، وزوال المستنقعات، وزحف العمران الذي يفقد تلك الطيور مبيتها الطبيعي، من دون ان ننسى الصيد الجائر.

ويعتبر الحلبي «ان هذه الاسباب وغيرها أدت الى انقراض او شبه انقراض لبعض الاصناف كـ«الحبري»، وغراب الماء، والاوز المائي، ودجاج الارض، والحجل، وبالكاد نتعرف الى النسر خلال ترحال الاسراب المهاجرة، والعقاب، بالاضافة الى النعّار السوري. أما الاكثر اقامة في لبنان فهو عصفور «الدوري» بأنواعه الستة، التي يلجأ بعضها للهجرة مثل سائر العصافير والطيور.