«شمشون الجبار».. إسرائيلي خارق ضد المواطن الفلسطيني في مسرحية جديدة لحاكم الشارقة

الشيخ سلطان القاسمي بدأ عشقه للمسرح بدور تمثيلي قبل نصف قرن

TT

«نحن البشر زائلون ويبقى المسرح ما بقيت الحياة». بهذا الشعار الذي أطلقه تحت قبة اليونسكو في عاصمة الثقافة العالمية باريس، يسعى حاكم الشارقة أن تكون إمارته عاصمة دائمة للثقافة العربية، غير أن هذا الشعار ليس فضفاضا، فالشيخ سلطان القاسمي بدأ بنفسه في تعزيز ثقافة إمارته، فمسيرته مع المسرح متواصلة منذ أكثر من نصف قرن توّجَها بإصداره الجديد، الذي أعلن عنه رسميا أمس، وهي مسرحية بعنوان «شمشون الجبار». ويتزامن صدورها مع الذكرى الستين لنكبة فلسطين.

ولمن لا يعرف الجانب الثقافي المضيء للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، فإن المسرحية الجديدة، شمشون الجبار، ليست سوى أداة من أدوات الحاكم الذي لم يتوقف عن سبر أغوار الثقافة بكامل مكوناتها، طوال نصف قرن ونيف، بل ان البداية في بواكير الخمسينات كانت بدور تمثيلي، قام به الحاكم في ريعان شبابه، في مسرحية «جابر عثرات الكرام». وتعالج مسرحية شمشون الجبار من جديد الصراع العربي الإسرائيلي، إذ ينطلق فيها حاكم الشارقة لتأكيد أحقية الفلسطينيين بأرضهم وبلادهم من قديم الزمن، وعبر ما خالط شخصية شمشون من أساطير وحكايات وقصص ترددت في كتب اليهود وذاعت في القصص والأفلام حتى الأزمنة الحديثة.

وتعتبر هذه هي المسرحية السادسة لحاكم الشارقة، والثالثة التي تتطرق مباشرة للقضية الفلسطينية، ومن المنتظر ان يتم انتاج هذا العمل الفكري المسرحي تقديرا من الشيخ سلطان لإعلان القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، وذلك بواسطة الهيئة العربية للمسرح التي اختارت حاكم الشارقة رئيسا فخريا لها وتتخذ من القاهرة مقرا لها، على ان يتم تقديم العرض في أكثر من بلد عربي في مطلع العام القادم 2009 ، كما تعرض في الدورة الجديدة لأيام الشارقة المسرحية في مارس المقبل.

ومنذ تتويج الشارقة في عام 1998 كعاصمة للثقافة العربية، كان ولايزال لحاكم الشارقة اسهام ايجابي ودائم في رفد الحركة المسرحية العربية، عبر خمسة نصوص مسرحية خلال عشر سنوات أي منذ عام 1998، ويؤمن حاكم الشارقة بالدور التنويري للمسرح، كما أنه يرى بضرورة إحداث ثورة في المسرح العربي ليتجدد ويقوم بدوره في مواجهة عولمة شرسة تستهدف ثقافات الشعوب كافة.

ويتناول الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي قصة شمشون كما هي في العهد القديم وصاغها مسرحيا بحيث يبرز الصراع العربي الإسرائيلي وحق العرب، ويضع الشخصية الأسطورية في قالب موضوعي فيه ما يتيح التفسير والتأويل الدرامي لعمل رغم تاريخيته، الا انه يأتي في وقت مفصلي لقضية العرب وفلسطين وانعكاساتها الاقليمية والدولية وامكانات العمل الدرامي الذي يتلقاه الجمهور ولديه خلفيات متعددة ومتنوعة ويعرف الشخصية الاسطورية والافلام التي عالجت هذه الشخصية والاشكالية.

ويكشف الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مسرحيته الجديدة «شمشون الجبار»، عن الحقائق التاريخية ودحض تزييف التاريخ وتعالج الشخصية الاسطورية بحيث تنكشف الحقائق وتظهر النيات التي ارادت بها اسرائيل ان تكسب الحرب النفسية ضد العرب اذ جسد البطولة الخارقة في شخصية شمشون لتمثل العدو مقابل العربي الفلسطيني.

وقد ورد في الكثير من الدراسات حول الأساطير والخرافات القديمة الحديث عن البطل الخارق والبطل الشجاع واشير الى عنتر العربي وهرقل والنمرود والاسكندر وتمت مقارنة شمشون ببعضهم بل ذهب بعض الدارسين الى تفسير اسم شمشون بالشمس ودليلة بالليل وغيرهما مما يوجد في الكتب على ان الاقرب بالمصداقية هو ان خرافة شمشون ما هي الا انعكاس لشعور العدو حيال العرب والفلسطينيين فمثلوا قوة خارقة اسبغوها على بطل يواجهون به الفلسطينيين.

والمسرحيات التي ألفها حاكم الشارقة هي عودة هولاكو سنة 1998 وقد تم طبعها ثلاث مرات، وجاء في مقدمة الشيخ سلطان في الطبعة الأولى «من قراءاتي لتاريخ الأمة العربية وجدت أن ما جرى للدولة العباسية قبل سقوطها مشابه لما يجري الآن على الساحة العربية وكأنما التاريخ يعيد نفسه، فكتبت هذه المسرحية من منظور تاريخي لواقع مؤلم. إن أسماء الشخصيات والأماكن والأحداث في هذه المسرحية كلها حقيقية. وإن كل عبارة في هذا النص تدل دلالة واضحة على ما يجري للأمة العربية». المسرحية الثانية هي «القضية» سنة 2000 والتي تستلهم التاريخ العربي الإسلامي لتقول عبره إن ما جرى للأمة العربية في الماضي يشابه ما يجري لها الآن، وإن أحداث الماضي تتمثل في أحداث الحاضر الأليمة.

المسرحية الثالثة جاءت تحت عنوان «الواقع صورة طبق الأصل» والتي طبعت ثلاث مرات ويتناول فيها مجدداً أحداث التاريخ العربي الإسلامي ليعبر عن حالة راهنة تعيشها الأمة. يقول في مدخل النص «لقد مرت بالأمة الإسلامية فترات أشد قسوة مما نحن فيه، فلتكن هذه المسرحية واقعاً لعدم اليأس وحافزاً نحو التوحيد والنضال». وتضم المسرحية شخصيات وبعض أحداث جسام مرت على الأمة الإسلامية، وتجري في ثلاثة فصول.

أما مسرحية «الاسكندر الأكبر» التي صدرت في طبعتها الأولى عام 2007 فهي مسرحية عن قصة تاريخية حقيقية لحياة الاسكندر الأكبر بإسقاطات على آسيا ومنطقة الخليج في الحاضر. أما المسرحية الخامسة فتحمل عنوان «النمرود» وهي من ثلاثة فصول طبعة 2008 وظف فيها المؤلف حاكم الشارقة الشخصية الأسطورية التاريخية المعروفة والذائعة شعبياً للنمرود في بابل القديمة بإسقاطات على الحياة المعاصرة في العالم العربي وآسيا.