مطعم شعبي يجذب الملوك والدبلوماسيين

يتميز بتصميمه الخارجي وأنشئ لدعم عجلة السياحة

سعد البلحي داخل قريته الشعبية (تصوير: عيسى الدبيسي)
TT

أصبح مطعم شعبي على الواجهة البحرية لمدينة الدمام، شرقي السعودية، محط ترحال شخصيات ملكية ووزارية ودبلوماسية في السعودية، فلا تكاد أي من تلك الشخصيات تحط في المنطقة الشرقية إلا وتقصد زيارة «مطعم القرية الشعبية» الواقع في مدينة الدمام شرقي السعودية، والذي يتربع بناؤه المصمم على الطراز النجدي القديم والمبني بالطين على ضفاف الخليج العربي بين المباني العصرية الحديثة.

وفي المدخل عرضت مجموعة كبيرة من صور الشخصيات التي زارت القرية الشعبية وضمت صور أمراء ملكيين ووزراء ودبلوماسيين من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية ورجال المال والأعمال وشخصيات وسيدات المجتمع ومشاهير الفن والرياضة، بالإضافة إلى أجزاء مختارة من سجل زوار الشخصيات التي كتبت انطباعاتها وكلمات الثناء في حق المكان وما يحتوي.

وسر تميز المطعم ليس في جودة الوجبات السعودية التقليدية التي يقدمها المطعم للزبائن في أواني تراثية، بل في كون المطعم عبارة عن قرية شعبية، تشكل كل أجزاءها متحفا تراثيا بدءا من التصميم الخارجي والداخلي وفي الأثاث وفي الغرف التي صممت وسميت كل واحدة منها على طراز تراث قديم لمنطقة جغرافية سعودية مختلفة. فتجد غرفة تحتوي على تراث مدينة الدمام وحائل وعسير والجوف ونجد. كما أن المطعم يضم متحفا تراثيا ويضم قطعا تراثية مختلفة وصورا قديمة تعرض الحياة الماضية في السعودية، ما جعل القرية الشعبية مقصدا لمن يريد التعرف على التراث التقليدي للسعودية وعلى المطبخ السعودي القديم.

ويقول سعد البلحي، رئيس ومالك القرية الشعبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المطعم استقبل شخصيات ملكية كثيرة من العائلات الخليجية، كما زارت القرية وفود دبلوماسية أجنبية وعربية شملت جميع السفراء في السعودية من ضمنهم السفيرين الأميركي والبريطاني.

وذكر البلحي أن أطرف حادثة حصلت في القرية الشعبية أثناء زيارات الوفود الدبلوماسية الأجنبية إلى القرية، حدثت لسفير إحدى الدول الأجنبية في السعودية، عندما فضل الجلوس على الطريقة العربية التقليدية على الأرض لتناول وجبته، ما تسبب في تمزق بنطلونه. وقال البلحي إن نفس السفير عاد إلى زيارة القرية الشعبية مرة ثانية في وقت آخر، وأصر على الجلوس على الأرض.

وذكر البلحي، أن سبب إيجاد القرية كان لدعم عجلة السياحة في المنطقة الشرقية، ولتعريف الأجيال الحالية بتراث الأجيال السالفة وللحفاظ على الوجبات السعودية والخليجية التقليدية التي كادت أن تنقرض بعد غزو الوجبات الأجنبية السريعة لموائد الناس في السعودية.

وعن الوجبات التي تقدمها القرية الشعبية قال البلحي إن الكثير من الناس يعتقدون أن الوجبات السعودية والخليجية تقتصر على الأرز واللحم، وهذا غير صحيح، فقائمة الطعام السعودي طويلة ومختلفة ومتنوعة بتنوع المناطق السعودية، فمطبخ المنطقة الشرقية غني بالوجبات البحرية، بالإضافة إلى الحلويات.

وتقدم القرية وجبات سعودية شعبية من مختلف مناطق السعودية من الشمال إلى الجنوب ومن المنطقة الشرقية والى الغربية والمنطقة الوسطى، وقال البلحي إن سعوديين ترجع أصولهم لمناطق سعودية مختلفة يشرفون بقيادته على الطبخ في القرية الشعبية لضمان جودة الطبخ والمذاق. ولم يتخوف البلحي من تسرب العمالة الأجنبية التي دربها وتعمل في القرية إلى المطاعم الأخرى التي تقلد مطعم القرية الشعبية بقوله «إن الطبخ «نفس» ولا خوف من تسرب العمالة إلى مطاعم تحاول تقليدنا». وأضاف أن «القرية الشعبية تعتمد في عملها على ثقافة الضيافة العربية التي تحرص على معاملة الزوار على أنهم ضيوف في البيت وليسوا زبائن».

وتشمل القرية الشعبية على البهو والمسمى قديما بـ«الحوي» الذي يتوسط القرية، وعلى «الماقد» والمجلس النجدي والذي يرمز للضيافة العربية حيث يستقبل فيه الضيوف ويقدم لهم التمر والقهوة، ويليه ركن نجد حيث جلسات تجسد الطابع العمراني النجدي القديم في جميع مكونات التصميم. وخصصت في الدور العلوي سوق شعبية ومحال لبيع التحف والهدايا الشعبية، ومتحف لعرض المقتنيات والصور القديمة من خارج وداخل السعودية، ويركز المتحف على عرض قطع تراثية يرجع تاريخها إلى أكثر من ثلاث مائة سنة، ومجموعة كبيرة للصور النادرة إلى المنطقة الشرقية وصور خاصة للملك عبد العزيز وأبنائه، كما يضم مخطوطات تاريخية تخص الملك عبد العزيز، والكثير من الأدوات التراثية التي كانت تستخدم قديما، والتي جمعها البلحي منذ أكثر من 20 سنة مضت حيث كان مهتما وهاويا بجمع القطع الأثرية والتراثية.

وكشف البلحي عن بدء بناء القرية الشعبية الثانية على الواجهة البحرية لكورنيش مدينة الدمام، خلال أسابيع، وتوقع أن تكتمل في غضون سنة ونصف السنة، وقال إن القرية الجديدة ستحتوي على 6 قلاع تعكس تراث مناطق سعودية مختلفة مثل جزيرة دارين، وقلعة «المصمك» في نجد، وقلعة الطائف والباحة، وقلعة عسير، وبوابة مكة المكرمة، وسوف يحتوي المشروع الجديد على مطعم بحري يقدم الوجبات البحرية التقليدية في المنطقة الشرقية، ومطعم سعودي يقدم وجبات سعودية لمختلف مناطق السعودية، ومتحفا للحيوانات المحنطة، ومتحف سيارات قديمة تضم 30 سنة، وسوق شعبي يضم 25 محلا حرفيا ينتج ويبيع الحرف القديمة.