السعودية: الانتهاء من صياغة أعقد الملفات الاقتصادية وسط ترقب للأنظمة الجديدة

«مجلس الشورى» يقر نظام الرهن العقاري وينتظر الرفع به إلى مجلس الوزراء الأيام القليلة المقبلة

نشاط البناء والإسكان والمشاريع سيتزايد بوتيرة سريعة بعد تطبيق نظام الرهن العقاري في السوق التمويلية السعودية
TT

أسدل الستار أمس في السعودية عن وضع ملف نظام الرهن العقاري الذي طال انتظاره لأكثر من عقد من الزمان بمطالبات جهات عدة، منها البنوك وشركات عقار، وحتى أفراد كانوا يتطلعون صدور نظام تفصيلي لآلية التمويل والرهن العقاري الذي اعتبر من بين أعقد الملفات الاقتصادية المرتقبة.

وأعلن الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد رئيس مجلس الشورى عن الانتهاء من التصويت على نظام التأجير التمويلي، ونظام الرهن العقاري المسجل لأهمية ما ستقدمه اقتصاديا للسعودية ومواطنيها، مؤكدا أن صدور الأنظمة بشكل متوافق ومنتظم سيساعد على توفير المساكن لذوي الدخول المتوسطة خاصة مع شح آليات التمويل العقاري الحالية وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء.

وأشار ابن حميد إلى أن ذلك يأتي في سياق تلمس المجلس الحاجات الملحة التي يحتاجها المواطن ولما يمثله إقرار هذه الأنظمة المهمة من انعكاس إيجابي على الجوانب الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.

من ناحيته، أكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سعيد الشيخ، كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري السعودي، تأهب البنوك والشركات لهذا النظام لاسيما بعد طول انتظار ومطالبة بإقراره، مؤكدا أن إقراره المرتقب من قبل مجلس الوزراء يأتي في وقت مناسب نظرا للملاءة المالية العالية جدا لدى المصارف والبنوك المحلية.

وتوقع الشيخ أن نظام الرهن العقاري سيقلل من المخاطر وعدم قدرة المستفيد ويضفي أمانا للمقرضين مما يدفع البنوك المحلية للخوض في هذا القطاع بشكل قوي وبالتالي يتيح للمواطنين الاستفادة من عمليات التمويل.

أمام ذلك، ينتظر أن ترتفع معدلات الإقراض إلى مستويات عالية تتجاوز ما هو مسجل حتى العام 2007 بواقع 179 مليار ريال (47.7 مليار دولار) قامت بضخها البنوك المحلية على الرغم من ضوابط عديدة فرضتها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) خاصة على قطاع الأفراد للحد من السقف الأعلى لحجم القرض وكذلك المقتطع الشهري بأقل من ثلث المرتب.

من ناحيته، كشف أحمد بن عبد العزيز اليحيى الأمين العام المساعد للمجلس، أن اللجنة المتخصصة استغرقت في بحث ومناقشة الأنظمة 3 أشهر مؤكدا مراعاة المجلس عدم وجود عوائق تقف عند تطبيق الأنظمة على أرض الواقع داعيا الجهات الحكومية إلى الإسهام في تطبيق الأنظمة بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلي بشكل عام والقطاع العقاري بشكل خاص.

وتطلع اليحيى أن يسهم تطبيق هذه الأنظمة في حل الكثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقارية، والحد من ارتفاع أسعار العقارات، وتوافر المساكن بشكل كبير بما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم التي سجلت ارتفاعا خلال الفترة الماضية، مفيدا أن الأنظمة ستسهم في انطلاق شركات وصناديق تمويل عقارية ما يسهم في فتح قنوات عدة للتمويل تنعكس إيجابيا على حركة السوق عموما.

ورأى اليحيى أن صدور هذه الأنظمة من شأنه تنشيط الاستثمارات بما يساعد في توازن العرض والطلب وبالتالي توازن الأسعار واصفاً تحرك المجلس نحو مناقشة الأنظمة العقارية وإصدارها بأنه يأتي منسجما مع الأهداف والغايات التي تهدف لها الحكومة في حل الأزمة الإسكانية، ولمساعدة في دخول شركات إقليمية كبرى في سوق العقار السعودي.

وأبان الأمين العام المساعد بمجلس الشورى أن الأنظمة استحدثت قطاعا ماليا جديدا هو شركات التمويل غير البنكية، لترفع تنافسية القطاع التمويلي والمصرفي، مما سيحقق مصلحة كبيرة للمواطنين، إضافة إلى استحداثه أنظمة معالجة لقواعد عقد الرهن المسجل، الذي سيحمي استثمارات المواطنين، وسيتيح لهم فرصة تحسين استغلالهم لمدخراتهم من خلال رهون استثمارية على عقاراتهم. إلى ذلك، استطرد الشيخ بالقول: لدى البنوك الرغبة في التوسع لاسيما أن هناك محدودية في مجال المحافظ المتخصصة في التمويل العقاري«، مضيفا أن الفترة المقبلة ستشهد تنوعا في المحفظة الائتمانية لدى البنوك لتشمل قاعدة أوسع.

وتتزامن انتظار إقرار مجلس الشورى السعودي لنظام الرهن العقاري مع نكسة عالمية في سوق الرهن العقاري على مستوى عالمي، حيث قلل الدكتور الشيخ من تأثيرات ذلك أو وجود عقبات لمبررات تتمثل في أن أسباب الكارثة العالمية جاء نتيجة لتساهل وارتخاء في استهداف البنوك والمصارف حول بعض الالتزامات، مشددا على أن الخلل لا يكمن في الأنظمة والقوانين.

وهنا، توقع الشيخ استحواذ البنوك على حصة كبيرة من حجم سوق الرهن العقاري دون الإشارة إلى إحصاء أو رقم معين، مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة إدراك أن عملية الاستجابة والتفاعل مع الأنظمة الجديدة ستكون تدريجية وستأخذ حيزا من الوقت للتأقلم معها.

ولكن كبير الاقتصاديين عاد للتنبؤ بأن المستقبل باهر لسوق الرهن العقاري، حيث قال: ستنطلق الأعمال وتتزايد مع إقراره رسميا وبدء العمل به على أرض الواقع، متوقعا أن يتزايد نشاط قطاع العقار والإسكان بوتيرة أسرع خلال السنوات المقبلة.

ولفت الشيخ إلى أن هناك أنشطة استثمارية وقطاعات اقتصادية سيشملها ارتفاع وتيرة الطلب على الإسكان والعقار من أهمها القطاع الصناعي حيث ستتزايد الأنشطة المرتبطة بالإسكان بكافة تفاصيلها (الأصباغ، الأثاث، معدات البناء وأدواته، وخلافه) لتكون هي الأخرى موعودة بطفرة طلب عالية خلال الفترة المقبلة. وشدد الشيخ على أهمية إدراك أن عملية التطبيق العملي ستأخذ منحنى تدريجيا، إذ لن يكون الأمر مفاجئا أو تغيرا سريعا بل سيأخذ فترة حتى تتكيف الأسواق والجهات العاملة فيه.