برامج صناعية مغربية جديدة لامتصاص البطالة والتمييز في الإنتاج

وزير الصناعة: الاستثمارات الأجنبية المباشرة ستحدد الخريطة الصناعية لمغرب الغد

TT

أكد المغرب رهانه على انشاء مناطق صناعية متكاملة في انحاء مختلفة من المغرب من خلال تعاون وزارات متعددة في قطاعات رائدة ذات قيمة مضافة وعالية تتيح خلق آفاق مهمة لورش العمل من أجل امتصاص البطالة بين الشباب. ولتحقيق هذا الهدف، ترأس العاهل المغربي، الملك محمد السادس، مساء أول من أمس، في قصر مرشان بطنجة، حفل التوقيع على اتفاقية تمويل هذا البرنامج الطموح، الذي تم التوقيع عليه من قبل صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، وأحمد رضا الشامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، وعبد الواحد القباج، رئيس الإدارة الجماعية لصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وركز الشامي في كلمة ألقاها بالمناسبة على الأهمية الاجتماعية الاقتصادية للقطاع الصناعي، مشيرا إلى أن الصناعات التحويلية تمثل 16 في المائة من الناتج المحلي، ويعمل فيها اكثر من مليون شخص، موضحا أن الصناعة ستمكن أساسا من تقليص البطالة في المدن، وتساعد في سد العجز التجاري، اضافة الى استقطاب الكثير من الاستثمارات الاجنبية.

وأضاف الشامي، أن القطاع الصناعي يظل القطاع الأكثر تأثرا بالعولمة، وبالنظر للمنافسة العالمية، فإن «أي عجز في التنافسية يؤدي فورا إلى ارتفاع في عجز الميزان التجاري».

وأضاف الوزير المغربي قائلا: «اليوم ومع العولمة، فقد انطلقت معركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والمغرب أصبح ضمن هذا السباق»، مسجلا أن الأمر هنا يتعلق بالتنمية الأكثر نجاعة، والتي تعطي أهم النتائج وأكثرها سرعة واستدامة.

وأعرب الشامي عن اعتقاده بأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تقررت اليوم هي التي ستحدد الخريطة الصناعية لمغرب الغد، مضيفا أنه ورغم الفرص المهمة المتاحة للمغرب اليوم، والمتمثلة في التخصصات الصناعية له على الصعيد الدولي وفي الاستثمارات الأجنبية المباشرة واتفاقيات التبادل الحر اضافة الى التطور المطرد للسوق المحلي، فإن هناك تحديات ما تزال تعيق النمو الصناعي، كالنسيج الاقتصادي، ومناخ الأعمال والتكوين.

وأضاف الوزير، أنه من أجل تحرير النمو الصناعي للمغرب، فإن البرنامج الوطني الاقتصادي يرتكز على خمسة محاور، الأول منها يقوم على تسريع تنمية التخصصات الصناعية على الصعيد الدولي (أرضية الصناعة المندمجة)، والتي ستمثل اكثر من90 في المائة من النمو الصناعي المتوقع، في حين تهدف المحاور الأفقية 2 و3 و4 إلى معالجة المعوقات الراهنة.

أما في ما يتعلق بالمحور الخامس، يضيف الشامي، فإنه يضمن القطيعة مع بعض طرق التنفيذ وذلك من خلال إحداث وكالة تنمية الاستثمارات.

وأكد أنه في أفق تحسين مناخ الأعمال والارتقاء في التصنيفات الدولية، يتعين تسريع إصلاح المسارات المرتبطة بإنجاز المشاريع، مشيرا الى أنه سيتم التركيز على القطاعات التي تعاني من وضعية صعبة ولها تأثير مباشر ومهم على مجال الأعمال والعمل الإداري، الذي سيتم تبسيطه والرفع من مردوديته. وقال الشامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن العاهل المغربي أعطى توجيهاته للحكومة المغربية من أجل إطلاق دراسة جديدة تحدد استراتيجية التنمية الصناعية للمغرب، ولوضع مخطط جديد للفترة 2009-2015. وتهدف الدراسة الجديدة إلى وضع توجهات واضحة، وتحديد برامج تنموية ومشاريع صناعية وخطط عمل مفصلة، وضمها في إطار برنامج تعاقدي واضح المعالم، يحدد بدقة التزامات كل الأطراف المعنية، والذي سيتم التوقيع عليه من طرف الحكومة المغربية والقطاع الخاص المغربي قبل نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وتهدف الدراسة كذلك إلى تعميق البحث في أهداف ووسائل مخطط «انطلاق» للتنمية الصناعية الذي تبناه المغرب في سنة 2005، على أساس الدراسة التي أنجزها مكتب الخبرة «ماكنسي» لصالح الحكومة المغربية، وذلك على ضوء التحولات الأخيرة التي عرفها العالم، والفرص الجديدة التي فتحتها هذه التحولات أمام المغرب، خاصة ارتفاع أسعار النفط وانعكاسها على تكلفة نقل وتصدير المنتجات الصناعية من آسيا إلى أوروبا.

كما تهدف الدراسة الى وضع خطط لتحسين مناخ الأعمال والإصلاحات المتعلقة به، وبرنامج لدعم الشركات والرفع من تنافسيتها ونجاعتها في كل مراحل نشاطاتها، وملاءمة التكوين المهني مع حاجيات المخطط الشامل للتنمية الصناعية، بالإضافة إلى إنشاء وكالة وطنية لتشجيع الاستثمار.

ويتمحور المخطط الحالي للتنمية الصناعية المغربية، حسب مخطط «انطلاق»، والذي تمت صياغته على أساس دراسة «ماكنسي»، حول 7 قطاعات، هي صناعات السيارات والطيران والإلكترونيات والنسيج والألبسة والصناعات الغذائية وتحويل منتجات البحر، والخدمات المرحلة (أوفشورينج). وتم اختيار هذه القطاعات السبعة من بين 280 قطاعا تمت دراستها بالتفصيل، على أساس أن القطاعات السبعة هي التي يتوفر فيها المغرب على مزايا تنافسية مؤكدة. إلا أن التحولات التي عرفها العالم خلال السنتين الأخيرتين، غيرت المعطيات. فارتفاع النفط من 25 دولارا إلى 145 للبرميل، حول معادلة السعر والجودة في العديد من المنتجات الصناعية لصالح المغرب، إذ تقوض الفارق الكبير للسعر بين المغرب ومراكز الإنتاج الآسيوية البخسة التكلفة، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف النقل. وأصبح بإمكان المغرب توسيع نطاق طموحاته الصناعية عبر إدماج قطاعات جديدة في مخطط «انطلاق»، وبالتالي وتوفير فرص عمل أكبر لشبابه ومواصلة احتوائه للبطالة التي تقلصت نسبتها في المغرب إلى 9.2% وفق الإحصائيات الرسمية.