وكالة الطاقة تحذر من تباطؤ عرض النفط.. و«أوبك» قلقة من ركود الطلب

«النقد الدولي»: هناك مخاطر من اندلاع أزمات مالية

TT

حذرت وكالة الطاقة الدولية من ان سوق النفط ستظل «محكمة» خلال السنوات الخمس المقبلة مع جمود انتاج البلدان غير الاعضاء في الاوبك والطلب الذي لا يزال قويا نسبيا. ويعتبر تحذير الوكالة الدولية للطاقة أقوى المؤشرات الحالية على ان اسعار النفط القياسية فوق 140 دولارا للبرميل لم تفعل ما يكفي لتوازن نمو الطلب من دول مثل الصين مع تباطؤ زيادة العرض.

وقالت وكالة الطاقة الدولية أمس ان امدادات النفط العالمية ستزيد بمعدل أبطأ من المتوقع حتى عام 2013 بما يجعل الطاقة الانتاجية الاحتياطية محدودة رغم ضعف نمو الطلب.

وقالت الوكالة في تقريرها عن سوق النفط في الاجل المتوسط ان الطاقة الانتاجية العالمية ستصل الى 95.33 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2012 أي أقل بمقدار 2.7 مليون برميل يوميا عن تقديرها السابق قبل عام.

وتأتي هذه التوقعات في وقت ساهمت فيه المخاوف بشأن الامدادات والطلب القوي في اسيا والشرق الاوسط في رفع أسعار النفط الى مستويات قياسية أعلى من 140 دولارا للبرميل لتضيف المزيد من الضغوط على الاقتصاد العالمي.

وأكدت وكالة الطاقة الدولية أمس أن تنامي الطلب العالمي على النفط هو السبب الرئيسي وراء زيادة الأسعار العالمية وليس المضاربات، وقالت الوكالة في تقريرها نصف السنوي عن سوق النفط العالمية «نعتقد أن السبب الأساسي أن أسعار النفط المرتفعة حاليا هي النمو القوي للطلب في الدول ذات أعداد السكان الكبيرة في مواجهة النمو المحدود للعرض خلال السنوات القليلة الماضية».

وأشارت الوكالة التي تمثل الدول المستهلكة للنفط والتي يوجد مقرها في باريس إلى أن المضاربة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أو انخفاض مؤقت في الأسعار ولكن لا يوجد دليل يدعم القول بأن هذه المضاربات هي السبب الرئيسي وراء تضاعف أسعار النفط خلال العام الماضي.

وأضافت أن النمو القوي للاقتصاديات الصاعدة مثل الصين والهند أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب العالمي على الطاقة في الوقت الذي لم تتمكن فيه الدول المنتجة من زيادة إنتاجها بنفس الوتيرة.

وتتوقع الوكالة في ضوء الحقائق التي عرضتها استمرار أسعار النفط عند المستويات المرتفعة الراهنة أو الوصول إلى مستويات أعلى على المدى المتوسط.

من جهته حذر صندوق النقد الدولي أمس من احتمال اندلاع ازمات مالية ناجمة عن اسعار النفط والاغذية المستعرة، بسبب انعكاساتها على «ميزان المدفوعات في دول كثيرة».

وافادت المؤسسة الدولية في واشنطن ان «بقاء الاسعار لفترة طويلة على المستوى الحالي او بمحاذاته سيولد عواقب خطيرة على ميزان المدفوعات في دول كثيرة»، مضيفة «ان التضخم يرتفع، ما يطال الفقراء، ويهدد الميزانيات».

ويبدو خطر الازمة اكبر نظرا الى «ان ارتفاع الاسعار الغذائية سيستغرق المزيد من الوقت ليتراجع، نظرا الى الزيادات المرتقبة في انتاج الوقود الحيوي، ومواصلة النمو الحاد في الاقتصادات الناشئة والنامية، وعواقب اسعار النفط على مستويات الحياة»، بحسب التقييم الاول للصندوق لعواقب ارتفاع اسعار النفط والاغذية على الاقتصاد الكلي.

وتقضي مهمة الصندوق الاولى في تجنب حدوث الازمات في موازين المدفوعات، حيث لفت بشكل خاص الى ان ارتفاع اسعار النفط ادى الى «اثار حادة» في 81 دولة فقيرة او ذات عائدات متوسطة.

واعلن رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) أمس في مدريد ان المنظمة «قلقة» من احتمال ركود الطلب على النفط الذي قد لا يضمن لها ما يكفي من الاستثمارات اذا انفقت كثيرا لانتاج الذهب الاسود.

وقال شكيب خليل، وهو ايضا وزير الطاقة الجزائري، «نحن قلقون من استقرار الطلب» في المستقبل، مشددا على ان الركود قد يتسبب في التخلي عن الاستثمارات في القدرات الانتاجية كما تطالب بذلك الدول الصناعية.

واضاف امام المؤتمر العالمي التاسع عشر للنفط المنعقد في مدريد «ثمة قلق كبير حول تلك الاستثمارات»، وترى اوبك ان ارتفاع اسعار النفط يدفع الى استغلال حقول جديدة في دول غير اعضاء في المنظمة.

كذلك تخشى المنظمة ان يدفع ارتفاع الفاتورة النفطية، اضافة الى الاهتمامات البيئية التي تبديها الدول الغنية، بتلك الدول الى خفض استهلاكها، وابدت ايضا تخوفها من تباطؤ النمو العالمي وبالتالي من استهلاك النفط في العالم.

واوضح خليل ان كل تلك العناصر تثير مخاوف بشأن من مصير نفطها في المستقبل.

وقال رئيس اوبك ان المنظمة قلقة من «آفاق الاقتصاد العالمي» و«الشكوك حول اسعار النفط» غير المستقرة، وأكد شكيب ان المنظمة لن تكون قادرة على تعويض نحو أربعة ملايين برميل يوميا من الانتاج الايراني المفقود اذا نفذت طهران تهديدها بوقف صادرات الخام في حالة تعرضها لهجوم.

وقال «من الواضح أنك اذا حجبت أربعة ملايين برميل يوميا عن السوق فانك ستواجه مشكلة كبيرة.. لا أرى من يستطيع تعويض هذا بما في ذلك أوبك».

وأضاف خليل أن التحركات في الكونغرس الاميركي لمقاضاة أوبك على ارتفاع أسعار النفط لن تساعد، وقال «لن تضيف برميلا واحدا من النفط». ومضى يقول ان المشكلات السياسية وضعف الدولار الاميركي هما العاملان الرئيسيان وراء ارتفاع أسعار النفط وينبغي معالجتهما لتهدئة سوق الخام، واضاف «اننا نعتقد ان الازمة المالية ستكون لها تداعيات على الاستثمارات» في النفط.

وتعتبر هذه المواقف مناقضة تماما لمواقف الدول المستهلكة التي تواجه ارتفاعا كبيرا في اسعار برميل النفط يهدد توازناتها الاقتصادية، وتطالب باستثمارات في القدرات الانتاجية، معربة عن القلق من تطور العرض النفطي الذي ترى انه سيكون غير كاف في المستقبل. وتوقع رئيس منظمة أوبك استمرار تقلبات أسعار النفط والغموض الذي يكتنفها. وقال خليل أمام مؤتمر البترول العالمي في مدريد «الاحتمالات بالنسبة لاسعار النفط غير مؤكدة وتتسم بالتقلب الشديد، فنحن لا نعرف ما كانت ستستقر أم ستنخفض».

وقال انه يتوقع أن ترتفع طاقة انتاج النفط الخام بمنظمة أوبك بمقدار أربعة ملايين برميل في السنوات الاربع المقبلة، وأوضح أنه رغم أن العالم يملك احتياطيات تكفي لعشرات السنين من النفط فان مصدر القلق الاساسي يتعلق بنقلها الى الاسواق. وتبدو اسعار النفط متوجهة بثبات نحو بلوغ عتبة 150 دولارا بينما يتفق العاملون في هذا القطاع المجتمعون في مدريد على استبعاد اي تراجع رغم احتجاج المستهلكين على اسعار الوقود الباهظة. وبعدما تخطت اسعار النفط الاسبوع الماضي 140 دولارا للبرميل، تواصل ارتفاعها نحو سعر 150 دولارا، وبدا الامل في تراجع الاسعار شبه معدوم بنظر خبراء هذا القطاع المجتمعين في مدريد.

ورأى رؤساء العديد من الشركات النفطية الكبرى خلال المؤتمر العالمي التاسع عشر حول النفط ان تزايد اسعار النفط ناجم عن اسباب عميقة تصعب معالجتها.