بدء جولة ثالثة من المباحثات بين سورية وإسرائيل وساركوزي يلتقي الأسد في 12 يوليو

مصادر سورية لـ«الشرق الأوسط»: من المستبعد الانتقال إلى المفاوضات المباشرة قريبا

TT

أكدت مصادر بالرئاسة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد في باريس يوم 12 يوليو (تموز) الجاري، موضحة أن تلك الزيارة تسبقها زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى باريس بعد غد الجمعة حيث يلتقي مع نظيره الفرنسي برنارد كوشنير على الغداء، ثم يلتقي ساركوزي بعد الظهر، وذلك في اول لقاء بين رئيس فرنسي ووزير خارجية سوري منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. ويأتي ذلك فيما أكد المعلم «أن المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل ترمي إلى تهيئة الأرضية اللازمة لانطلاق المحادثات المباشرة الهادفة إلى تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة». وذلك خلال حديث هاتفي أجراه أمس وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني، مع نظيره السوري. وحسب البيان الرسمي تم خلال الاتصال البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط و«خاصة عملية السلام ولاسيما على المسار السوري الإسرائيلي». وأن الوزير الإيطالي أكد «تأييد بلاده لعملية السلام على المسار السوري» وعبر عن تصميم بلاده على «دعم هذه المحادثات وصولاً إلى تحقيق هدفها».

وتزامن اتصال الوزير الإيطالي مع نقل وسائل إعلام إسرائيلية نبأ عن بدء جولة ثالثة من المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل في اسطنبول بتركيا، ولم يصدر عن دمشق أي تعليق رسمي بهذا الصدد، عدا ما سبق وقاله وزير الخارجية السوري وليد المعلم أول من أمس الاثنين بأن «جولة ثالثة من المفاوضات غير المباشرة ستبدأ قريبا». وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مسؤول إسرائيلي، أن الدبلوماسيين الأتراك سيواصلون لعب دور الوسطاء بين الوفدين، السوري والإسرائيلي، اللذين سيكونان في غرفتين منفصلتين. وبحسب المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه فان إسرائيل تأمل في إمكان بدء مفاوضات مباشرة «في الأسابيع المقبلة».

إلا أن مصادر سورية مطلعة قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها تستبعد انتقال سورية إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وإنه مازال من المبكر الحديث عن مفاوضات مباشرة قبل التأكد «من جدية إسرائيل في إعادة الجولان»، والتأكد من أن المفاوضات غير المباشرة مع سورية ليست مجرد «مناورة» سياسية إسرائيلية لتحقيق أهداف سياسية داخلية إسرائيلية، كما استبعدت المصادر بدء مفاوضات مباشرة قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش.

الى ذلك قال مصدر بالرئاسة الفرنسية مبررا دعوة الاسد الى باريس، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنه ان «الرئيس السوري لا يشكل نموذجا مثاليا على صعيد احترام حقوق الانسان لكنه بذل جهودا»، مشيرا خصوصا الى «انتخاب رئيس في لبنان.. واستئناف المفاوضات ولو بصورة غير مباشرة بين سورية واسرائيل، ما يشكل حدثا سياسيا مهما».

وقال المصدر «علينا تشجيعه»، مبررا الخطوة الفرنسية بـ«ضرورة فصل سورية عن ايران» وبقرار الرئيس السوري المجيء الى باريس والجلوس «مع قادة عرب حول الطاولة نفسها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي» ايهود اولمرت لاطلاق الاتحاد من اجل المتوسط. وافيد في قصر الاليزيه ان «جميع القادة الاسرائيليين الذين التقاهم الرئيس الاسبوع الماضي (خلال زيارة الدولة التي قام بها لاسرائيل) هنأوه على دعوة الرئيس السوري الى باريس وقالوا له انك تساعدنا».

واثارت دعوة الاسد لحضور احتفالات العيد الوطني في 14 يوليو جدلا في فرنسا واحتجاجات من جانب الغالبية النيابية اللبنانية. وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان وجود الاسد «ليس مدعاة سرور لي»، مبررا في الوقت نفسه دعوته بـ«ضرورة التحدث الى اشخاص نتعارض معهم». وجدد قصر الاليزيه التأكيد امس ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون هو «الضيف الوحيد» الذي دعته فرنسا خصيصا لحضور العرض العسكري التقليدي العيد الوطني في حين ان «جميع رؤساء الدول والحكومات الاخرين مدعوون الى قمة الاتحاد من اجل المتوسط». واوضحت الرئاسة الفرنسية انها ستحدد في 12 يوليو على ضوء اللقاء بين الرئيسين ما اذا كان بشار الاسد سيبقى لحضور احتفالات العيد الوطني.

وقبل عدة أيام، أرسل ساركوزي أمين عام قصر الإليزيه كلود غيان الى دمشق، للاجتماع بالرئيس الأسد، في ما بدا أنه مسعى فرنسي جدي لتطبيع العلاقات مع سورية. وتبرر باريس استعجال تطبيع علاقاتها مع سورية بسببين رئيسيين، جاءت على ذكرهما أمس المصادر الرئاسية: الأول يتعلق بمعاودة مفاوضات السلام السورية ـ الإسرائيلية، وإن بصورة غير مباشرة وعبر الوسيط التركي. والسبب الثاني، محاولة إبعاد سورية عن تحالفها مع إيران. وقالت المصادر الرئاسية، إنه «يتعين تشجيع» سورية على الحديث الى إسرائيل، بحثا عن إبرام معاهدة سلام بين إسرائيل وسورية. وخلال الزيارة التي قام بها ساركوزي الى إسرائيل الشهر الماضي، اقترح أن تستضيف باريس محادثات السلام وهو ما ردت عليه الصحافة التركية أول من أمس، متهمة فرنسا بالسعي إلى «سرقة» الدور التركي. أما في ما خص موضوع فك التحالف السوري ـ الإيراني، وهو ما وصفته المصادر الفرنسية أمس، بأنه «ضرورة»، فإن أوساطا دبلوماسية واسعة الإطلاع، تعتبر أن ثمة «فرصة» لتحقيق هذا الهدف، وترى أن من بين «المحفزات»، أن سورية «لا تريد أن تكون رهينة للصراع النووي الإيراني ـ الإسرائيلي»، فضلا عن ذلك، تتلمس باريس بوادر «افتراق» سوري ـ إيراني حول ملفي حزب الله في لبنان، واستقواء النفوذ الإيراني في العراق، وكلاهما مصدر «قلق» لدمشق. وخلاصة الموقف الفرنسي أن «ثمة بدائل استراتيجية حقيقية» لسورية من شأنها أن تشجعها على الابتعاد عن طهران، خصوصا أن «عوائد» مثل هذه الخطوة عربيا وأوروبيا ودوليا كبيرة.

غير أن باريس، التي ما زالت تتحفظ على وضع حقوق الإنسان في سورية، مع ذلك، تبقى «متيقظة» لما سيؤول اليه الوضع في لبنان، ولا تبدو مستعدة لفك الارتباط في العلاقة المثلثة الفرنسية ـ اللبنانية ـ السورية. من هنا استمرار الاهتمام الفرنسي بموضوع مزارع شبعا، ومساعي باريس في إيجاد مخارج لها. وانها أيضا التأكيد على أهمية الاستمرار في المحكمة الدولية ودعم باريس الدائم لها.