«بتروناس» الماليزية تقيم استثمار الغاز الإيراني بعد انسحاب «توتال»

المحللون يشكون بقدرة إيران المضي في المشروع

حقل بلال للغاز الإيراني (أ.ف.ب)
TT

بالنسبة لشركة «بتروناس» الماليزية أن التصاعد الحاد في التكلفة يجعل من المستحيل أخذ قرار فوري بخصوص الاستثمار في مشروع الغاز الطبيعي المسال الايراني الذي انسحبت منه شريكتها الفرنسية توتال قبل ايام. ولم تربط «بتروناس» الحكومية للنفط قرارها بالتوترات السياسية التي كان اساسها البرنامج النووي الايراني والذي ادى الى انسحاب شركات غربية من ايران بسبب المقاطعة.

وقالت شركة «بتروناس»، التي تسهم بنحو 44 في المائة من اجمالي الايرادات الحكومية، أمس الثلاثاء، انها مازالت تجري تقييما لمشاركتها في مشروع «بارس» للغاز الطبيعي المسال. وأكدت ما أعلنته منذ فترة بشأن استمرار اهتمامها بالغاز الايراني، لكنها أحجمت عن المضي قدما في الاستثمار. وكانت شركة «توتال» قد اعتبرت ان الاستثمار حاليا في ايران ينطوي على مجازفة سياسية كبيرة، وقالت ان «الاستثمار في ايران اليوم ينطوي على مجازفة سياسية».

وأكدت بتروناس ان ارتفاع التكاليف يجبرها على مواصلة تقييم الوضع.

وقال حسن ماريكان الرئيس التنفيذي لبتروناس، في تقرير اخباري لوكالة رويترز، «مازلنا مهتمين بالعمل في ايران. قرأت اعلان توتال لكن بصفتنا بتروناس مازلنا مهتمين بايران».

وأضاف «لكن فيما يتعلق بمشروع الغاز المسال ذاته حيث نتشارك مع «توتال» في كونسورتيوم فقد قلت من قبل انه لا يمكننا اتخاذ قرار نهائي فيما يتعلق بذلك المشروع بسبب ارتفاع التكاليف ولاننا لم نستكمل مناقشاتنا مع الايرانيين». ومددت ايران أكثر من مرة مهلة البت في المشروع لشركة توتال التي تبلغ حصتها فيه 40 في المائة وبتروناس التي تبلغ حصتها عشرة في المائة.

ورد وزير النفط الايراني غلام حسين نوذري قبل ايام على قرار «توتال» قائلا إن ايران ستمضي قدما في تنفيذ مشروع تطوير حقل الغاز سواء بمشاركة شركة «توتال» أو من دونها، وقال نوذري «هذه رسالتنا، سنستمر في التطوير بهم أو من دونهم».

وسئل الرئيس التنفيذي لبتروناس عما اذا كان بوسع شركته المضي قدما في المشروع وحدها بدون توتال، فأجاب «نحن قادرون على تنفيذ مشروعات غاز طبيعي مسال، ولكن هناك عوامل أخرى لذا علينا أن نجري تقييما».

ويعتقد محللون ان قرار شركة «توتال» يعد بمثابة «ضربة قوية لصناعة الطاقة في إيران». ووصف سامويل كيزوك، الخبير في شؤون الطاقة في الشرق الأوسط، ويعمل لدى «غلوبال انسايت» قرار «توتال» في تصريح لجريدة «الفاينانشال تايمز» بأنه «ضربة قاتلة» لمشروع الغاز الطبيعي الايراني الطموح، لان ذلك سيحرمها من اكتساب المعرفة التقنية في هذا المجال، حتى لو تمكنت من إشراك روسيا او الصين بذلك. ووقعت مجموعة «غازبروم» الروسية مع ايران يوم الاحد الماضي اتفاقا يقضي بان تقوم الشركة الروسية العملاقة بمساعدة طهران على تطوير حقولها من النفط والغاز، اي بعد ايام من انسحاب شركة «توتال» من الصفقة التي تقدر بمليارات الدولارات. وذكرت وكالة وزارة النفط الايرانية للانباء (شانا) ان «شركة النفط الايرانية الوطنية وشركة غازبروم وقعتا اتفاقا يتعاون فيه الطرفان لتطوير حقول النفط والغاز الايرانية».

ولم يتم الكشف عن اية تفاصيل مالية للاتفاق، الا ان توقيعه يدل على عزم ايران على الحصول على المساعدة الروسية لاستغلال مواردها من الطاقة في الوقت الذي تنسحب فيه شركات غربية بسبب الضغوط السياسية.

وتحاول ايران المضي في مشروعها بعد ان وقعت عقودا مع عدد من الدول لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال. وقالت «بي.تي.تي» التايلاندية التي أبرمت اتفاقا مبدئيا مع ايران لشراء ثلاثة ملايين طن من الغاز الطبيعي لمدة 20 عاما انها مازالت في انتظار معرفة ما اذا كان الاتفاق سينفذ. وقال متحدث باسم الشركة «مازلنا ننتظر ..لا يعني ذلك أن الاتفاق انتهى كليا. من جانبنا لا يزال عقد ثلاثة ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا قائما. مازلنا نناقشه لكن لا نعرف متى يمكنهم بدء الانتاج».

وتهافتت شركات النفط الاوروبية والاسيوية على الاستثمار في صناعة الغاز في ايران، وكان اغراء ثاني أكبر احتياطيات في العالم يقلل من تأثير الضغط الاميركي لابعاد الاستثمارات الخارجية.

ويعتقد بعض الخبراء ان احتياطيات الغاز الايرانية الضخمة ستبقى بدون استغلال الى حد كبير مادامت التوترات السياسية تبعد الشركات الغربية. ويضيف سامويل كيزوك «صغر عدد الشركات التي تمتلك خبرة في ادارة بناء مصانع تسييل يجعل مضي ايران قدما بمفردها أقرب الى المستحيل».

ولم تصدر ايران بعد أي غاز طبيعي مسال ولكنها تقول انه سيكون بوسعها انتاج 77 مليون طن سنويا بحلول عام 2014. وهو أكثر من مثلي الكمية التي تنتجها قطر أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال بعد نحو عقدين من الاستثمارات الثابتة.

ويقول محللون ان تأجيل الاستثمارات يعني أن ايران ستحقق انجازا اذا صدرت أي غاز طبيعي في غضون سبعة أعوام سواء بمساعدة أجنبية أو بدونها.