بلجيكا: رئيس الوزراء يقدم استقالة حكومته.. والملك يتمهل في قبولها

بعد انتهاء المهلة المحددة لإنهاء الأزمة الطائفية من دون التوصل إلى نتائج

رئيس الوزراء البلجيكي يغادر قصر بيلفيدير بعد تقديم استقالته للملك (رويترز)
TT

انتهت المهلة المحددة للحكومة البلجيكية الحالية لإيجاد حلول للازمة الطائفية التي تواجه البلاد بسبب الخلافات بين الفرانكفونيين والفلامنكيين، ومع انتهاء المهلة وضع رئيس الوزراء البلجيكي ايف ليترم نهاية لحكومته بتقديم استقالة الى الملك ألبرت الثاني ملك بلجيكا في وقت متأخر من مساء اول من أمس.

وشهد القصر الملكي في بروكسل مشاورات بين الملك ورئيس الحكومة وشخصيات سياسية وحزبية اخرى، استمرت حتى الساعات الاولى من صباح امس. واعلن القصر الملكي بعدها ان العاهل البلجيكي لم يقبل او يرفض استقالة حكومة رئيس الوزراء ليترم.

ويأتي ذلك وسط مخاوف من ان يتكرر المشهد من جديد وتشهد البلاد فترة طويلة من المشاورات بين القوى السياسية على غرار ما حدث عقب الانتخابات واستمرت المشاورات تسعة اشهر وتولت الحكومة السابقة تسيير امور البلاد بشكل مؤقت.

وجاء تقديم حكومة ليترم استقالتها بعد أن فشلت في إيجاد أرضية مشتركة بشأن خطة إصلاح في مدة زمنية محددة، وكان من المفترض ان يقدم رئيس الحكومة بيانا امام اعضاء البرلمان البلجيكي بعد ظهر أمس، ولكن خلافات داخل الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء وحزب الاتحاد الفلامنكي الشريك في الائتلاف، كانت وراء قرار ليترم التقدم بالاستقالة. وواجه ليترم عدم ترحيب من جانب زملائه وشركائه لمقترحه القاضي بتأجيل تسوية ملف الاصلاح المؤسساتي وازمة ضواحي بروكسل المتنازع عليها بين الفلامنكيين والفرانكفونيين. وكان رئيس الوزراء المستقيل يريد الاعلان عن فتح حوار بين الطوائف التي يتكون منها المجتمع البلجيكي، للاتفاق على حلول للمشاكل والقضايا العالقة ودون تحديد جدول زمني. ولكن اصواتا داخل الحزب الديمقراطي المسيحي والتحالف الفلامنكي، قالت انها لن تخوض الانتخابات المحلية القادمة في العام 2009 اذا لم تحل القضايا العالقة، وانهم لا يريدون اللجوء الى الحلول المؤقتة ووضع الملفات في الثلاجة.

والان اصبح هناك اكثر من خيار امام الملك البرت، اولها رفض الاستقالة ومطالبة رئيس الحكومة بالاستمرار في العمل لتسيير أمور البلاد لحين اجراء مشاورات سياسية وحزبية جديدة. او اختيار نائب رئيس الوزراء للشؤون المالية رينيه ديدير زعيم حزب حركة الاصلاح الفرانكفوني وثاني اكبر الاحزاب الرابحة في الانتخابات الاخيرة التي جرت منتصف العام الماضي، لكي يقوم بتشكيل حكومة مؤقتة او الدعوة الى انتخابات جديدة في البلاد وهو امر يعارضة الفلامنكيون الاغلبية.

يذكر انه وبهدف اعتماد عدد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية من جهة، واعتماد سلسلة من الإصلاحات المؤسساتية لنقل صلاحيات من الحكومة الاتحادية للمقاطعات المختلفة من جهة أخرى، فقد شهدت الايام القليلة الماضية تكثيفا للاتصالات. واجتمع رئيس الحكومة البلجيكية مع ممثلي القوى السياسية السبعة الرئيسية في البلاد، ضمن محاولاته انتزاع موافقتها على خطة إنقاذ الحكومة.

وكانت الإذاعة البلجيكية قد ذكرت في وقت سابق أن رئيس الوزراء أبدى تفاؤلا نسبيا بشأن تمرير عدد من الملفات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، ولكنه التزم الحذر التام بشأن الشق المتعلق بإصلاح مؤسسات الدولة الاتحادية، والاستجابة لمطالب الطائفة الفلامنكية التي تطالب بمزيد من الصلاحيات وبوضعية الحكم الذاتي.

وقالت الأحزاب الفلامنكية، إنها اعدت خطة بديلة في حال فشل للمفوضات، في تهديد مباشر للأحزاب الفرانكفونية التي لاتزال متمسكة بموقفها الرافض لأي تنازل في مجال منح الطائفة الفلامنكية مزيدا من السلطات السياسية والإدارية والاقتصادية. ويمكن القول إن كافة الجهود كانت تتمحور في كيفية تلبية شروط الطائفة الفلامنكية المطالبة بوضعية الحكم الذاتي ودون المساس بالمزايا المالية والاقتصادية والضريبية الهائلة التي تتمتع بها مقاطعة والونيا الفرانكفونية ذات الأقلية السكانية.

كما أن وضعية ضواحي مدينة بروكسل ومستقبل إدارتها تمثل أيضا محور خلاف حاد بين الطائفتين، وقد انتهت الاجتماعات المخصصة لهذا الغرض دون صدور توضيحات حول التوصل الى حلول. وقبل ايام أعلن رئيس الحكومة البلجيكية تسجيل اتفاق بشأن الموازنة العامة للدولة، وقال ان الأمور تتجه نحو الأفضل.

ورد الفلامنكيون بالقول إن الحكومة الاتحادية الحالية في بروكسل يجب أن تتخلى عن ادارة شؤون البلاد في حال فشل المفاوضات الحالية بشأن إصلاح مؤسسات الدولة الاتحادية، وتمكين المقاطعات من صلاحيات إضافية أولا، وحل إشكالية الضواحي المحيطة ببروكسل العاصمة ثانيا، التي يشترط الفلامنكيون الإبقاء على طابعها الفلامنكي البحت.