صلاح حنين: الاتفاقات مع سورية عقدت خلال الوصاية.. والتبادل الدبلوماسي يلغي «المجلس الأعلى»

العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية في ميزان خبير قانوني

TT

بعد خلافات جذرية بين لبنان وسورية ظهرت الى العلن مع اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، عاد اخيرا الحديث عن اقامة علاقات دبلوماسية بين الجارين اللذين باعدت بينهما الملفات السياسية والامنية المتشعبة، اضافة الى غيرها من الملفات العالقة منذ عقود. والحديث عن اقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين وتبادل سفراء وسفارات سيكون بمثابة خطوة اولى على طريق طويل لمعالجة الملفات العالقة بينهما. وهذا الطريق سيكون حتما مرهقا. اذاً بعد الاتفاق على تبادل السفارات، ما هي الملفات المفترض ان يبحث فيها فريقا البعثات الدبلوماسية؟ وما سيكون دور المجلس الاعلى السوري ـ اللبناني؟ وكيف ستنسج سورية علاقاتها مع لبنان عبر المؤسسات الحكومية وليس عبر القوى او الاحزاب أو حتى العائلات السياسية؟ وما سيكون مصير «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق؟».

عن هذا الموضوع تحدث النائب السابق الخبير القانوني اللبناني صلاح حنين الى «الشرق الاوسط» فقال: «ان تبادل سفارات بين اي دولتين يرمي الى توطيد العلاقة بينهما، فكيف اذا كانت هذه العلاقة مع دولة حدودية؟ لذلك من المهم جدا قيام علاقات دبلوماسية بين لبنان وسورية، لما سيعود به من نفع على الدولتين ولما من شأن ذلك ان ينعكس ايجابا على المصالح المشتركة بينهما. ولكن يجب التنبه الى ان هناك ملفات قديمة وشائكة عالقة مع سورية ستكون في انتظار معالجتها التي بدورها ستنعكس ايجابا على مصلحة الدولتين. فعلى سبيل المثال، بالنسبة الى الحدود فهي تحتاج أولا الى ترسيم دقيق لحل قضية مزارع شبعا وثانيا الى ضبط منعا لتهريب السلاح الذي يهدد الاستقرار اللبناني ويوقظ غرائز البعض».

وعن مصلحة سورية في معالجة هذا الملف، قال: «في الواقع ان التطرّق الى بعض الامور يتجاوز المصالح الصغيرة. فضبط الحدود أمر اساسي يحكم منطق العلاقات بين الدول. على سبيل المثال الولايات المتحدة تخصص ميزانية ضخمة لضبط حدودها المترامية الاطراف مع المكسيك. وأيضا بالنسبة الى سورية، معالجة هذا الملف ستكسبها مصداقية اكبر امام المجتمع الدولي وستحسّن صورتها امامه. هذا الملف وغيره من الملفات سيشكّل عملا اساسيا للسفيرين الموعودين. فعادة السفراء هم من يمهّدون لمعالجة هذه المواضيع عبر الاجتماعات التي يعقدونها مع المسؤولين في الدولة المعتمدين لديها». ولفت الى ان «لبنان يجب ان يلعب دوره الريادي في تجارة الترانزيت كما في السابق. فمرفأ بيروت هو الاعمق في المنطقة ولذلك فهو قادر على استقبال أكبر عدد من السفن. وعلى سورية في هذا الاطار، ان تنظّم مرور الشاحنات من لبنان الى سورية لقاء رسوم معقولة. فيعود ذلك بالفائدة على خزينتها كما يساعد لبنان على الاضطلاع بدوره هذا».

كما اشار الى ان «موضوع اليد العاملة السورية التي يحتاج اليها لبنان يجب ان يصار الى تنظيمه بما يضمن التوازن في مصالح الدولتين. ويجب مثلا ان تستحدث بطاقات ممغنطة لدخول العمال السوريين الى لبنان حتى يكون بالامكان مراقبة عدد هؤلاء العمال، بالاضافة الى فرض ضريبة، وإن رمزية، عليهم بغية ضمان العدالة. كما يجب ان توضع مهل معينة لمن يأتون بحثا عن عمل في لبنان، فليس مقبولا ان يقيموا فترة غير محددة اذا لم يجدوا عملا. كل هذه التفاصيل تحتاج الى درس دقيق. وطبعا وضع اتفاق بشأنها وبشأن غيرها من المواضيع، لا يتم الا برضى الطرفين وقبولهما. ذلك ان كل الاتفاقات التي سبق ان عقدت كانت خلال فترة الوصاية السورية، اي خلال فترة عدم توازن سياسي، ما جعل هذه الاتفاقات تصب في مصلحة سورية وتنكر مصلحة لبنان. وهذا ينطبق على كل المعاهدات التي لا ترعى التوازن بين البلدين، خصوصا تلك المتعلقة بالمياه.