رسالة مسربة ردا على سلة الحوافز: إيران لن تقدم المزيد من التنازلات

نجاد لا يستبعد محادثات مع واشنطن في المستقبل القريب

عمال ايرانيون يحملون شاحنة عراقية ببضائع ايرانية متجهة الى العراق (أ.ف.ب)
TT

سربت رسالة ايرانية أمس تضمنت رد طهران على سلة الحوافز الجديدة التي قدمتها لها الدول الغربية والتي من المفترض ان يتلقى مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ردا عليها السبت المقبل من قبل مسؤول الملف النووي الايراني سعيد جليلي في جنيف.

وجاء في الرسالة الايرانية السرية التي نشرها موقع مجلة فرنسية أسبوعية على الانترنت وأكدته مصادر دبلوماسية لوكالة رويترز، أن ايران أبلغت القوى الكبرى أنها لن تدخل في مزيد من المحادثات من أجل تقديم «تنازلات» بخصوص برنامجها النووي لكنها ترغب في التفاوض بخصوص اتفاق أوسع بشأن السلام والامن.

وتجاهل الرد الذي أرسل في الرابع من يوليو (تموز)، مطلب القوى الست وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين لايران بتعليق تخصيب اليورانيوم مقابل حزمة الحوافز لكنه أوضح أن هذا الامر غير قابل للتفاوض. وقالت النسخة الانغليزية من الخطاب الذي جاء في ثلاث صفحات والموقع من وزير الخارجية منوشهر متكي: «ليست لدينا النية لتغيير هذا النهج»، في اشارة الى سعي طهران لصنع الوقود النووي.

وكتب متكي في الرسالة يقول: «لقد انتهى وقت التفاوض من موقع عدم المساواة الذي ينطوي على تقديم تنازلات»، مشيرا الى انعدام ثقة طهران «بسبب السلوك الذي ينطوي على ازدواج في المعايير لقوى كبرى معينة والمتأصل في العقلية الاستعمارية لما بعد الحرب العالمية الثانية». واضاف الخطاب: «لقد تغير العالم... أعد الشعب الايراني خططا لتقدم بلادهم دون طلب المساعدة من اخرين».

ولم يتطرق متكي الى الحوافز التي وردت في الحزمة المعدلة. كما تجاهل مقترح القوى الكبرى لتخفيف الازمة بشأن الشروط المسبقة للمفاوضات والذي بموجبه تجمد ايران التوسع في تخصيب اليورانيوم لستة أسابيع مقابل تجميد اتخاذ خطوات لفرض مزيد من العقوبات من أجل اطلاق «مفاوضات تمهيدية».

وجدد متكي التأكيد على موقف ايران القائل بأن الضغوط عليها لوقف البرنامج «غير مشروعة» لان مفتشي الامم المتحدة لم يعثروا على أي أدلة على تحويل نشاط التخصيب الى صنع أسلحة. لكن خطابه أشار الى «أوجه شبه عديدة» بين اقتراح ايراني في مايو (ايار) الماضي من أجل حوار شامل، وهو الاقتراح الذي تجاهل أيضا قضية تعليق التخصيب، وبين عرض الحوافز الذي قدمته القوى الكبرى وقال انه يمكن بدء مفاوضات موسعة على هذا الاساس. واعتبر أن مثل هذا الحوار الشامل وحده هو ما يمكن أن يفضي الى سلام وأمن دائمين في الشرق الاوسط وما وراءه. وقال دبلوماسي أوروبي معتمد لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعليقا على الرسالة لوكالة رويترز: «جاء نص الرد الايراني الى حد كبير عند أدنى مستوى لتوقعاتنا. انه غير مفيد حقا. قد يكون الامر هو أن الخطاب موجه بشكل أكبر الى مستمعين محليين وأنهم من الممكن أن يقولوا شيئا مختلفا للاخرين. سيتطلع سولانا في جزء من مهمته لمعرفة ما اذا كانت ايران أكثر استعدادا للانخراط في.. تجميد مقابل التجميد بصورة مبدئية لحل الازمة في هذه العملية».

من جهته، قال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد إن محادثات بين البلدين «ممكنة في المستقبل القريب»، علما ان الولايات المتحدة قطعت علاقاتها الدبلوماسية بايران منذ العام 1980 بعد ازمة احتجاز الرهائن الاميركيين.

وقال نجاد في مقابلة مع التلفزيون الايراني العام اوردتها وكالة الانباء الايرانية: «من الممكن اجراء محادثات في مستقبل قريب مع الولايات المتحدة حول مواضيع مختلفة». وأشار الى ان المحادثات المحتملة مع الولايات المتحدة «لن تكون على المستوى الحكومي بل على مستويات اخرى»، وقال: «اذا ارادت الولايات المتحدة محادثات مع ايران فيجب ان تتم ضمن شروط عادلة». وقال الرئيس الايراني ان «بعض الامور ستحصل» في الاشهر المقبلة، معتبرا ان اي قوى عظمى في العالم لا يمكنها ان تتجاهل ايران. واضاف: «مهما كان الحزب السياسي الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، عليه ان يدرك ذلك. لقد تلقينا عدة رسائل بهذا الخصوص». الا ان نجاد كرر ان بلاده لا تقبل اي شروط مسبقة للتفاوض حول برنامجها النووي مع الدول الكبرى رافضا مجددا تعليق عملية تخصيب اليورانيوم. واعلن ان «المفاوضات يجب ان تكون بدون شروط مسبقة لاننا لا نقبل بأي حال من الاحوال شرط تعليق التخصيب مسبقا».

لكنه اكد ان جليلي وسولانا سيبحثان في شروط المفاوضات المقبلة حول النووي خلال لقائهما المتوقع السبت المقبل في جنيف. وقال الرئيس الايراني انهما سيتناولان «اطار المناقشات وجدولها الزمني لاتاحة الدخول في مفاوضات رسمية». وردا على سؤال حول الجدول الزمني، قال: «ليس مهما ان تدوم المناقشات اربعة اسابيع او ستة او ثمانية»، دون اعطاء مزيد من التفاصيل.

كذلك، أكد نجاد انه يعتزم حضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل، وقال انه سيتحدث عن «حكم العالم بالعدل» خلال الزيارة التي ستكون ثالث زيارة له لمقر الامم المتحدة في نيويورك منذ تولى منصبه في عام 2005. وقال: «سأحضر الجمعية... ويجب على أي حكومة أميركية أن تفهم انه يجب عليهم أن يكفوا عن ترهيب الاخرين وان يحاولوا التفاعل مع ايران».

من جهته، دعا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي الى مواصلة الحوار مع ايران دون ان يبدي تفاؤلا لجهة التوصل الى حل للمشكلة النووية الايرانية. ولخص كوشنير الموقف الاوروبي بقوله «اننا لا نعتمد عقوبات دون محاولة التحاور» مع ايران. واضاف امام اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي: «نريد اعتماد هذه السياسة مع ادراكنا ضرورة الحزم ويجب الا نقبل بوجود قنبلة ذرية اضافية في هذه المنطقة». وأشار الوزير الفرنسي الى ان هذا الحوار ظل حتى الان بلا جدوى، وقال: «لقد تحدثت بشكل مطول مع الايرانيين ولساعات طويلة ولم نحرز اي تقدم في العمق. سنواصل لكن يجب ان يكون معروفا اننا حاولنا كثيرا اصلا». واضاف: «حتى الان كان الرد الايراني على الشكل التالي: نرغب تماما في الحوار لكن ليس بشأن تخصيب اليورانيوم».