المهندس محمود طيبة.. إداري محنك مولع بالتخطيط والإدارة

وفاة نائب رئيس مجلس الشورى السعودي

محمود بن عبد الله بن عبد القادر طيبة
TT

خسرت السعودية أول من أمس، بوفاة نائب رئيس مجلس الشورى، المهندس محمود بن عبد الله بن عبد القادر طيبة، إدارياً محنكاً، خبرته الإدارية تتجاوز الـ40 عاماً تنقل خلالها في مواقع إدارية مختلفة ومرموقة، حارب من خلال كرسيه البيروقراطية التي كرهها، وحاول أن يكرس قيمة العمل في نفوس مرؤوسيه طوال فترة حياته العملية التي امتدت إلى آخر سنوات عمره.

طيبة الذي وافته المنية بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز الـ 81، ولد في مكة المكرمة عام 1929، وحصل على شهادته الجامعية الأولى في الهندسة الكهربائية من جامعة القاهرة في عام 1956، ثم تابع دراسته بعدها في الهندسة الميكانيكية بجامعة ليهاي بالولايات المتحدة الأميركية.

وعن الراحل قال الدكتور محمد الحلوة عضو مجلس الشورى: سجله الوظيفي حافل بالمناصب قبل أن يتوج بشغله لمنصب نائب رئيس مجلس الشورى السعودي، الذي حظي بعضويته ابتداءً من عام 1997، وتنقل قبلها في عدة وظائف ابتداءً من عمله في أرامكو، ومن ثم شغله لمنصب مدير عام شؤون الصناعة بوزارة التجارة، ومدير عام مركز الأبحاث والتنمية، ووكيل لوزارة التجارة والصناعة، ومحافظ للمؤسسة العامة للكهرباء، ورئيس لمجلس إدارة الشركة السعودية الموحدة للكهرباء بالمنطقة الشرقية.

وتحدث الدكتور محمد الحلوة عضو مجلس الشورى، عن الفقيد، عادا إياه أحد رموز المجتمع والدولة. وقال «لقد خدم المهندس طيبة في عدة مجالات، وكان له دور في الدفع بالتنمية الوطنية في عدد من قطاعات الدولة». ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اهتمام الفقيد الراحل، بالعمل الخيري داخل وخارج السعودية، أعطى لشخصيته بعدا إسلاميا كبيرا، حيث كان مهتما بعمل الخير في كثير من بلدان العالم الإسلامي.

وشرح الدكتور الحلوة، كيف كان المهندس محمود طيبة، يسعى دوما لتقريب وجهات النظر ما أمكن بين أعضاء مجلس الشورى، خصوصا في الموضوعات التي تشهد تباينا كبيرا في الآراء، وذلك من أجل الوصول في نهاية المطاف لقرار يتفق عليه الجميع.

يشار إلى أن المهندس طيبة، حظي بعضوية مجالس إدارة الكثير من الشركات، منها الخطوط الجوية العربية السعودية، وإدارة بترومين، وإدارة مؤسسة الخطوط الحديدية السعودية، وإدارة هيئة المواصفات والمقاييس، وإدارة المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق وغيرها.

ونال المهندس طيبة، أوسمة وميداليات على رأسها وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، ووسام (فارس أعظم) من دولة الباكستان، ووسام الجمهورية التونسية من الصنف الأول، ووسام مفتاح مدينة تايبييه، ووسام النجم الساطع من حكومة الصين الوطنية.

وكان الفقيد صاحب شخصية جادة ومحافظة، تقتصر متابعتها على برامج الأخبار وبعض البرامج الدينية، وله وجهة نظر قاسية بعض الشيء في حق وسائل الإعلام، ربما كانت السبب وراء قلة مقابلاته وتصريحاته الصحافية، إلا أنه كان يولي اهتماماً كبيراً للنواحي الاجتماعية والإصلاحية، خاصة فيما يتعلق بالشباب والمرأة، وكانت مداخلاته حول هذه المسألة تستند دائماً إلى أن عمل المرأة مقبول ومطلوب بضوابطه الشرعية، وهو يميل إلى الاجتهاد ومن دعاة فتح بابه بضوابطه الشرعية، كما ذكر في إحدى مقابلاته الصحافية النادرة، ورأيه دائماً حاضر لينتقد الظواهر الاجتماعية السلبية بدءاً بمشكلة غلاء المهور التي كان يشير إليها دائماً في حديثه ويفخر بأنه زوج بناته الثلاث بمهر لا يتجاوز الـ 2000 ريال فقط ليثبت للمجتمع بأن الخطأ مرفوض.

ومما عرف به طيبة، حبه للسياحة الداخلية، حيث كان يهوى مكة المكرمة والمدينة المنورة بشكل خاص، وتستهويه طبيعة أبها، ويكره البيروقراطية ويرى أنها آفة المتنفذين. ويرى الدكتور محمد الحلوة، أن أكثر ما ميز المهندس طيبة، كان نزاهته في أداء أعماله، لدرجة أنه كان يكره المحسوبيات أو الأساليب الملتوية. وكان لتجربة الراحل العملية الطويلة في ميادين الإدارة قصب السبق في إكسابه قناعة بأن الإدارة لها الأهمية على النواحي الفنية وغيرها، برغم تخصصه العلمي الدقيق، وكان مولعا بوضع الخطط والترتيب في عمله لأقصى درجة.

الجانب الآخر من شخصية المهندس طيبة والذي لم يكن يحب الحديث عنه كثيراً، وكان يستهلك الكثير من وقته واهتمامه، هو ولعه بالأعمال الخيرية، وبشكل خاص رعاية الأيتام، الذين شملهم بعطفه وحنانه الأبوي من خلال جمعية رعاية الأيتام بمكة المكرمة والتي تولى رئاسة مجلسها، وعنايته بالأطفال المعاقين من خلال عضويته في إدارة جمعية رعاية الأطفال المعاقين من عام 1989 وحتى 1998.