سائق بن لادن يسعى لطلب الرأفة أمام محكمة الاستئناف

قرار إدانة حمدان يغذي الجدل حول المحاكم الاستثنائية

TT

من المتوقع أن يتقدم السائق السابق لأسامة بن لادن، بطلب لهيئة المحلفين المؤلفة من أعضاء بالبنتاغون، والتي أدانته بارتكاب جرائم حرب، لإعفائه من عقوبة السجن مدى الحياة، حسبما أعلن محامو الدفاع الممثلين له. وقد اغرورقت عينا سالم حمدان بالدموع يوم الأربعاء، لدى سماعه حكم هيئة المحلفين المؤلفة من ستة ضباط في أول محاكمة أميركية لاتهامات باقتراف جرائم حرب منذ الحرب العالمية الثانية. وصدر الحكم بإدانة حمدان، بالمساعدة في أعمال إرهابية، بينما برأته المحكمة من تهمة التآمر. من ناحيته، صرح العقيد لورانس موريس رئيس هيئة الإدعاء، أن الفشل في إدانة حمدان، بكلا الاتهامين الموجهين إليه، سيمثل عاملاً في تحديد العقوبة التي سيوصي بها هو والفريق المعاون له يوم الخميس داخل المحكمة. يذكر أن حمدان يواجه إمكانية السجن مدى الحياة كأقصى عقوبة ممكنة. وقال موريس: «بالتأكيد علينا إعداد توصيتنا بشأن العقوبة المقترحة، بما يتوافق مع ما توصلت إليه هيئة المحلفين».

ومن المقرر أن يتم استئناف الحكم بصورة تلقائية أمام محكمة استئناف عسكرية خاصة في واشنطن. بعد ذلك، باستطاعة حمدان الاستئناف أمام المحاكم المدنية الأميركية أيضا. من ناحية أخرى، أشاد المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض توني فراتو، بما وصفه بالمحاكمة العادلة، مضيفاً أن هيئة الإدعاء سوف تمضي قدماً فيما يتعلق بالمحاكمات الأخرى لاتهامات جرائم الحرب داخل القاعدة العسكرية الأميركية المنعزلة الواقعة جنوب شرقي كوبا. وتنوي هيئة الإدعاء محاكمة قرابة 80 من محتجزي غوانتانامو، بناءً على اتهامات بارتكاب جرائم حرب، بينهم 19 تم توجيه الاتهامات إليهم بالفعل. من ناحيتهم، قال محامو الدفاع إن حمدان، تعرض للحرمان من حقوقه بسبب خوضه عملية قانونية غير عادلة تم الإسراع في صياغتها، في أعقاب حكم المحكمة العليا بأن نظام المحاكم السابق يشكل انتهاكاً للقانونين الأميركي والدولي. وفي بيان له، أكد محامو حمدان أن: «التاريخ والرأي العام العالمي سيحكمان في ما إذا كانت الحكومة أثبتت بالفعل نزاهة هذا النظام». يذكر أن حمدان اليمني الجنسية، لم يدل بشهادته أمام هيئة المحلفين أثناء المحاكمة، لكن محامي الدفاع هاري شنيدر، قال إن السجين ينوي طلب الرأفة خلال جلسة الاستماع للحكم، إما من خلال شهادة حية أو بيان كتابي يقدمه إلى المحلفين. وكان حمدان قد احتجز في غوانتانامو منذ مايو (أيار) 2002. ولم تحدد المؤسسة العسكرية أين سيقضي حمدان عقوبته، لكن قائد مركز الاحتجاز، العميد البحري دافيد توماس، صرح الأسبوع السابق بأن المحتجزين المدانين سيتم حبسهم بمعزل عن باقي المحتجزين. جدير بالذكر أنه في ظل المحاكمة العسكرية، لا يتمتع حمدان بجميع الحقوق التي عادة ما يحظى بها المتهم أمام أي من المحاكم المدنية أو العسكرية الأميركية، خاصة أن القاضي سمح بالشهادات السرية واعتمد أدلة تقوم على الشائعات والأقاويل. كما أن حمدان لم يتم تنبيهه مسبقاً بشأن حقوقه. علاوة على ذلك، قال محامو حمدان، إن التحقيقات التي جرت داخل مركز الاحتجاز في غوانتانامو غلبت عليها التكتيكات القسرية، مثل الحرمان من النوم والحبس الانفرادي. ويأتي كل ذلك متعارضاً مع المحاكم العسكرية التي تم استخدامها في محاكمة الجنود الأميركيين، ممن شاركوا في حربي العراق وفيتنام، والتي منحت المتهمين المزيد من الحقوق. وكانت هيئة محلفين مكونة من خمسة رجال وامرأة واحدة قد أدانت حمدان بدعم الإرهاب، وقبلت حجة الإدعاء بأن حمدان ساعد الإرهاب بتحوله إلى عضو في تنظيم «القاعدة» في أفغانستان وعمله كحارس مسلح وسائق لـبن لادن، بينما كان على علم بأن زعيم «القاعدة» يخطط لشن هجمات ضد الولايات المتحدة. إلا أن المحكمة لم تدنه بتهمة أنه كان على علم بأن عمله سيتم استغلاله لصالح الإرهاب، وتنقله صواريخ أرض ـ جو لـ«القاعدة». كما أشار نائب رئيس فريق الدفاع مايكل بيريجان، إلى أنه جرت تبرئة ساحة حمدان من تهمة التآمر، باعتباره كان جزءًا من جهود «القاعدة» لمهاجمة الولايات المتحدة، وهي أخطر الاتهامات الموجهة إليه. ونوه بيريجان بأن التآمر كان الاتهام الوحيد الذي واجهه حمدان في الأساس، عندما دفعت قضيته المحكمة العليا لوقف النظام السابق للمحاكمات العسكرية. بينما أضافت هيئة الإدعاء الاتهامات الجديدة بعد إعادة إدارة بوش صياغة القواعد الخاصة بالمحاكمات العسكرية. من جهة أخرى لن يؤدي قرار القضاة العسكريين، الذي صدر اول من امس، بعد محاكمة استمرت 15 يوما، وأدين فيه سليم حمدان، الذي كان سائق زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن بمساعدة التنظيم، الى تهدئة الجدل حول المحاكم الاميركية الخاصة بـ«الحرب على الارهاب». واسقط القضاة تهمة التآمر عن حمدان، لكنهم دانوه بتقديم دعم مادي لـ«القاعدة». وهي اول محاكمة كاملة منذ فتح معتقل قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا في نهاية 2001. ويفترض ان يصدر القضاة الآن حكمهم على حمدان، الذي يمكن أن يعاقب بأقصى عقوبة، وهي السجن مدى الحياة. وطغى الجدل على نظام المحاكم العسكري بحد ذاتها، التي قال منتقدوه إنه فشل في البرهنة على قدرته على ضمان العدالة، على مصير حمدان. وفي ذلك الوقت، قال الرئيس الاميركي جورج بوش انه مقتنع بأنه ينبغي اما اعادة المعتقلين الى بيوتهم أو محاكمتهم، بينما أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ان المحاكمة ستكون عادلة. بينما أعلن البنتاغون ان محاكمات ستجرى لعشرين آخرين من معتقلي غوانتانامو. أما محامو الدفاع، فقد اكدوا انهم سيستأنفون الحكم متسائلين عما اذا كان عمل اسامة حمدان سائقا لدى بن لادن، يمكن ان يوصف بجريمة حرب، ملفتين إلى أن الأدلة المشكوك فيها، التي قدمت اثر عمليات استجواب قاسية. وقال احد هؤلاء المحامين مايكل بيريغان للصحافيين، بعد صدور القرار «هل الدعم المادي جريمة حرب؟ الدفاع لا يعتقد ذلك». وانتقد ادانة حمدان بموجب قانون صدر في 2006 ونص على انشاء المحاكم العسكرية، بعد فترة طويلة من اسره في افغانستان في 2001. من جهتها، انتقدت منظمة العفو الدولية، كل نظام اللجان العسكرية، وقالت انه «يجب التخلي عن هذه المحاكم في كل القضايا».

خدمة «نيويورك تايمز»