المساعدات الأميركية العسكرية للبنان ستبقى عينية ولمهمات محدودة ودفاعية في طبيعتها

كي تكون صواريخ حزب الله فعالة يجب أن تكون منصوبة ضمن شبكة مترابطة

TT

على الساحة المحليّة اللبنانيّة تطوّرات دراماتيكيّة تؤشّر الى شيء قادم حتما. وقد تكون هذه التطوّرات، وكأنها استعداد لشيء ايجابيّ آتٍ لا محالة على صعيد المنطقة. كذلك يمكن اعتبارها وكأنها تحضير للسيناريو الاسوأ، اي الحرب على جبهات متعدّدة. هناك زيارة القائد الاميركي بترايوس، كما مضمون البيان الوزاري.

فماذا عن هذه المؤشرات؟

> قد تُفسّر زيارة الجنرال الاميركي ديفيد بترايوس ـ قائد المنطقة الوسطى إلى بيروت على انها طبيعيّة لان لبنان يقع ضمن منطقة مسؤولياته. وهي ايضا، رسالة دعم للجيش اللبناني، خاصة ان الكونغرس الاميركي كان قد خصّص ما يقارب المليار دولار كمساعدة عسكريّة له. وقد تُفسّر على انها رسالة لمن يعنيهم الامر، على ان لبنان لا يزال من صلب مصالح الولايات المتحدة الاميركيّة. وقد يعتبر الوضع، ممن يعتمد نظريّة المؤامرة، على ان الزيارة اتت للتحضير لحرب ما على «حزب الله»، ولمعرفة ما يجري في اعالي الجبال اللبنانيّة ـ صنّين والباروك. ردا على هذه التفسيرات قد تُطرح الاسئلة التاليّة:

> هل يمكن لاميركا ان تسلّح الجيش اللبناني لدرجة متقدمّة تجعله يضرب «حزب الله»؟ بالطبع كلاّ. فالاميركيون يعرفون التركيبة اللبنانيّة، كما ان حوادث 7 ايار في بيروت كانت دليلا على ذلك. إذا ستبقى المساعدة عينيّة ورمزيّة ولمهمّات محدودة دفاعيّة في طبيعتها. حتى ان اميركا تخاف، وفي حال سلّحت الجيش بالسلاح الثقيل والمتطوّر، من ان يقع هذا السلاح في يد «حزب الله» في حال السيناريو الاسوأ في لبنان.

> هل يمكن من خلال الزيارة التخطيط لحرب على «حزب الله»؟ بالطبع كلاّّ، إذ لا يمكن الحديث مع الرئيس ميشال سليمان عن هذا الموضوع. كما ان الاعداد لحرب من هذا النوع لا تتمّ علنا، كما لا تتم حول فنجان قهوة.

> لكن الاكيد، ان الزيارة قد تكون تناولت الكثير من الامور، خاصة ضرورة ان يضبط الجيش منطقة الجنوب، كما مناطق اخرى مثل اعالي الجبال اللبنانيّة.

> بعد جدل طويل، تبّنت الحكومة اللبنانيّة البيان الوزاري. إن اهمّ بند فيه، هو المتعلّق بسلاح «حزب الله». فقد اصبح مع البيان من حقّ الشعب والجيش والمقاومة تحرير الارض والدفاع عنها. فماذا يعني هذا الامر؟

> قد يعني ان الدولة بدأت مسيرة استعادة قراراها ـ الخطوة الاولى. لكن قراريّ السلم والحرب بقيا في نطاق الغموض نظرا لابعادهما الاقليميّة.

> قد يعني ان القرار 1701 نُفّذ بكلّ حذافيره. وإذا تابع «حزب الله» تحضيراته العسكريّة جنوب خطّ الليطاني، فسوف يوضع هذا الامر وكأنه عمل الحكومة اللبنانيّة. > قد يعني ايضا انه يمكن لـ«حزب الله» استكمال شبكة الاتصال الخاصة به، كما يمكن له نصب صواريخ مضادة للطائرات، وحتى إطلاقها. وهنا بيت القصيد فماذا عنه؟

> اجتمعت الحكومة الاسرائيليّة الامنيّة المُصغّرة لمناقشة إمكانيّة امتلاك «حزب الله» صواريخ مضادة للطائرات. فما تأثير هذا الامر على سلاحها الجويّ؟

> تخرق اسرائيل الاجواء اللبنانيّة للتدريب، كما للتصوير الجوّي وجمع المعلومات خاصة بعد فشل حرب صيف 2006. وفي حال منعها، فسوف تصبح عاجزة عن التقييم والتخطيط العسكريّين الدقيقين.

> في حال نجاح «حزب الله» فقد يعني الامر ان اسرائيل لا تملك السيطرة الجويّة. وهذا امر نادر في ثقافة اسرائيل العسكريّة. فسلاح الجوّ، هو العماد الاساسي لاسرائيل.

> في حال امتلاك الحزب هذه الصواريخ، فقد لا يمكن للسلاح الجوّي الاسرائيلي دعم القوى البريّة مباشرة، خاصة في حال نشوب حرب جديدة، لانها ستكون بريّة وبامتياز ـ دروس حرب 2006.

هذا لجهّة إسرائيل ولكن ماذا عن صواريخ «حزب الله»؟

1ـ كي تكون صواريخ الحزب فعّالة، من الضروري ان تكون:

> منصوبة من ضمن شبكة مترابطة، واسعة تغطّي الاهداف الاستراتيجيّة. والمقصود هنا مراكز ثقل الحزب. فهل لدى الحزب مراكز ثقل معروفة؟ بالطبع كلاّ لانه يقاتل بطريقة مختلفة. وهل لدى الحزب العدد الكافي من الصواريخ؟ وإذا كان نعم، فهل هناك من يعمل عليها وهي التي تتطلّب خبرات لا يمكن اكتسابها بسرعة؟

> إذا كان لدى الحزب هذه الصواريخ، فمن اعطاه ايّاها؟ وهل هناك مسؤوليّة على الواهب؟ وكيف يمكن محاسبته؟ وكيف يمكن ربط المسؤوليّة بخرق قرار دوليّ ـ 1701؟

> إذا اراد الحزب تهديد سلاح الجوّ الاسرائيلي، فما عليه إلا مراجعة تاريخ هذا السلاح مع الجيوش العربيّة ـ خاصة سورية، العام 1982.

> وإذا اراد الحزب اسقاط الطائرات الاسرائيليّة الحربيّة، فعليه عندها ان يملك صواريخ متوسّطة وبعيدة المدى. وعلى هذه الصواريخ ان تكون قادرة على خرق الدفاعات الالكترونيّة للطائرات الاسرائيليّة. وإذا كانت هذه الصواريخ متوسّطة وبعيدة المدى، فهي ستكون كبيرة الحجم وصعبة النصب. كما ستكون هناك إمكانيّة للتشويش عليها كما حصل مع الصواريخ السوريّة في البقاع العام 1982. كذلك الامر، سوف تكون هدفا سهلا للضرب.

2ـ إذا امتلك الحزب صواريخ مماثلة يريد استعمالها. فهل سينسّق مع الدولة وهي التي تبنّته في بيانها الوزاري؟ وكيف ستعتبر الحكومة مسؤولة – وهي مسؤولة؟ وكيف ومن سيحاسبها؟

في الختام، قد يمكن القول ان الحزب يربح فقط في حال إطلاق صاروخ على طائرة اسرائيليّة، حتى ولو دون نتيجة. فهل سيقوم بذلك، خاصة بعد البيان الوزاري الاخير؟ ومن يمكن له الاعتراض على الاطلاق حكوميّا، خاصة ان إسرائيل هي التي تخرق الاجواء وان الاطلاق اتى فوق الاراضيّ اللبنانيّة؟

لكن الامر في الفعاليّة. وهنا قد يمكن القول انه يجب على الحزب ان يُبقي طريقة قتاله القديمة، فقط لأنها ناجحة. وعليه، يجب على الحزب ان يملك فقط الصواريخ التي تطلق عن الكتف. فهي سهلة الاستعمال، خفيفة ومرنة خلال المعارك وفعّالة، خاصة إذا اعتبرنا ان شكل الحرب المقبلة ضدّه سوف تكون بريّة وبامتياز. وفي هكذا حرب، سوف تستعمل اسرائيل الكثير من الطوافات للانزال البريّ لقواتها الخاصة، حيث تنفع هذه الصواريخ. والعكس، قد يعني ان الحزب قد تحوّل إلى تركيبة تقليديّة.

فهل نسي الحزب تجربة منظّمة التحرير الفلسطينيّة في لبنان عندما تحوّلت إلى جيش تقليدي فكانت نهايتها سريعة خلال اجتياح العام 1982؟ وإذا تحوّل الحزب إلى جيش تقليديّ، فكيف سيُبرّر تمايزه عن الجيش اللبنانيّ؟