العالم يدعو روسيا إلى قبول وقف إطلاق النار.. وموسكو ترد بطلب قمة طارئة مع الحلف الأطلسي

موسكو: عمليات أوسيتيا انتهت والقوات الروسية توغلت في الأراضي الجورجية

TT

لم تتمكن بعد الآلة الدبلوماسية الأوروبية من وقف تطورات النزاع بين موسكو تبليسي في حين لا تزال موسكو على موقفها الرافض لأي تفاوض في ظل تزايد الضغوط الدولية على موسكو لوقف عملياتها، اذ دعت المفوضية الأوروبية الى وقف إطلاق نار مباشر، كما ناشد وزراء خارجية الدول السبع الكبرى موسكو احترام وحدة أراضي جورجيا والقبول بوقف إطلاق نار مباشر ووساطة دولية لحل النزاع حول المناطق الانفصالية. ومن جانبه، طلب الممثل الدائم لروسيا في حلف شمال الأطلسي ديمتري روغوزين عقد اجتماع طارئ بين الحلف وموسكو، ورأى ان الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي «لم يعد الرجل الذي يمكننا التعامل معه» لأنه «مسؤول عن الكثير من الجرائم».

يأتي ذلك في حين اعلنت وزارة الداخلية الجورجية ان القوات الروسية تتقدم 40 كيلومترا من اقليم أبخازيا باتجاه بلدة سيناكي الجورجية. وقال شوتا أوتياشفيلي، المتحدث باسم الداخلية، لوكالة «رويترز»: «لقد تقدمت عشرات من حاملات الجنود المدرعة وهم الآن في سيناكي». وأكدت موسكو من جانبها تقدم قواتها الى البلدة الجورجية.

وقد اعلنت وزارة الخارجية الأميركية ان وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى حثوا روسيا على الموافقة على وقف اطلاق النار على الفور مع جورجيا واحترام سلامة اراضيها.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان الوزراء ناقشوا الوضع في جورجيا ومنطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية في مؤتمر هاتفي امس وعبروا عن تأييدهم لجهود الوساطة التي يقودها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ووزير الخارجية الهولندي ألكسندر ستاب.

وقال المتحدث ان وزراء مجموعة الدول السبع «دعوا روسيا لقبول الوقف الفوري لاطلاق النار. وعبروا عن بالغ قلقهم بخصوص الإصابات في صفوف المدنيين والهجمات المستمرة على المواقع المدنية».

من جانبه، حذر الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي من اجتياح لبلاده، واصفا القصف الروسي بأنه عملية قتل دموية باردة لبلاده ومتهما القوات الروسية باستهداف الصحافيين وبتنفيذ عمليات اعدام بحق بعض السكان، مشددا على ان جورجيا لن تقدم أي خطة للاستسلام. وكان الرئيس الروسي اقترح ارسال وفد من منظمة الامن والتعاون الأوروبية الى اوسيتيا الجنوبية لتقصي الأوضاع على الارض.

ودعا الرئيس الجورجي الى ارسال مساعدات إنسانية، عاجلة قائلا ان بلاده بحاجة ماسة اليها. ودعا الى انهاء الاعمال العدائية وعودة الجورجيين المهجرين الى ديارهم. وأيد خطة للعودة الى الوضع قبل الصراع، اذ كانت هناك قوات روسية ـ جورجية لحفظ السلام بمراقبة منظمة الامن والتعاون في أوروبا.

وقد اعلن الأمين العام لمجلس الامن الجورجي، الكسندر لومايا، ان الرئيس الجورجي وقع امس وثيقة تتضمن «اقتراحات سلام» يدعمها الاتحاد الاوروبي ستنقل الى روسيا.

وكان أكد ان «ما بين 80 و90» طائرة عسكرية روسية أسقطت وان «مئات الجنود الروس» قتلوا في النزاع المسلح بين موسكو تبليسي، في حين نقلت وكالة «انترفاكس» عن القيادة العسكرية الروسية ان خسائر الجيش في النزاع مع جورجيا بلغت 18 قتيلا و52 جريحا وإسقاط اربع مقاتلات.وقد صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، بوريس مالاخوف، ان موسكو ترى انه من المبكر جدا حاليا الاعتراف او عدم الاعتراف بجمهورية أوسيتيا الجنوبية الانفصالية. ودخلت امس مسألة النفط على خط النزاع، اذ اعلن الرئيس الجورجي ان روسيا تريد ان تسيطر على انابيب النفط عبر القوقاز، قائلا ايضا ان موسكو تريد ان تستبدل الحكومة الحالية في تبليسي.

الا ان رئيس الاركان الجيش الروسي نفى ان تكون موسكو قصفت أنابيب النفط الجورجية.

كما اعلن متحدث باسم شركة «ارمروسغازبروم» الارمنية ان جورجيا خفضت بنسبة 30% كميات الغاز الروسي الذي يعبر اراضيها باتجاه ارمينيا.

يأتي ذلك في حين يتوقع وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهو الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي، الى جورجيا وموسكو اليوم في محاولة «لوضع اللمسات النهائية» على اتفاق لوقف النار بين روسيا وجورجيا. كذلك، اكدت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي رسميا امس ان وزراء خارجية دول الاتحاد سيعقدون اجتماعا طارئا غدا الاربعاء في بروكسل يخصص لبحث النزاع بين روسيا وجورجيا. وأكد كوشنير ان الرئيس الجورجي «وافق تقريبا على جميع مقترحات الاتحاد الاوروبي ومنظمة الامن والتعاون في أوروبا» لوقف النزاع مع روسيا. وتقترح الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي على جورجيا وروسيا خطة من ثلاث نقاط: احترام وحدة أراضي جورجيا، وقف فوري للأعمال العسكرية، والعودة الى الوضع الميداني السابق. وقال كوشنير إن الأمر الأكثر صعوبة سيكون إقناع موسكو بان يتولى الاتحاد الاوروبي ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا مهمة الاشراف على وقف النار، معتبرا ان الاتحاد الاوروبي يجب ان يكون في مقدمة الصفوف لتسوية النزاع لان الولايات المتحدة «هي بطريقة ما جزء من النزاع».

من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، انه «لا يوجد مبرر» للعمل العسكري الذي تقوم به روسيا في جورجيا والذي قال انه يهدد استقرار المنطقة بأكملها. وأضاف براون «يجب انهاء القتال بشكل فوري وملح ووقف عمل كافة القوات العسكرية في اوسيتيا الجنوبية»، مؤكدا ان «الحكومة الجورجية عرضت وقفا لاطلاق النار، وأحث الروس على القيام بالمثل دون تأخير» كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. كذلك، اتهم قائد حلف شمال الأطلسي، ياب دي هوب شيفر، روسيا بالاستخدام المفرط للقوة في اوسيتيا الجنوبية وانتهاك وحدة اراضي جورجيا بعد ان امتدت العمليات العسكرية خارج حدود الإقليم الانفصالي في جورجيا. ودعت المفوضية الأوروبية روسيا الى وقف كل اعمالها العسكرية في اراضي جورجيا فورا. واعتبرت المفوضية في بيان تلته متحدثة باسمها ان «على روسيا ان توقف فورا كل اعمالها العسكرية على اراضي جورجيا». واضافت «نعتبر ان تجاوز الحدود الجورجية من قبل القوات الروسية احدث تغييرا في ابعاد النزاع».

وأعلنت المفوضية عن تخصيص مليون يورو كمساعدة أولية لضحايا الصراع في منطقة القوقاز. وقال لوي ميشيل، المفوض الاوروبي المكلف شؤون المساعدات وتنمية التعاون المشترك، من خلال بيان صدر أمس، ان تلك الاموال ستخصص لتقديم المساعدة العاجلة للمتضررين من الاعمال العسكرية، وفي المقام الأول توفير الحاجات الأساسية للمدنيين من النساء والأطفال الذين نزحوا من جراء القتال، على ان يتم تقدير المساعدات الاخرى المطلوبة بعد اجراء تحديد لحجمها والمستفيدين منها في وقت لاحق. كما اتصلت المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل، بساكاشفيلي ودعمت «صراحة» مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي زيارة موسكو للقاء مسؤولين روس بحسب ما قال المتحدث باسمها في برلين.

من الجانب الروسي، قال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ان الغرب مخطئ في اعتباره المعتدي الحقيقي الضحية في صراع بلاده مع جورجيا بشأن منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية.

وخص بوتين الذي تحدث في التلفزيون الروسي الولايات المتحدة قائلا ان واشنطن تساعد في اعادة القوات الجورجية للوطن من العراق. وتابع أيضا إن روسيا ستصل بمهمة حفظ السلام التي تقوم بها في أوسيتيا الجنوبية الى نهاية منطقية. كذلك اعلن رئيس جمهورية ابخازيا الانفصالية الجورجية، سيرغي باغابش، في حديث سينشر في باريس وتلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه ان أي تفاوض «مستحيل مع الحكومة الجورجية الحالية».

وكانت القوات الابخازية اعلنت انها «حاصرت تماما» الجنود الجورجيين المتمركزين على مرتفعات ممرات كودوري المنطقة المتنازع عليها في ابخازيا الانفصالية حيث وجه الجيش الروسي بعد ان ارسل تعزيزات، انذارا الى القوات الجورجية.

وطلب الجنرال سيرغي تشابان قائد القوات الروسية لحفظ السلام في ابخازيا من جميع القوات الجورجية الموجودة في المنطقة الأمنية الفاصلة بين جورجيا وابخازيا «تسليم اسلحتها»، محذرا في حال رفضت القاء السلاح من «ان كل الاجراءات اللازمة» ستتخذ بحقها. ورفضت جورجيا على الفور هذا الانذار. الى ذلك، اعلن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ان «القسم الأكبر» من العملية العسكرية في اوسيتيا الجنوبية «انتهى» بعد السيطرة على تسخينفالي، عاصمة الجمهورية الانفصالية في جورجيا، بحسب ما نقلت وكالة «انترفاكس».

وأضاف كما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية أن «تسخينفالي باتت تحت سيطرة الكتيبة المعززة لقوات حفظ السلام الروسية».

من جانبها، اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لوكالة الصحافة الفرنسية أن 80 في المائة من سكان بلدة غوري الجورجية المجاورة لأوسيتيا الجنوبية نزحوا خوفا من القصف الروسي.

وقال رون ردموند إن «احدى فرقنا توجهت الى غوري الأحد حيث ابلغنا مسؤولون محليون ان غالبية السكان رحلت خوفا من هجمات روسية». وتابع ان عدد سكان البلدة يبلغ خمسين ألفا غادر منهم 80 في المائة وفقا للمسؤولين المحليين.

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الأوضاع الإنسانية في أوسيتيا الجنوبية وجورجيا «خطيرة للغاية»، مشيرة الى انها تستعد لارسال طائرة تحمل 15 طنا من المواد الطبية والأدوية الى جورجيا.

وأكدت اللجنة الدولية في بيان «فيما يمتد العنف الى ما بعد أوسيتيا الجنوبية، تتلقى اللجنة الدولية للصليب الأحمر معلومات حول ارتفاع الخسائر في صفوف المدنيين».