الجيش اللبناني يشيع جنوده الذين سقطوا في طرابلس.. ودعوات لجعل عاصمة الشمال خالية من السلاح

مؤسس التيار السلفي رفض «الاستعجال في رمي التهم من دون أدلة»

TT

شيعت قيادة الجيش اللبناني أمس العسكريين، الذين سقطوا في عملية التفجير في طرابلس الاربعاء الماضي، وألقى ممثلون لقائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري كلمات نوهت بـ«مسيرة الشهداء، واخلاصهم للمؤسسة العسكرية، وتضحياتهم الكبيرة في سبيل الوطن».

وقد أجرى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري اتصالات هاتفية بجميع أهالي شهداء الجيش وأهالي الشهداء المدنيين الذين سقطوا في تفجير طرابلس، معزيا ومعربا عن ألمه وحزنه العميق ووقوفه بجانب أهالي الضحايا. وقال: «إن هذه الجريمة المروعة لن تزيدنا الا عزما على التمسك بالجيش اللبناني الذي يحمي الوطن، ومحاربة المؤامرة التي تستهدف لبنان ومؤسساته، كما اننا لن نهدأ قبل كشف الجناة، وسوقهم الى العدالة لينالوا عقابهم ويكونوا عبرة لمن اعتبر».

وأقام مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني صلاة الجنازة على أروح الشهداء المدنيين والعسكريين، الذين سقطوا في الانفجار الإجرامي في مدينة طرابلس. سائلا الله «أن يجنب لبنان وأهله الشر، وان يجعل كيد الظالمين في نحورهم، وان يوفق الحكومة اللبنانية ورئيسها لمواجهة كل من يحاول العبث بأمن واستقرار لبنان واللبنانيين». وسأل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان عن «المستفيد من العمل الارهابي الذي استهدف الشباب، الذين هم في عمر الورود من الجيش، وهم في طريقهم الى الجنوب ليكونوا على الثغور لحماية الحدود؟». وقال: «ألم نتعلم على مدى ثلاثين سنة والوحشية تحصد ابناءنا على كل الاراضي اللبنانية؟ على الجميع حفظ هؤلاء الشباب ليكونوا في مواجهة العدو الصهيوني، الذي هزم على أيدي شباب المقاومة التي ما زالت متصدية لهذا العدو». ونصح اللبنانيين «بالتخلي عن السلاح القاتل وفتح الجسور في ما بينهم والتحاور والتشاور والعمل لما ينفع، والابتعاد عن كل ما يضر».

وفي سياق متابعة الملف الامني اجتمع الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي مع مؤسس التيار السلفي في لبنان الشيخ داعي الاسلام الشهال، الذي زاره على رأس وفد من المشايخ. ووصف كرامي الوضع في طرابلس بشكل خاص وفي الشمال بشكل عام بانه «مؤسف جدا». وقال: «نشعر بأن هناك أيادي تكاد تكون ظاهرة للعيان تتحرك عن طريق الشائعات وعن طريق التمويل والتسليح لإبقاء الوضع متأزما في هذا البلد، وقلنا بعد مناقشة جميع الحلول بأنه لا حل إلا بالدولة، فالدولة يجب أن تأخذ دورها كاملاً من أجل القضاء على كل هذه البؤر، وعلى كل هذه التوترات. والدولة لا تستطيع أن تقوم بهذه المهمة إلا إذا كانت عادلة ومنصفة ومصممة على إنماء كل لبنان».

وعن الحديث عن ان طرابلس باتت صندوق بريد لتوجيه الرسائل السياسية، قال: «هذا امر طبيعي عندما يكون هناك انقسام في الشارع بهذا الشكل. وعندما يكون هناك فتنة مذهبية، واحتقان وتوتر، طبعا البيئة تكون صالحة لتنفيذ كل هذه الجرائم، ولأن تكون هذه المدينة صندوق بريد، وعلى المواطنين أن يعوا خطورة ما يجري، وهذا يتعلق بسلامة وأمن كل لبنان، لانه إذا انهار الوضع في طرابلس، لا سمح الله، سينهار كل لبنان معه». ثم تحدث الشهال، فشدد على «ضرورة رأب الصدع داخل الطائفة السنية والعمل من اجل المصلحة العليا في لبنان، من دون النظر الى الانانية الشخصية او الحزبية أو الفئوية»، وعن توجيه البعض الاتهامات الى جهات اصولية حول انفجار طرابلس قال: «الدقيق أن بعض الجهات حاولت توجيه الاتهامات الى الأصوليين، وهذه موضة قديمة، يعني أسهل تهمة معلبة هي أن يرمى بها على الأصوليين أو المتطرفين. ونحن نقول إن التعجل سمة غير مرضية وغير لائقة بكل العقلاء، والواجب التريث وضرورة مواصلة الاجهزة المعنية عملها وقيامها بالواجب لمعرفة الحقيقة، والتدقيق في ذلك قبل رمي التهم مما يزيد من التوتر والتأزم. فالعقلاء الحريصون فعلا على أمن هذا البلد، ليس من حقهم ولا يجوز لهم، أن يكونوا مشاركين في اضطراب الوضع في لبنان، إذا استمروا في رمي التهم على الآخرين من دون ادلة. ونحن نعتبر أن هذا التفجير وراءه قوى كبرى، وإن نفذته مجموعات صغيرة أيا كانت اتجاهاتها، ونؤكد أننا ضد هذه التفجيرات، ونرى أنها مدمرة وأنها جريمة نكراء لا يجوز أن تقبل ولا أن يرضى بها أحد، بل يجب ان نعمل جميعا من اجل إرساء قواعد الأمن والاطمئنان لمصلحة جميع الأفرقاء، وإلا كنا أنانيين نعمل لمصلحتنا الذاتية على حساب الآخرين». ورأى عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر أن «ما حدث (عملية التفجير) المقصود به الأمن في لبنان، وليس الأمن في طرابلس فقط، فهناك من يربط ما حصل بالاحداث في طرابلس، وأعتقد ان الساحة الطرابلسية استغلت للتعمية على هدف هذا الإرهاب، الذي يقصد بالدرجة الأولى أمن البلد». وشدد على ان «لا استقرار اجتماعيا واقتصاديا من دون استقرار سياسي ولا استقرار سياسيا من دون استقرار أمني، ولا أمن من دون قوى أمنية عسكرية وقوى أمن داخلي، لأن المقصود أمن البلد بالدرجة الأولى». وطالب النائب سمير فرنجية الحكومة بقرار حاسم بإعلان «طرابلس مدينة منزوعة السلاح»، معتبرا أن «لا شيء أقل من ذلك يقدر على ضبط الوضع في هذه المدينة»، مشيرا الى «إجماع طرابلسي على هذا الأمر على كل المستويات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، فقد اجتمعت اكثر من مائة مؤسسة لتطالب بجعل طرابلس مدينة منزوعة السلاح». وسئل هل سيلقى هذا الاقتراح استجابة فعلية، أم ان الجيش سيكون في موقف حرج، فأجاب: «لا يوجد طرف سياسي في لبنان قادرا على رفض هذا الأمر ولو بأي حجة. وطرابلس ليست على الحدود وليست في مواجهة اسرائيل، وكل الحجج المعطاة لمسألة سلاح المقاومة لا تطبق في طرابلس. هناك إجماع من أبناء طرابلس على هذا الموضوع، والمطلوب بعد هذا كله ان يحسم الجيش ويجب ان لا يكون جيشا بالتراضي. والمسألة المطروحة مرتبطة بالوضع العام في البلاد».