الموريتانيون صاروا ينظرون للإطاحة برؤسائهم.. كإقالات عادية

السياسيون يتسابقون لتأييد الانقلاب بحثاً عن مناصب

TT

فيما يتابع القادة السياسيون والمثقفون الموريتانيون باهتمام تداعيات الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في السادس من الشهر الحالي وتباين المواقف الداخلية والخارجية من حركة «التصحيح» التي يقودها الجنرال محمد ولد عبد العزيز، تبدو الحركة عادية في شوارع العاصمة نواكشوط، إذ يمارس غالبية السكان حياتهم اليومية بشكل طبيعي وكأن شيئاً لم يحدث.

وفيما تواجه المؤسسات الحكومية فتوراً ملحوظاً في نشاطها الإداري بسبب غياب غالبية الوزراء عن مكاتبهم وانشغالهم بما يدور من تطورات في الساحة السياسية، يزاول القطاع الخاص عمله الاعتيادي، وتفتح غالبية المحلات التجارية أبوابها أمام المتسوقين على امتداد الأربع والعشرين ساعة. ويقول محمد سالم، وهو تاجر بسوق العاصمة الرئيس، إن نشاط السوق لم يتأثر منذ اللحظة الأولى للانقلاب وإن أسعار البضائع لم تشهد ارتفاعا خلال الأيام الماضية.

وتسود مخاوف في الشارع الموريتاني من أن يقود قرار الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بتوقيف المساعدات عنها إلى حدوث ارتفاع كبير في أسعار المواد الاستهلاكية، الأمر الذي قد ينعكس سلبا على حياة السكان في وقت يعيش فيه أكثر من نصفهم تحت خط الفقر.

ولم يشكل الانقلاب الأخير أي اختلال في النظام الديمغرافي لنواكشوط التي يقطنها حوالي مليون نسمة، هم ثلث سكان موريتانيا، ربما لأنهم تعودوا على مثل هذه الأحداث التي أصبحت ممارسة اعتيادية خصوصاً في الفترة الأخيرة، إذ منذ الثالث من اغسطس (آب) 2005 شهدت موريتانيا انقلابين عسكريين أطاح أولهما بنظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع على يد مدير أمنه أعل ولد محمد فال وقائد حرسه الرئاسي محمد ولد عبد العزيز، فيما وضع الثاني حداً لحكم أول رئيس مدني يصل إلى السلطة عن طريق انتخابات شفافة، وكان ذلك بسبب إقالته أربعة من القيادات العسكرية بموجب مرسوم رئاسي قبل ساعة من إزاحته عن الحكم واعتقاله.

وفي سنة 2003 تمكن الجيش الموريتاني من إحباط محاولتين انقلابيتين كانت أشهرهما تلك التي قادها الرائد صالح ولد حنن رئيس حزب «التغيير» الحالي وأودت بحياة قائد القوات المسلحة أوانها العقيد محمد الأمين ولد انجيان. ويقول عبد الله ولد احميد فال، وهو خبير اجتماعي، إن الموريتانيين أصبحوا ينظرون إلى الإطاحة برؤسائهم على أنها تعديل عادي في هرم السلطة مثل إقالة أي مسؤول حكومي آخر. ويحصل الانقلابيون في موريتانيا على الشرعية من خلال مسيرات شعبية تنظم بعد كل انقلاب للمطالبة ببقاء القادة الجدد ووصفهم بالمنقذين، ويتسابق المسؤولون الحكوميون والقادة السياسيون عادة لحشد التأييد والدعم للرؤساء الجدد عبر مهرجانات حاشدة تخصص لتبرير مثل هذه الخطوات ويتم نقلها عبر وسائل الإعلام الرسمية. ويتدافع المسؤولون الموريتانيون والقادة السياسيون هذه الأيام للحديث في التلفزيون والإذاعة الرسميين للدفاع عن خطوة العسكر سعياً منهم للفت انتباه القادة الجدد من أجل تعيينهم في مناصب سامية وإشراكهم في التعديلات الحكوميةوالدبلوماسية المتوقعة. وقال الشيخ سيدي عبد الله، وهو مقدم برنامج في التلفزيون الموريتاني، إن العديد من السياسيين يمارسون ضغوطات كبيرة على العاملين في هذه المؤسسة لإدراجهم ضمن قائمة المتحدثين عن هذا الموضوع. وأوضح أن التلفزيون الرسمي شهد تراجعاً كبيراً في حرية التعبير منذ الانقلاب الأخير، مشيراً إلى أن معظم برامجه توقف عن البث ما عدا المتعلق منها بتأييد الحكام الجدد.