ارتفاع أسعار النحاس يشجع اللصوص على الإتجار به

في بنغلاديش يصهرون الروبية الهندية ويبيعونها كشفرات والسنت الأميركي يكلف الخزانة 900 مليون دولار سنويا

ازدياد الطلب على المعادن شبه النفيسة في الصين والهند خصوصا يشجع على صهرها («الشرق الأوسط»)
TT

الطلب على النحاس، هذا المعدن الأحمر البني، الذي يعتبر ناقلا جيدا للحرارة والكهرباء ويصهر تحت درجة حرارة معتدلة، في ازدياد مستمر ليس فقط من قبل الدول التي تنمو اقتصادياتها سريعا مثل الصين والهند، وانما ايضا من قبل اللصوص الذين يجدون فيه تجارة مربحة سهلة المنال. ويقوم هؤلاء بالسطو على الأماكن العامة والمكشوفة التي لا تتمتع بحماية من قبل الأجهزة الأمنية. وفي كل شهر يمر ما قيمته اكثر من 18 مليون جنيه استرليني من خردة النحاس من الموانئ البريطانية باتجاه الصين وهذه يتم صهرها واستخدامها في الصناعات الصينية. وكانت اسعار النحاس قد ارتفعت الى أكثر من المثلين منذ عام 2004، وزادت بنسبة 70 في المائة بعد ان زاد الطلب في الصين والهند رغم التراجعات الاخيرة. وسجل النحاس أدنى مستوى له في ستة أشهر عند 150.7 دولار للطن في لندن يوم الثلاثاء الماضي.

وسجل العديد من حوادث السرقات مع ارتفاع اسعار هذا المعدن في دول مختلفة من العالم مثل استراليا وبريطانيا، وهذه في ازدياد منذ اكثر من عامين، مما عرض حياة اللصوص والناس للخطر، خصوصا عندما يقوم هؤلاء بالسطو على اسلاك الكهرباء او انابيب المياه والمرافق العامة التي يستخدم فيها النحاس والمعادن الأخرى مثل الألمنيوم. وقال وزير الداخلية الاسترالي بوب ديبوس في بيان، نقلته وكالة رويترز للأنباء «سرقة النحاس ليست فقط خطيرة بالنسبة للصوص المتورطين فيها. انها تعرض حياة المواطنين للخطر من خلال اغلاق امدادات الكهرباء وتوقف القطارات وخطوط الهاتف». وأدت سرقة 2.4 كيلومتر من سلك كهرباء مصنوع من النحاس في جبال قرب سيدني منذ شهرين وآلاف السرقات الاخرى الى قيام استراليا ببدء حملة قومية لوقف سرقات المعادن.

ورغم انخفاض اسعار النحاس بنحو 20 في المائة عن المستوى المرتفع القياسي الذي سجلته في الشهر الماضي، فان لصوص المعادن شبه النفيسة خلقوا مشاكل في انحاء استراليا منذ اواخر العام الماضي، حيث تم ابلاغ الشرطة بوقوع أكثر من 2000 حادث. وفي بريطانيا قام اللصوص بالسطو على العديد من المرافق العامة التي تستخدم مادة النحاس. وفي احدى سرقات المعادن في استراليا في الاونة الاخيرة تم انتزاع خوذات الشرطة النحاسية من على الجدران في مركز شرطة بولاية فكتوريا. كما سرق اللصوص اللوحات المصنوعة من النحاس على شواهد القبور مع زيادة الطلب على المعادن الخردة في بعض الدول.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي سرق لص 42 مقعدا من الالومنيوم من مرآب حافلات في شرق ملبورن. وقال ديبوس ان الشرطة ستستخدم تكنولوجيا اختبار الحمض النووي (دي.ان.ايه) في استهداف اللصوص بالاضافة الى مراقبة الاهداف المعدنية عالية القيمة.

ارتفاع سعر هذه المادة، التي تستخدم ايضا في سبك العملات، الى قيمة اعلى من قطع النقود المصنوعة منها شجع على تجارة تعتبر شكلا جديدا آخر للتلاعب بالسوق. اذ يتم هذه الأيام مثلا صهر الروبية الهندية في بنغلاديش وتحويلها الى خمس شفرات حلاقة وهذه تباع بمبلغ 35 روبية في السوق، أي ان الروبية تساوي خمسة اضعاف قيمتها بعد صهرها. هذا النوع من التجارة، أي صهر قطع النقود الصغيرة، ينتشر ليس فقط في الهند وانما في العديد من دول العالم لان قيمتها اعلى بعد صهرها من قيمتها التقدية القانونية. تكلفة صناعة السنت الأميركي ارتفعت الى 1.7 سنت، أي ان الاحتياطي الفدرالي يحتاج منذ عام 2006 الى ما يقارب ضعف قيمة السنت من اجل سبك سنت واحد (97.5 من الزنك الصافي) وهذا يكلف الخزانة الأميركية ما قيمته 900 مليون دولار في العام. اما السنت الأميركي الذي صنع قبل عام 1982 من النحاس فهذا سيجلب ما قيمته 2.5 سنتا بعد صهره، ولهذا فقد سنت قوانين أميركية تجرم من يقوم بصهر النقود واستخدامها في اغراض وصناعات أخرى.