سياسيون وناشطون اجتماعيون مغاربة: خطاب الملك محمد السادس الأخير ثورة جديدة

قالوا إنها مفعمة بحس المسؤولية الاجتماعية

TT

أثار الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس أصداء إيجابية وردود فعل هامة، داخل مختلف الأوساط السياسية والحقوقية والاجتماعية، التي نوهت بما حفل به من إشارات ومبادرات تتعلق بالخصوص بالاهتمام بالجانب الاقتصادي والتربوي والاجتماعي، للنهوض والارتقاء به إلى مستوى الطموح المنشود. ونوه سعيد امسكان، الناطق الرسمي باسم حزب الحركة الشعبية (معارضة)، ما ورد في الخطاب الملكي من أفكار تروم تدارك «العجز الحاصل في الجانب الاجتماعي في المغرب، الذي ما زالت أمامه أشواط كثيرة لسد الثغرات الحاصلة فيه على امتداد عقود من الزمن».

واعتبر أمسكان أنه من الصعوبة بمكان القضاء على هذا العجز في فترة وجيزة من الزمن، مشيرا إلى «أن الخطاب الملكي جاء متضمنا لأفكار جديدة جديرة بالتنويه، منها مثلا مدونة حماية المستهلك، والهيئة المركزية لمحاربة الرشوة، ومنح الكتب والأدوات المدرسية لمليون طفل محتاج، والاهتمام بسكن أسرة التعليم في البادية. وكل هذه الخطوات تصب في خدمة الصالح العام، وتنضاف إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي استفادت منها مختلف المناطق في المغرب». وتمنى امسكان أن يلتقط كل السياسيين والمسؤولين هذه الإشارات القوية والعميقة، الواردة في الخطاب لتحفيزهم على تجاوز الحزازات، وتكريس الجهود من اجل سد العجز الاجتماعي الحاصل في البلاد.

ومن جهته، قال محمد طارق السباعي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام في المغرب، إن الخطاب جاء معبرا عن إرادة سياسية قوية كان ينتظرها الجميع، «فهو يدعو إلى ضرورة تطبيق القانون، وذلك بتخليق الحياة العامة، وباستعمال جميع آليات المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين ومحاسبة مستغلي النفوذ والمحسوبية».

ورأى السباعي أن الخطاب يحمل المسؤولية للحكومة والبرلمان من أجل تخليق الحياة العامة، وحماية الحريات والحقوق، وخاصة منها الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مشيرا إلى ان الحكومة مطالبة بدعم عمل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وذلك بتتبع قراراتها وتوصياتها، وتخصيص جهاز قضائي، يضم قضاة متخصصين في جرائم الأموال، ووضعه رهن إشارة الهيئة للإسراع بالمتابعة والحكم، «كما أن الوقت قد حان لإخراج قانون يحمي كاشفي جرائم الرشوة وناهبي المال العام في أقرب الآجال، لأنهم يكونون عرضة لأبشع مظاهر الانتقام والتهميش، ويجب حمايتهم، فهم الذين سيشكلون القوة الداعمة لعمل الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة».

وتمنى السباعي أن تعمل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة على نشر ثقافة القدوة والامتثال للقانون، ودعا المؤسسة التشريعية إلى مراجعة قانون التصريح بالممتلكات، ليشمل المسؤولين وزوجاتهم وأبنائهم، ووجه نداء إلى وزارة العدل قصد التجند لاسترجاع الأموال المحكوم بها في إطار محكمة العدل الخاصة. وقال شمس الدين عبداتي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، «إن الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، جسد ثورة جديدة مفعمة بحس المسؤولية والوطنية، ثورة على نمط التسيير الإداري، ومناهج المعاملات وطرق معالجة مشاكل المواطنين، وخاصة منها حاجيات المستهلك التي لا تلبى بالسرعة والفعالية المطلوبتين، ومن هنا نستشف الدلالات والأبعاد الاجتماعية التي ينطوي عليها الخطاب الملكي».

وأوضح عبداتي أن الخطاب توجه مباشرة إلى المصدر الأساسي للأمن الغذائي في المغرب، ألا وهو القطاع الفلاحي، والذي من شأن معالجة قضاياه ضمان موارد عيش المواطنين من خلال العمل الفلاحي كمصدر للدخل، باعتباره مجالا للتشغيل، ومصدرا للاكتفاء الذاتي الغذائي من خلال الإنتاج، ولذلك تم التأكيد على التفعيل الأمثل لإصلاح وتحديث الفلاحة، عبر محاور أساسية، تتعلق بتمديد النظام الجبائي الحالي إلى سنة 2013، وبلورة تصور متناسق لنظام جبائي وملائم للقطاع الزراعي في أفق 2014، وضرورة مراعاة هذا النظام الجبائي المقترح الوضع الاجتماعي الهش للفلاحين الصغار. ومن المؤشرات الدالة والقوية في الخطاب الملكي، يضيف عبداتي، الإسراع باعتماد مدونة المستهلك، «والمدونة في نظرنا أوسع وأشمل من القانون، خاصة ان النصوص القانونية التي تعنى بحماية المستهلك تتجاوز 300 نص موزع في مختلف القطاعات».

ووصف عبداتي الخطاب بأنه يؤسس لاسترتيجية وطنية لحماية المستهلك المغربي،«وهو امر غاب عن برنامج عمل الحكومة، ولم يكن من اولوياتها، وقد بات عليها الآن العمل على تفعيل هذه الاسترتيجية التي وضع الخطاب ملامحها بنوع من التفصيل والإجرائية، حيث حدد الخطاب الجهة المسؤولة عن حماية المستهلك، وكذا المنظومة الرئيسية القانونية لهذه الحماية، كما حدد الآليات المساعدة في تطبيق هذه الاستراتيجية بما يوفر كل الضمانات لخدمة المستهلك المغربي، وسنحاول من جهتنا في «المنتدى المغربي للمستهلك»، بالتعاون مع الجهات والسلطات الحكومية المعنية، إلى جانب شركائنا في المجتمع المدني، العمل على بلورة تلك التوجيهات الملكية وتحويلها إلى واقع ملموس، في إطار ما هو متاح لنا من مسؤوليات وإمكانيات».