الصومال: الإسلاميون يسيطرون على كيسمايو ثالث أهم المدن التجارية

تعثر الوساطة الإثيوبية بين الرئيس الصومالي ورئيس حكومته

TT

بينما يسعى رئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي لتقريب وجهات النظر بين الرئيس الصومالي عبد الله يوسف، ورئيس حكومته العقيد نور حسن حسين (عدى)، تتجه حركة الشباب المجاهدين، بالتعاون مع عشائر محلية، إلى فرض سيطرتها على مدينة وميناء كيسمايو البحرية التجارية المهمة بعد معارك عنيفة في مواجهة القوات الحكومية والإثيوبية أسفرت حتى أمس عن مصرع نحو 34 قتيلا.

وقال أحد سكان كيسمايو فرح عبدي في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية «تم طرد كل الميليشيات من المدينة التي اصبحت تحت سيطرة الاسلاميين». وقال شاهد آخر آدن جيدي ان «غالبية الميليشيات المحلية طردت الى خارج المدينة. ما زلنا نسمع اصوات اطلاق النار في الشطر الغربي من المدينة، ونرى اعدادا من الاسلاميين تدخلها». واوضح عبدي ان الاسلاميين «يدعون الناس الى الهدوء».

من ناحيته، قال رجل الاعمال محمد عبدي ان «المدينة اصبحت بالكامل تحت سيطرة الاسلاميين». إلا ان قياديا في الميليشيات المحلية محمود حسن قلل من اهمية دخول الاسلاميين الى المدينة، مؤكدا، ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، ان رجاله نفذوا «انسحابا تكتيكيا من اجل تجنب تعريض السكان المدنيين للخطر». واضاف ان «المتمردين لم يسيطروا على المدينة بكاملها، وقواتنا ستستعيد السيطرة على كيسمايو قريبا جدا». وساد التوتر أياما عدة صفوف الميليشيات والمتمردين اندلعت على اثره المعارك الاربعاء وقتل فيها 34 شخصا على الاقل وجرح العشرات.

وقال الصيدلي في كيسمايو محمد عمر «قمنا بدفن 12 شخصا صباح امس (الجمعة) والعديد منهم كانوا مدنيين». واشار محمد هيرسي فرح، وهو من سكان المدينة، الى وجود جثث قرب مناطق المعارك.

وكانت ميليشيات محلية بقيادة الكولونيل آدن بير شير، العضو في البرلمان، والرجل القوي في كيسمايو، تسيطر على المدينة حتى امس.

ولا توجد في كيسمايو اي قوات تابعة للحكومة الصومالية او اثيوبيا المتحالفة معها او الاتحاد الافريقي الذي ينشر قوة سلام في الصومال. وانسحب الاثيوبيون من كيسمايو في مارس (آذار) 2007 وسلموا المدينة الى السلطات الصومالية. ورغم عدم وجود الجيش الاثيوبي في كيسمايو، فان سقوط المدينة يشكل اختبار قوة جديدا بالنسبة الى المتمردين الذين رفضوا رفضا باتا المشاركة في مفاوضات جيبوتي التي ادت في التاسع من يونيو (حزيران) الى اتفاق لوقف اطلاق النار وقع عليه جزء من المعارضة الصومالية والحكومة. وفي نهاية يوليو (تموز) اعتبر المتحدث باسم «الشباب» شيخ مختار روبو ان الهدنة التي تم التوصل اليها «لا قيمة لها وغير مقبولة»، مؤكدا المضي في المعركة من اجل فرض الشريعة في الصومال.

ووقعت هذه التطورات في وقت لا يزال فيه الرئيس الصومالي عبد الله يوسف خارج البلاد في زيارة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في إطار جهودها للوساطة بينه ورئيس حكومته العقيد نور عدى.

كما يوجد عدى، بالإضافة إلى رئيس البرلمان، عدن مادوبي، في أديس أبابا، بدعوة من ميلس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي الذي لم يتمكن حتى الآن من حسم الخلافات بين الزعماء الثلاثة.

وقال مسؤول صومالي على صلة بمفاوضات أديس أبابا لـ«الشرق الأوسط» إن الوساطة الإثيوبية في طريقها للانهيار، مشيرا إلى تمسك يوسف وعدى بموقفهما وعدم رغبتهما في التجاوب مع أي حلول وسط.

وشرح المسؤول قائلا: «بينما يرى يوسف أن رئيس حكومته تجاوز صلاحيته وفقد ثقة أعضاء الحكومة على نحو يجبره على تقديم الاستقالة، فان عدى يرفض التنحي طواعية ويصر على حقه في إجراء عملية إحلال وتبديل داخل الحكومة». واعتبر المسؤول الصومالي، الذي طلب عدم تعريفه، أن الاحتكام للتصويت بالثقة على حكومة عدى قد يكون الحل الوحيد لحسم هذه الخلافات، لكنه لمّح إلى أن إثيوبيا ترفض هذا الخيار باعتباره محاولة لعزل عدى بطريقة مباشرة.