تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» يعلن مسؤوليته عن تفجيري الجزائر

الجزائريون يخشون مزيدا من العنف.. وينتقدون الإفراط في استخدام العفو

TT

أعلن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» مسؤوليته عن تفجير سيارتين ملغومتين في الجزائر في وقت سابق من هذا الأسبوع، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا.

واعلن «المسؤول الإعلامي في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» صلاح أبو محمد، في شريط صوتي بثته «الجزيرة»، ان تلك الاعتداءات تندرج في إطار «غزوة الثار» التي يشنها التنظيم وانتهت «في العشرين من شعبان» الموافق الخميس 21 أغسطس (اب).

وكانت السلطات الجزائرية قد اعلنت انها قتلت في الثامن من أغسطس 12 إسلاميا في كمين ردا على هجوم انتحاري على مركز شرطة استخبارات عامة في تيزي وزو.

وقال صالح ابو محمد في بيان مقتضب «بعد العملية الغادرة التي استشهدت فيها كوكبة من الشباب المجاهد بتيزي وزو إثر عملية استخباراتية غادرة . انطلقت غزوة الثار وانتهت في العشرين من شعبان».

ويختبئ في منطقة القبائل عدد من قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسمي بزعامة عبد المالك درودكال المدعو ابو مصعب عبد الودود الذي تبنى الاعتداءات الانتحارية في الجزائر منذ 2007 .

وفي نفس الوقت، يخشى الجزائريون من المزيد من اراقة الدماء بعد هجمات تنظيم القاعدة التي أسقطت 71 قتيلا، ويلقي بعض المنتقدين اللوم على جهود المصالحة التي تبذلها الحكومة في رفع معنويات المتشددين عن طريق الافراط في استخدام العفو.

لكن المحللين يقولون في تقرير لرويترز موقف البلاد منذ سنوات وضع حكومة الجزائر في موقف الدفاع عن النفس وقدم أدلة مقلقة على ان المقاتلين اصبحوا أعلى تدريبا ويحصلون عن دعم قوي ومجندين جدد.

والنتيجة هي شعور عام بالتشاؤم وتلميحات من بعض النقاد الى أن العنف رجع جزئيا الى التسامح غير الحكيم الذي أبدته الحكومة تجاه التمرد المستمر منذ 16 عاما.

وقالت افتتاحية صحيفة «ليبرتيه» اليومية «الجزائريون ضاقوا ذرعا بالموت والخوف واجراءات الدفن ولا شيء يطمئنهم». وأضافت في اشارة الى فترة سابقة شهدت عنفا أكثر كثافة اثناء انتفاضة الاسلاميين في التسعينات «انهم على العكس يبدون في رحلة الى الماضي القريب».

وكتب جيف بورتر المحلل في مجموعة اوروبا واسيا «الهدف يشبه اساليب استخدمتها القاعدة في العراق وهو ما يمكن ان يشير الى ان المعلومات المتعلقة بالاستراتيجيات والتكتيكات على حد سواء يجري تبادلها داخل الحركة السلفية الجهادية العالمية».

وأضاف ان الهجوم «ذكرى موجعة بأن الجزائر ما زالت ثالث انشط ساحة قتال للقاعدة بعد العراق وافغانستان وباكستان».

وبدأ تمرد المتشددين 1992 عندما الغت السلطات المدعومة من الجيش في ذلك الوقت انتخابات برلمانية كان حزب اسلامي على وشك الفوز فيها خوفا من قيام ثورة على غرار الثورة الاسلامية في ايران. وقتل أكثر من 150 الفا في أعمال عنف أعقبت ذلك.

ويقول جزائريون ان المتمردين الذين أفل نجمهم منذ فترة طويلة لا يشكلون تهديدا وطنيا رغم انهم مازالوا قادرين على تهديد مناطق جبلية ومناطق في الجنوب بفضل عوامل محلية مثل روابط اجرامية وعائلية واستخدام مناطق نائية.

وقال بعض المعلقين إن التسامح غير الحكيم الذي أبدته الدولة تجاه المتمردين السابقين حد من تأهب قوات الامن ورفع معنويات المتمردين الذين يسعون لاقامة نظام قائم على الشريعة الاسلامية وسهل على الجماعات المسلحة تجنيد مقاتلين جدد.

وقالوا ان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وهي الجماعة التي كانت تعرف من قبل باسم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» اعتبرت سياسة التسامح التي اتبعتها الحكومة مظهر ضعف، اذ عرضت عفوا مفتوحا على المتمردين الذين يلقون باسلحتهم.

وكتب عمر بلهوشات رئيس تحرير صحيفة «الوطن» التي تصدر بالفرنسية «الوقت حان لأن تغير البلاد مسارها وان تترك هذه السياسة المتناقضة تجاه الاسلاميين.. الجزائريون ليس لديهم الانطباع بأن الدولة تلقي بجميع مواردها في هذا القتال».

ويقول النقاد إن حملة الدعاية الحكومية في عام 2006 التي دعت المتمردين لنزع سلاحهم، بموجب عفو، دفعت قوات الامن والشرطة للتساؤل عن سبب تعريض حياتهم للخطر اذا كان المتمردون يستسلمون ويعودون للانخراط في المجتمع في أي لحظة.

ويقول معارضو الحكومة ان المسؤولين شجعوا المتمردين بدون قصد عن طريق سوء ادارة العفو المعلن عام 2006. وبموجب القانون فان عرض العفو ومدته ستة أشهر حل أجله في نهاية أغسطس (اب) عام 2006. لكن لم يعلن أي مسؤول حكومي نهايته. وكتب بلهوشات يقول «مع بقاء الغموض في اسلوب السلطات فان الجماعات المسلحة ستستغله لاستعادة وضعها وتوجيه ضربات من جديد». واضاف «ما تم التنازل عنه بموجب سياسة العفو... اعتبر من مظاهر الضعف». ويقول بعض الجزائريين ان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المتوقع على نطاق واسع أن يغير الدستور ليتمكن من السعي لفترة رئاسة ثالثة في انتخابات عام 2009 شجع المصالحة جزئيا من اجل تملق الاتجاه الاسلامي الكبير في الجزائر وكسب وده.

وجاء العفو في اطار خطة للمصالحة شملت كذلك الافراج عن أكثر من الفين من المتشددين المعتقلين.

وكتب المعلق مصطفى حموش عن سياسة الحكومة تجاه الاسلاميين منتقدا التسامح الممجوج الذي نتج عن معايير اخلاقية متراخية ودولة تفضل التنازلات الانتهازية التاريخية.