صحف التابلويد اللندنية.. تخاطب أصحاب الذوق الرفيع

الصحف المجانية أدت إلى خفض مبيعاتها والقراء يفضلون الحصول على النسخ المجانية

TT

تتهيأ قاعة الاوبرا الملكية في لندن لملء مقاعدها الـ 2200 الشهر المقبل، بقراء صحيفة واحدة، لحضور رائعة موزارت «دون جيوفاني» هي صحيفة التابلويد «ذي صن». وعندما اشتكت صحيفة «الغارديان» التي تضم نقادا موسيقيين، من معاملة الاوبرا الخاصة لصحيفة «ذي صن» وقالت انها لم تساعد أي صحيفة من قبل كما تفعل اليوم، جاء رد صحيفة «ذي صن» يشبهها، وقالت إن قراء الغارديان «يمكنهم أن يقضوا ليلتهم وهم يتناولون سندويشات الفاصوليا (نكات تقول ان قراء الغارديان يتناولون هذه السندويشات) ويناقشون قضايا الوجودية والمساواة بين الجنسين، أما نحن فسنذهب إلى الأوبرا».

وتحاول صحف التابلويد البريطانية انتهاج أساليب جديدة لاجتذاب قراء جدد، كالاسلوب الذي لجأت اليه صحيفة «ذي صن» حيث أجرت قرعة بين قرائها، بهدف رفع وعي وثقافة اللندنيين ومنح الفائزين تخفيضات كبرى على تذاكر الأوبرا. ويبدو ان قوانين الخصوصية ألقت بأعباء إضافية على صحف التابلويد في بريطانيا التي تنشر ردود الفعل على اخبار الفضائح والجنس التي تنشرها، تمتزج بين الاشمتئزاز منها والضحك عليها. وأظهر استطلاع للرأي أن نسبة قراء الصحف البريطانية الكبرى قد انخفض بنسبة 8 في المائة منذ السبعينيات، وأن صحف التابلويد والتي تتميز في بريطانيا بأن عناوينها الرئيسة تطبع باللون الأحمر، انخفضت شعبيتها بنسبة 34 في المائة.

ويقول روي غرينسلايد أستاذ الصحافة في جامعة سيتي: «لأن البريطانيين مشغولون بمسألة الطبقات والحديث عنها، كانت الجرائد بالنسبة اليهم كمؤشر على المكانة الاجتماعية. وشراء الصحف بالنسبة للبريطانيين يشبه ارتداء الشارة، وفي أوج الخمسينات والستينات كان شراء صحيفة مثل «ذي ميرور» التي كانت تبيع 5 ملايين نسخة يوميًا دليلا على أنها نوع من القول: إنني واحد من الطبقة العاملة وإنني فخور بذلك». ويضيف: «عقب الحرب غلبت على بريطانيا الطبقة العاملة، وقامت صحف التابلويد بركوب الموجة، ولكن بعد أن تحولت بريطانيا إلى الثراء وانتقل العمال من ساحات المصانع إلى ساحات التجارة، برزت الطبقة الوسطى وتحول الناس إلى الصحف ذات المستوى الراقي التي تخاطب فئة خاصة من المجتمع».

ويشير غرينسلايد الى ان النهضة الأخيرة للصحف المجانية والتي تعرف بالصحف الإعلانية زاحمت صحف التابلويد في الانتشار. ويقول: «اليوم يقف موزعو الجرائد عند كل زاوية يوزعون الجرائد المجانية على المارة، وفي يوليو الماضي كانت هناك ثلاث صحف من هذه النوعية والتي توزع حوالي 1.65 مليون نسخة يوميًا».

وفي المقابلات التي أجريت في أوكسفورد ستريت بوسط لندن، قال العديد من الأشخاص إن الصحف الإعلانية قوضت العادات القديمة في شراء الجرائد. ويقول راج هونجان الذي يعمل نجارًا وهو يشير إلى إحدى الصحف الإعلانية التي يمسكها بيده: «إن قراءة هذه الصحف أكثر متعة، خاصة في لندن، غير ذلك الكلام غير المفهوم الذي تجده في الجرائد الأخرى، لكنها تعتمد على مدى استعدادي لذلك فإن كنت مستعدًا فأنا أحصل عليها مجانًا».

ويقول بيل هاجرتي، المحرر في «بريتش جورناليزم ريفيو»، إن القراء من الشباب الذين تربوا ونشأوا مع الإنترنت بدأوا في توقع الحصول على الأخبار دون مقابل. ولذا تحاول الصحف جذب قرائها إلى مواقعها الإلكترونية. ويقول جون ليود مدير معهد رويترز لدراسة الصحافة في جامعة أوكسفورد، إن قراء الصحف المهمة ترغب دائمًا في أن تكون ثرية بالمعلومات، لذا فهي تجد لها موقعًا على الإنترنت.

والصحف المهمة التي تعرف بأنها صحف «الجودة» قامت بعمل جيد مع كتاب الأعمدة المثيرين للجدل والذين أوجدا وكونوا جمهورًا خاصًا بهم والمنافسة على الموضوعات التي تغطيها التابلويد خاصة الجنس وأخبار المشاهير متوافرة بكثرة على الإنترنت.

وفي مارس (آذار) الماضي، نشرت صحيفة «ذي صن» خبرًا كان عنوانه «مدير سباقات فورميولا 1 يمارس طقوسًا نازية مرضية مع خمس عاهرات». ومدير تلك السباقات هو ماكس موسلي، ووالده كان قائد الحركة البريطانية الفاشية في الحرب العالمية الثانية. وقد رفع موزلي شكوى ضد الصحيفة، وصدر الحكم لصالحه حيث وجد أن خصوصيته قد انتهكت. وقالت «ذي صن» في اليوم التالي «إن الحرية تلقت صفعة مدوية».

وقال مارك ستيفنز الخبير في قانون الإعلام إن الحكم الذي حصل عليه موزلي سيجعل المحررين يفكرون مرتين قبل نشر الكثير عن الشخصيات بدعوى أنه حصري، وهو ما دأبت التابلويد على الافتخار به.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»