خبير سوداني في أميركا: التنبؤ بفيضان النيل ممكن قبل ستة شهور

أجرى أبحاثا في دول عربية منها التصحر في عمان وأزمة المياه في الكويت

سودانيون نازحون بسبب الفيضانات في معسكر للأمم المتحدة بأويل (رويترز)
TT

مع زيادة كوارث فيضان نهر النيل في السودان ودول مجاورة، توقع استاذ سوداني في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا (ام آي تي) الاميركي إمكانية التنبؤ بالفيضان قبل ستة شهور، اعتمادا على درجة حرارة سطح ماء جنوب المحيط الهادئ، في الجانب الآخر من الكرة الارضية.  وربط الاستاذ بين حجم ماء النيل وظاهرة «النينو» التي ثبت ان لها صلات، ايضا، بفيضانات في اميركا الجنوبية، وجفاف يساعد على حرائق مدمرة في ولاية كاليفورنيا. وتعني كلمة «النينو» الاسبانية «الطفل»، اشارة الى عيسى المسيح، وذلك لأن عواصف «النينو» تهب على اميركا الجنوبية خلال ايام الكرسماس. وحتى سنة 1923، لم يكن علماء المناخ والطقس يعرفون كثيرا عن هذه الظاهرة، وذلك عندما كتب عنها البريطاني جلبرت ووكر. ومن هنا جاء اسم «ووكر سيركيوليشن» (هبوب الرياح في شكل دائرة من ساحل اميركا الجنوبية الى ساحل استراليا، وتأثير ذلك على سطح ماء المحيط).

وقال د. الفاتح على بابكر الطاهر، استاذ سوداني في «ام آي تي»: «منذ بداية التاريخ، ظل مستوى ماء نهر النيل يشغل بال الحضارات المتعاقبة. ويؤثر على مواسم فيضان وجفاف ومجاعة ورخاء. وحوى كل من القرآن والتوراة قصصا عن المجاعة في مصر، وعن دور النبي يوسف في التخطيط الاقتصادي الفرعوني». وأضاف: «في العصر الحديث، صار السد العالي في مصر رمزا لجهود الانسان للسيطرة على هذا النهر العملاق. ولتوفير الماء عند الحاجة اليها، ووقاية الناس منها عندما تشكل خطرا عليهم. وفي كل العصور، يظل الانسان النيلي يتمنى ان يقدر على ان يتنبأ بمستوى الفيضان القادم».

لكن الطاهر قال ان الموضوع لم يحسم بعد، لان هناك حاجة الى مزيد من الدراسات. ولان هناك عوامل اخرى، بالاضافة الى «النينو»، تؤثر على حجم ماء الفيضان. مثل: امطار الهضبة الاثيوبية، وسرعة انسياب النيل، والخزانات والسدود.  وقال ان التنبؤ بمستوى الفيضان ظل حلم الاجيال السابقة التي سكنت وتسكن على ضفتي النيل. وذلك لأن النيل، عبر تاريخه المسجل، ظل يتذبذ في مستواه. في سنة 1870 ارتفع الى 110 كليومتر مكعب. وفي سنة 1880 ارتفع الى 138 كيلومتر مكعب، وكان ذلك رقما قياسيا. وفي سنة 1910 انخفض المستوى الى 40 كيلومتر مكعب، وكان ذلك اقل رقم، ولم يتكرر حتى اليوم. وخلال المائة سنة الماضية، كان المتوسط ما بين 80 و90 كيلومتر مكعب. وفي سنة 1970 كان الحجم 85 كيلومتر مكعب، والذي يعتبر في نطاق الحجم المتوسط.

وحسب ارقام سنة 1999، ربط الهادي بين ارقام التنبؤ في منطقة «النينو» ومستوى النيل. وفي مارس من تلك السنة، تنبأ العلماء بأن سطح ماء المحيط سيكون باردا. وبالتالي، لن يكون فيضان النيل منخفضا.

وهكذا، اثبت الطاهر، امكانية التنبؤ قبل ستة شهور من وصول مستوى النيل الى قمته، عادة، في شهر سبتمبر. واجرى الطاهر، ومساعدون له، ابحاثا عن خزان مروي، (تحت الانشاء شمال الخرطوم) خاصة عن مستقبله لمائة سنة: عن التغييرات المناخية على الامطار، وتأثير الامطار على مستوى الماء، وتأثير ذلك على انتاج الكهرباء. وعن زيادة الطمي في المستقبل (حوالي 140 مليون طن كل سنة). وعن التأثير على الصحة العامة بسبب الماء الراكد، وصلة ذلك بأمراض مثل زيادة الملاريا والبلهارسيا، وعمى النهر، وحمى «ريفت فالي». ومثلما اجرى الطاهر ابحاثا في دول افريقية، اجرى ابحاثا في دول عربية. اجرى، ومساعدون له، دراسات عن التصحر واختفاء الغابات في عمان، واوصوا بتخفيض الحركة، وزراعة الاشجار. وعن عدم دفع فواتير الماء في الكويت، وأوصوا بحد اعلى مجانا، ثم دفع ما فوق ذلك.