وفاة أحد مؤسسي «الشبيبة الإسلامية» المغربية المحظورة.. في ليبيا

السلطات المغربية اتصلت بقياديي الحركة.. ونفي تسلمها الإمام المختفي بإيطاليا

TT

توفي حسن مشفي، أحد قيادي حركة «الشبيبة الإسلامية» المغربية المحظورة، أول من أمس، بأحد مستشفيات مدينة طرابلس بليبيا. ونعت جمعية «النصير» المساندة لأسر المعتقلين على خلفية الارهاب، مشفي، معتبرة إياه أحد ناشطي الشبيبة الاسلامية المحظورة، الذي عانى ويلات المنفى، على حد تعبير بيان صادر عن ذات الجمعية.

وانضم مشفي إلى صفوف الشبيبة الإسلامية عام 1980، وهو من مواليد مدينة الدارالبيضاء عام 1962، وحافظ على حضور جلساتها بحي «بلفدير» بالدار البيضاء، لكن بعد الاعتقالات التي شملت صفوف الشبيبة الاسلامية، في صيف 1983، اضطر الى الاختفاء. وفي أواخر عام 1984، التحق بفرنسا رفقة عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير حاليا.

وكانت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، قد أصدرت في حق مشفي، حكما غيابيا بالمؤبد، في يوليو (تموز) 1984 ضمن «مجموعة 71» الإسلامية، التي اتهم أعضاؤها بتهمة المس بالنظام العام.

وشارك مشفي، في كل المعسكرات التدريبية التي نظمتها الشبيبة الإسلامية في عدد من المواقع، وفق مخططها الذي ما زال البحث جاريا حوله، مع من تبقى من عناصرها الناشطين، إذ اعتبر المحققون الأمنيون المغاربة أن عناصر «خلية بلعيرج» المشتبه في تورطها بالارهاب، تعد امتدادا للشبيبة الاسلامية، التي خاضت في بداية تأسيسها صراعا شديدا ضد قوى اليسار. وبعد اغتيال عمر بن جلون، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي عام 1975، غيرت من نهجها التكتيكي، ووضعت نصب عينيها خوض معارك ضد النظام السياسي القائم، فطالتها الملاحقات الأمنية والاعتقالات والمحاكمات.

وبما أن مشفي، كان في فرنسا، رفقة مهتاد، الذي عمل على تسهيل مأمورية خروجه خارج التراب المغربي، فقد أصدرت ذات المحكمة، في حقه حكماً غيابياً ثانيا عام 1985 ضمن مجموعة الـ26 الإسلامية، فيما ظل مصير الآخرين مجهولا، بينهم عبد العزيز النعماني، أحد الوجوه البارزة، في تنظيم حركة الشبيبة الاسلامية، إذ ورد اسمه في محاضر محاكمة قاتلي بن جلون، وأيضا في محاكمات جرت في الرباط على خلفية الارهاب، ضمنها محاكمة حركة المجاهدين المغاربة، بقيادة محمد النكاوي، المدان بالسجن النافذ 20 عاما، لتعاونه مع القضاء المغربي في الكشف عن أسلحة كانت توجد بمدينة الناظور (شمال المغرب)، وبمدينة بركان (شرق المغرب)، منذ عام 1981.

وبعد ذلك، استمر مشفي، حسب معطيات جمعية النصير، مناضلا في صفوف حركة الشبيبة الاسلامية المغربية المحظورة، الى جانب عبد الكريم مطيع، أمينها العام، الذي غادر المغرب بعد محاكمة قاتلي بن جلون، ولازمه في هجرته، حيث تفرغ بعد ذلك لتحصيل العلم والدراسة في جامعة طرابلس بليبيا.

وقال عبد الرحيم مهتاد إنه يستبعد أن يتم دفن مشفي بالمغرب، لكونه لم يكن يتوفر على أوراق ثبوتية، مشيراً إلى أن المنية وافته وهو يسعى إلى تسوية وضعيته القانونية، قصد الحصول على جواز السفر. وأوضح مهتاد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن عبد الكبير، والد مشفي، سافر أمس، إلى ليبيا لبحث إمكانية نقل جثمان ولده إلى المغرب، وإذا تعذر فسيتم دفنه بإحدى مقابر ليبيا.

وبخصوص ما راج حول وجود اتصالات بين السلطات المغربية وقياديي الشبيبة الاسلامية بليبيا، قال مهتاد إنه كان على علم بوجود هذه الاتصالات من خلال سفارتي البلدين، من أجل تسوية وضعية قياديي هذا التنظيم السياسي، بمنحهم جوازات سفر، لكن من دون إحراز أي تقدم يذكر. بيد أن مهتاد، أكد أنه لا يعلم تفاصيل الحوار، ولا النقاط المتفق بشأنها، ولا كيفية ضمان عودة جميع المغتربين من قياديي الشبيبة الاسلامية، وطي صفحة الماضي الأليمة.

وحول شأن آخر، نفت السلطات القضائية المغربية أن تكون السلطات الإيطالية سلمتها عبد المجيد زركوت، إمام مسجد بميلانو (شمال المغرب). وقالت مصادر متطابقة لـ«الشرق الأوسط»، إن زركوت، اختفى عن الأنظار، عقب خروجه من محكمة ميلانو، إذ قال للقاضي إنه مستعد ان يتم تسليمه الى سلطات بلاده، لأنه متيقن من براءته، ولم تثبت في حقه أية شبهة بالارهاب. وكان محاميه الايطالي لوكا باوتشو، قد أكد أن موكله زركوت، تعب من أن تكال له تهم الارهاب، خاصة بعد إغلاق السلطات المغربية والاسبانية، ملف تفجيرات الدارالبيضاء عام 2003، ومدريد عام 2004، إذ لم يسبق لهما أن ذكرا زركوت، في أي محضر من المحاضر التي توبع فيها عدد من المشتبه في تورطهم بالارهاب، على حد قول المحامي باوتشو.

ومن جهته، قال عبد العزيز النويضي، محامي زركوت، إنه أجرى اتصالا بالادعاء العام بمحكمة الاستئناف بالرباط، لمعرفة مستجد ترحيل موكله، لكنه فوجئ بجواب المدعي العام، الذي أخبره أن زركوت، لا يوجد بالمغرب، ولم يتم تسليمه بعد إلى القضاء المغربي. وأوضح النويضي لـ«الشرق الأوسط»، أن الادعاء العام بمحكمة الاستئناف بالرباط، جدد التأكيد على وجود اتصالات دائمة بين القضاء المغربي ونظيره الايطالي من اجل تسلم زركوت.

وقال النويضي إنه اتصل بشركة الخطوط الجوية المغربية، لمعرفة ما إذا كان زركوت، ضمن قائمة المسافرين على متن طائرتها، التي تربط مدينة ميلانو، بمدينة الدارالبيضاء، في رحلتين، الأولى على الساعة الرابعة من زوال يوم الجمعة الماضي، والثانية على الساعة الحادية عشرة، من نفس اليوم، فكان الجواب بالنفي، كما راجعت الشركة المغربية قائمة المسافرين من ميلانو الى الدارالبيضاء يوم السبت الماضي، وتوصلت إلى نفس النتيجة.

وأكد النويضي أن أسرة زركوت، تعيش قلقاً، كونها علمت باعتقال زركوت، من قبل السلطات الايطالية، بمنزله في مدينة فاريزي (شمال إيطاليا)، لكنها تجهل لحد الآن مصيره.

وكانت السلطات الإيطالية، قد اعتقلت زركوت، من أجل تسليمه بموجب قرار صادر عن الادعاء العام بمحكمة الاستئناف بالرباط، بتاريخ 31 يوليو 2008 بتهمة «ارتكاب أعمال إرهابية». وكانت ذات السلطات قد اعتقلت زركوت بتهمة الإرهاب الدولي قبل ثلاثة أعوام، غير أن محكمة ميلانو برأته من التهم التي نسبت إليه يوم 3 أغسطس (آب) 2007.