حكم سويسري بالبراءة بعد مرور 226 سنة على الإعدام

«كانتون» غلاروس يعيد الاعتبار إلى آنا غولدي

TT

صادق برلمان «كانتون» غلاروس السويسري يوم أول من أمس، بعد مضي 226 سنة، على قرار اتخذه بالإجماع بتبرئة المواطنة آنا غولدي من تهمة القتل التي أدت إلى إعدامها شنقاً حتى الموت. واعتبر برلمان «الكانتون» (أي الإقليم الذاتي الحكم) أن الحكم الذي صدر بإعدامها يوم 9 فبراير (شباط) 1782 يشكل انتقاصاً من العدالة وسوء استغلال للسلطة والنفوذ.

آنا غولدي (1740 ـ 1782) اشتهرت بكونها آخر امراة أوروبية تعدم بتهمة السحر. وكان قد نفذ فيها الحكم بالموت في فترة تعد نسبياً من أيام التنوّر والتثقيف التي دخلتها أوروبا بعد عصور الظلام والجهل التي شهدت إعدامات لنسوة اتهمن بممارسة السحر والاستعانة بالجن في عدد من دول القارة بين القرنين الميلاديين الـ 14 والـ 17. وكانت آنا قد عملت وصيفة في منزل يوهان تشاودي، الفيزيائي والقاضي المرموق. وكان تشاودي هو مَن اتهمها بممارسة السحر وتسميم طفلته ذات الثماني سنوات حتى صارت تبصق دبابيس. وبعد حملة استغل فيها تشاودي نفوذه صدر الحكم بإعدام آنا، التي اضطرت للاعتراف بجريمتها تحت التعذيب ثم عادت وتراجعت عنه. غير أن أحداً لم يصغ إليها، خاصة أن الكنيسة ساندت الاتهام، فصدر الحكم بشنقها مع أن القانون حينئذٍ لم يكن ليصدر حكماً بالإعدام في قضية تسمّم لم تثبت. هذا، وكان برلمان غلاروس قد سعى منذ أكثر من سنة لإحقاق الحق وإقرار قانون يبرئ آنا غولدي، ويصحح صورتها كمواطنة كانت تسعى لإعالة نفسها بالعمل المنزلي، مشيراً إلى أن اتهامها الظالم كان محاولة من مخدومها للتغطية على علاقة غير شرعية أجبرها عليها ومن ثم خشي على سمعته من الفضيحة عندما قررت تركه. إلا أن حكومة «الكانتون» وبعض قادة الكنيسة ارتأوا أن لا حاجة لإثارة الأمر كقضية عامة بعد مضي كل تلك السنين داعين لنسيانه. ولكن بالرغم من ذلك، تمسّكت جهات صحافية وقانونية بأهمية الاعتراف بالخطأ وتبرئة آنا غولدي إحقاقاً للحق. ونجحت خلال العام الماضي بافتتاح متحف خاص بالضحية المسكينة في قريتها مولليز بمناسبة مرور 225 سنة على شنقها، يضم صورا لها ورموزاً للأدوات التي استخدمت في إعدامها، ومقتطفات من الصحف التي حملت إعلانات تدعو إلى القبض عليها مقابل مكافآت مالية بعد هروبها واختفائها خوفاً من الإعدام. كذلك أصدر الصحافي والمحامي فالتر هاوسر كتاباً يروي قصتها، يعد من أكثر الكتب الصادرة باللغة الالمانية مبيعاً خلال العام الماضي. كذلك اضطرت حكومة «الكانتون» للتبرع بمبلغ 118 ألف دولار لتمويل عمل مسرحي عن سيرة آنا غولدي.