ميقاتي يطرح فكرة الوسطية الاقتصادية في التنمية

صالح كامل يعتبر الزكاة حلاً في ندوة جامعة عقدت في طرابلس

TT

أكد رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي «أن واجب العمل لحماية لبنان يقتضي منا جميعاً تجميد كل الخلافات حول القضايا الميثاقية، ليس لأنها تتطلب تعديلاً للدستور لم يحن بعد فحسب، بل، لأن هذه القضايا تتطلب توافقاً وطنياً جامعاً لا يحل فيه عدد الاصوات محل الرمزية الوطنية ومفاعيلها». ورأى «أن مؤتمر الحوار الوطني الذي سيدعو اليه رئيس الجمهورية، يشكل المساحة الطبيعية للتفاهم على كل النقاط المختلف عليها، من دون أن نسقط دور المؤسسات التي لها في النهاية الكلمة الفصل».

وكان ميقاتي قد افتتح أمس الندوة الاقتصادية الدولية حول «دور الوسطية الاقتصادية في التنمية والتطوير الاجتماعي» في طرابلس.

وبعد كلمة ترحيبية لمقبل ملك، ألقى المشرف العام على «جمعية العزم والسعادة الاجتماعية» عبد الإله ميقاتي كلمة قال فيها: «ان الحكم على نجاح الخطط التنموية يجب أن يشكل في منطلقاته معايير انتشار الطبقة الوسطى وتلبية حاجاتها المشبعة، علماً بان هذه الحاجات تتزايد باستمرار، بسبب التضخم والتطور الاجتماعي الحاصل في المجتمع، فما كان بالأمس من الرفاهيات قد أصبح اليوم من الضرورات. أما اذا كانت المؤشرات تدل على تراجع حجم الطبقة الوسطى وإفقارها وعدم قدرتها على ملاقاة ارتفاع التكاليف المعيشية، فإن ذلك يعني أن خللاً اقتصادياً يحدث، ولا بد من معالجته لتحقيق الاستقرار المنشود».

ثم وجه رئيس الغرفة الاسلامية للتجارة والصناعة الشيخ صالح عبد الله كامل رسالة متلفزة الى الحضور من مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت، نوه في مستهلها بجهود الرئيس ميقاتي، ولفت الى اهمية الندوة وإلى دور الوسطية في حياة المسلمين. ثم تناول موضوع الزكاة التي «تجاهلناها ولم نجهلها»، معتبراً أنها تحل المشكلة الاقتصادية برمتها فيما لو أداها المسلمون. وأشار الى اطلاق الغرفة الاسلامية للتجارة والصناعة دراسة خاصة بإنشاء هيئة للزكاة .

ثم ألقى الوزير السابق جهاد أزعور كلمة ركز فيها على اهمية اطلاق الصناديق الاستثمارية والمبادرات في التنمية الاقتصادرية ودور هذه الصناديق في إطلاق المشاريع الصغيرة. واعتبر أن محافظة الشمال تحتاج هذا النوع من المبادرات التي تساهم في التنمية الاقتصادية عموماً. وأضاف: «عامل مهم جداً في التنمية الاقتصادية هو انشاء هيئات اقتصادية تنموية جديدة، ولذا أنا أدعو الى انشاء هيئة في طرابلس تشارك فيها كل الفعاليات وتكون بذلك عملاً مشتركاً يضع الأسس لاستراتيجية الانماء في طرابلس والشمال».

ثم تليت كلمة الأمين العام التنفيذي لمنظمة «الاسكوا» السفير بدر عمر الدفع، الذي اعتذر عن عدم الحضور نتيجة سفر طارئ، وقال في كلمته: ان حرمان منطقة أو مناطق في الدولة من فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية له آثاره السلبية على الانسان الذي ينبغي دائماً الحصول على حقه في الحياة الكريمة مثل باقي مناطق الدولة. ومن هنا فإن التنمية يجب أن تكون جادة وأن يتم دراسة مسببات الفقر وانخفاض الدخل الفردي في اطار تحليلي مقارن بين مختلف المناطق. ولدى الاسكوا أنشطة مختلفة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ولديها الامكانية في اقتراح الحلول المناسبة في مواضيع ذات أولوية لدول المنطقة».

ثم ختم ميقاتي الندوة بكلمة اعتبر فيها «ان طرابلس هي القلعة الحصينة في وجه المؤامرات التي تستهدف النيل من وحدتها ووحدة لبنان عموماً. وأضاف: «تنعقد ندوتنا اليوم بدعوة من «منتدى الوسطية في لبنان» بهدف الاستعانة بمفاهيم الوسطية الاقتصادية التي تحمل في طياتها بعداً استراتيجياً يقوم على خطوط عريضة للتنمية الاقتصادية والتطوير الاجتماعي، وكل ذلك سعياً وراء البحث عن استراتيجية كفيلة بمواجهة التحديات الناتجة عن حالات الفقر والبطالة والتخلف الاجتماعي والتباطؤ الاقتصادي من أجل العبور الى التنمية الانسانية الصحيحة».

وقال: «في السنوات الثلاث الاخيرة برز الشأن السياسي والاضطرابات الامنية في لبنان على كل ما عداه من قضايا، وتراجعت المعالجة الاقتصادية لهموم المواطنين المعيشية كأولوية مطلقة، رغم الزيادة المخيفة في الركود والتضخم والبطالة وتراجع عجلة الانتاج والقدرة الشرائية. لقاؤنا اليوم، ليس لعرض واقع لبنان الأليم أمامكم، بقدر ما يهدف الى الاستعانة بخبراتكم، أنتم الباحثون الرواد في مجال التنمية ومعالجة أوضاع الفقر والبطالة والتأهيل المهني، وخبراء مؤسسات القروض الصغيرة المخصصة للفقراء، والمطلعون على مجالات استخدام أموال الزكاة في عمليات التنمية وتطوير المجتمع. كل ذلك مع قناعتي أنه لا يوجد في العالم نموذج تنموي موحد لا يأخذ في الاعتبار التأثيرات والمعطيات المحلية، كما أنه لا يوجد نموذج تنموي في قالب جامد لا يتغير. فمن أهداف هذه الندوة استكشاف طريق تنموي يتأقلم مع الواقع اللبناني ويلبي طموحات اللبنانيين عبر سياسات مالية وتنموية واستراتيجيات اقتصادية مناسبة وملتصقة بالواقع».

وأضاف: «اننا اليوم في طرابلس نشعر بحاجة ماسة الى تطوير اقتصادياتنا المحلية وإلى خلق بيئة انمائية تسمح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الحرف والمهن أن تعمل وتنمو وتزدهر. كما أننا نطمح الى بيئة اقتصادية منفتحة تعمل من خلال معادلة اقتصادية - اجتماعية حديثة تعطي لطرابلس دوراً اقتصادياً مهماً في مسيرة الوطن يعوضها عن الاهمال المزمن اللاحق لها. نعم، نريد دوراً جديداً مبتكراً يرفع من مكانة طرابلس ومن مستوى معيشة أهلها وحياتهم ورفاههم. نعم، نريد أن يأتي هذا الدور مستديماً وتكاملياً مع محيط مدينة طرابلس لبنانياً وعربياً. نريد دوراً يستند الى اسس علمية لا اعتباطية وموسمية أو متسرّعة.