أبو الغيط : إرسال قوات عربية إلى غزة يحتاج لدراسة.. وطهران مؤثرة بالمنطقة لكننا نضيق بتصرفاتها

وزير الخارجية المصري يتهم في مقابلة مع «الشرق الأوسط» إسرائيل بالمزايدة والمبالغة في المخاطر الأمنية

TT

أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، أن التركيز الإسرائيلي على قضية أمنها والمخاطر التي تقول إنها تتعرض لها، أمر «مبالغ فيه للغاية»، و«يفتح الطريق دائما إلى مزايدات من قبل إسرائيل»، و«إلى تصرفات تؤثر على الاستقرار والسلام في الإقليم». وقال في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، من القاهرة إن بلاده تسعى لإعادة الأمور بين الفلسطينيين إلى طبيعتها، مشيراً إلى أن اجتماعاً بين حركتي «حماس» و«فتح» سيعقد في القاهرة بنهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، فإلى نص الحوار..

* التقارير الواردة من الخارج تشير إلى أن الحوار مجرد حوار لن يؤدي إلى شيء وأن الجميع ينتظر لحين وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى الحكم.. كيف ترون ذلك؟ ـ هذه وجهات نظر لا أرغب في التعقيب عليها، وأعتمد على المثل المصري الذي يقول إن «المية تكدب الغطاس»، وأقصد أن الأيام سوف تكشف المواقف.

وأضاف أن فكرة إرسال قوات عربية إلى قطاع غزة لوقف الاقتتال، ووقف الصدام الإسرائيلي الفلسطيني، «فكرة جذابة تستحق أن تؤخذ بالجدية الواجبة». وكشف ابو الغيط أن وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، أكدت له في اتصال أن واشنطن تسعى لإنجاز اتفاق مكتوب يعلن في سبتمبر المقبل.

وعن الطريقة التي يمكن أن تعود بها العلاقة بين العراق والعرب إلى طبيعتها، عوَّل الوزير المصري على الشركات العربية ورجال الأعمال العرب، وعلى الاستقرار والمصالحة والوئام الداخلي هناك، معرباً عن ثقته في أن المشكلة ليست في الإطار الرسمي وإنما في التهديدات الأمنية الداخلية بالعراق، التي تؤرق رجال الأعمال والشركات والمواطنين العاديين الذين يخشون على حياتهم.

وفي ما يتعلق بالعلاقات المصرية الإيرانية، شدد الوزير أبو الغيط على ضيق مصر من بعض التصرفات الإيرانية، لكنه قال إن بلاده تتعامل مع طهران باعتبارها قوة لها تأثيرها في العالم الإسلامي وفى منطقة الخليج وفي الإقليم بصفة عامة. ونفى ان يكون ثمة توتر في العلاقات بين القاهرة ودمشق، معرباً عن أمله في عودة نشطة لعلاقة يجب أن تكون علاقة حميمية بين الطرفين. وتحدث أبو الغيط عن رؤية بلاده لحل مشكلة السودان مع مدعي المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك الترتيبات الجارية لعقد القمة الاقتصادية العربية في يناير (كانون الثاني) المقبل.

* ما هي المخاوف التي أبلغها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك لمصر خلال زيارته الأخيرة للقاهرة خاصة في ما يتعلق بالقلق من حماس وحزب الله وإيران؟ ـ المحور الأساسي في التفكير الإسرائيلي، مثلما تحدث به باراك، هو التركيز على البعد الأمني في علاقات إسرائيل الخارجية، سواء العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية أو الإسرائيلية العربية أو ما يتجاوز الحدود العربية إلى دول الجوار الأخرى، وهذا التفكير يؤكد بأن إسرائيل لا شيء لديها في الحياة سوى الأمن.. ونحن في مصر نرى أن هذا التركيز الإسرائيلي هو أمر مبالغ فيه للغاية، ويفتح الطريق دائما إلى مزايدات من قبل إسرائيل، وإلى تصرفات تؤثر على الاستقرار والسلام في الإقليم، وهذه هي النقطة المفصلية والمحورية في حديث كل المسؤولين في إسرائيل، وهم لا يخفون ذلك، بل هم دائما يتحدثون عن خطر الأمن والمخاطر التي تتعرض لها إسرائيل والسؤال: هل هذه المخاطر حقيقية أم مجرد حجج وتبريرات؟ وفي تصوري أنها خليط بين الاثنين.

* مع بداية الحوار المصري مع الفصائل الفلسطينية هل سنرى في الأفق القريب نتائج إيجابية لهذا الحوار تنهي حالة الانقسام الفلسطيني؟ ـ مصر بدأت أولى جلسات الحوار الذي يمتد لمجموعة من الجولات بحيث تصل في نهايته إلى اتفاق يأخذ الفلسطينيين لمرحلة جديدة تفتح الطريق لإعادة الأمور إلى طبيعتها، وهذه العودة تتطلب تطمينات وتأكيدات من أطراف عربية.. وأتصور أن مصر ومعها هذه الأطراف لديهم هذه القدرة لتقديم هذه التطمينات والتأكيدات.

* ما نوعية هذه التطمينات برأيكم؟ ـ هناك الكثير من الإجراءات التي لا يمكن التحدث عنها حاليا.

* نعود إلى الحوار الفلسطيني.. ما هو المتوقع منه؟ ـ جرى حوار مع «(حركة) الجهاد الإسلامي» ثم (مع) «الجبهة الشعبية»، وسوف نتحرك بعد ذلك وصولا إلى آخر اجتماع، وسيكون (بين) حماس وفتح في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.

* لكن التقارير الواردة من الخارج تشير إلى أن الحوار مجرد حوار لن يؤدي إلى شيء وأن الجميع ينتظر لحين وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى الحكم.. كيف ترون ذلك؟ ـ هذه وجهات نظر لا أرغب في التعقيب عليها، وأعتمد على المثل المصري الذي يقول إن «المية تكدب الغطاس»، وأقصد أن الأيام سوف تكشف المواقف.

* إلى أن ينتهي الحوار وتظهر نتائجه المنشودة كيف تتعامل مصر مع غزة؟ ـ غزة تُحكم حاليا من قِبل حماس، ومصر لازالت ترى أن هذا الوضع غير طبيعي وأن طبيعة الأمور وشرعيتها تفرض عودة السلطة الفلسطينية لممارسة أعمالها، وهناك الكثير من الآراء التي تطرح حاليا من حيث تحقيق المصالحة.

* يدور الحديث حول إدخال قوات عربية إلى غزة لإنهاء الوضع الراهن.. هل يمكن تنفيذ هذه الفكرة، ومتى؟ ـ هذه الفكرة مطروحة ويجب أن ينظر إليها باهتمام شديد وبدراسة، لأن وجود قوات عربية على الأرض يمكن أن يوفر منع الاقتتال ووقف الصدام الإسرائيلي الفلسطيني، ويمكن أن يتيح للفلسطينيين إعادة بناء إمكانياتهم داخل القطاع وبشكل يحقق الوئام، وإلا إذا استمر هذا الوضع بين الفلسطينيين وبعضهم البعض، فسوف يأتي اليوم الذي يقول فيه أحدهم أو حتى يكتب فيه أحدهم، ليس مقالا، وإنما كتابا بعنوان «كيف سقطت القضية الفلسطينية» و«كيف سقطت الدولة الفلسطينية؟» و«كيف سقط مستقبل الشعب الفلسطيني؟».. وفي الجانب الآخر يجب أن يُكتب الكتاب المقابل، ويجب أن نؤيد كتابة الكتاب المقابل، وهو «كيف نجح أبناء شعب فلسطين في الحفاظ على قضية الوطن وقضية الشعبش و«كيف أقاموا هذه الدولة المستقلة».

* ماذا تقصدون من هذه الكتب؟ ـ أقصد أهمية تسجيل المواقف الإيجابية، التي أنظر إليها بشكل متفائل وآمل أن نكون هكذا.

* هل ستطرحون فكرة استقدام قوات عربية إلى غزة خلال الحوار الشامل للفصائل الفلسطينية؟ ـ هذه الفكرة لا تأتي إلا بعد إعادة صياغة الوحدة الوطنية الفلسطينية وبعد الدراسة المناسبة لأنني أتحدث عنها.. والأمر لم يطرح للدراسة بعد ولكنها فكرة جذابة تستحق أن تؤخذ بالجدية الواجبة، عندئذ نتصور أن مصر والجامعة العربية يمكن أن يقوما بدور في هذا الشأن.

* معبر رفح تتعرضون لانتقادات كثيرة (بسبب استمرار إغلاقه) هل تعتقد أن اتفاق 2005 لتشغيل المعبر قد تجاوزته الأحداث؟ ـ الأحداث لم تتجاوز هذه الاتفاقية، ومن وجهة النظر المصرية الاتفاق قائم لأن مصر تعترف بالسلطة الفلسطينية التي وقعت (عليه)، وبسيطرتها الموحدة على الضفة وغزة، وبكل ما وقعته من اتفاقيات. كما أن مصر تتمسك بهذا الاتفاق.

* لكن الوجود الأوروبي أصبح مشكلة على المعابر (بسبب انسحاب المراقبين الأوروبيين) هل يمكن التوصل إلى آلية لإدارة المعابر أو أي معادلة تؤدي إلى انفراج الموقف في هذا الخصوص؟ ـ مصر تسعى، ومنذ عام، وربما أكثر، للتوصل لوضع جديد للمعبر، باعتباره ضمن اتفاق عام 2005.. وقلنا: فلنسمح بقوات الحرس الجمهوري (الفلسطينية) وأن يعود الاتحاد الأوروبي بمراقبيه مرة أخرى في إطار تنفيذ متكامل للاتفاق.

* هل تتوقعون التوصل إلى مسودة سلام بين فلسطين وإسرائيل خلال العام الجاري وفق تفاهمات أنابوليس أم أن هذه التفاهمات انهارت بالفعل؟ ـ يجب أن نكون حريصين جدا عند الحديث عن توقعات في هذا الصدد.. وكافة المؤشرات تقول إن هناك صعوبات بالغة تواجه المتفاوضين الذين يسعون إلى التوصل إلى اتفاق، وكثير من الأصوات، ومن بينها أصوات الذين يتفاوضون أنفسهم يستبعدون حدوث ذلك، وعلى الجانب الآخر لازالت الولايات المتحدة تؤكد أنها ملتزمة، وبالأمس أكدت لي وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، في اتصال خلال وجودها بالمنطقة، إنها تسعى لانجاز اتفاق مكتوب يعلن عنه في سبتمبر المقبل، أو هكذا يتصورون.. أو على الأقل العناصر الأساسية لاتفاق مكتوب، ونحن نتابع المواقف، ونتابع التصريحات، وقد اتفقنا على المزيد من المشاورات التليفونية حتى نلتقي في الأمم المتحدة في سبتمبر، وسوف نتلقى تقريرا من الجانب الفلسطيني، كما سنتابع ردود الفعل الإسرائيلية، ونسعى للحصول من الجانب الإسرائيلي على رؤيته في أعقاب زيارة باراك لمصر مؤخرا، ونأمل أن يتم دفع الأمور، ولكننا نأخذ أيضا هذه الأصوات التي تتحدث بالكثير من الشكوك في الحسبان، وبشكل دقيق، وربما يقترب من تفهم هذا التشكك.

* هل يطلعكم الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي على آخر تطورات ما توصلوا إليه من نتائج لمباحثاتهما؟ ـ دائما نطلع على كل التطورات على جانبي المفاوضات، وقد أوفدت مؤخرا المتحدث باسم الخارجية السفير حسام زكي إلى رام الله، حيث التقى مع القيادات الفلسطينية، وحصل على الصورة بشكل متكامل، وبما فيها الوثائق.

* في الشأن العراقي ما هو تصوركم لعودة العرب إلى العراق وإعادته إلى محيطه العربي؟ ـ العراق يسعى لاستعادة دوره العربي، وذلك منذ مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية عام 2004، التي سهلت فيها مصر عودة المقعد العراقي مشغولا بممثله في الحكومة الجديدة، وفي ما يتعلق (بعودة) العرب إلى العراق؛ أثق أنه، وفي الإطار الزمني غير البعيد، ومع المزيد من الاستقرار وعودة الأمور الطبيعية إلى العراق.. أثق أن المزيد من الدول العربية سوف يتحرك في الإطار الرسمي للاقتراب من العراق، والمشكلة ليست في الإطار الرسمي وإنما في التهديدات الأمنية الداخلية التي تؤرق رجال الأعمال والشركات والمواطنين العاديين الذين يخشون على حياتهم.

* (التهديدات) حتى للبعثات الدبلوماسية؟ ـ البعثات الدبلوماسية نتصور أن هناك إمكانية لتأمينها، ولكن مع (وجود) أخطار، لأن المشكلة هي أنه لكي يفتح العراق بشكل طبيعي، يجب أن تعود الشركات العربية ورجال الأعمال العرب وينطلقوا في بناء العراق الجديد، ونرى أيضا أن الاستقرار والمصالحة والوئام الداخلي في العراق هو مفتاح (لحل) الموقف.

* هل اقتربت الحكومة العراقية من هذا المفتاح (الحل)؟ ـ هناك تحسن واضح وملموس في الأوضاع ولكن يصعب الإجابة بدقة عن هذا السؤال.

* ما هي نتائج زيارة البعثة المصرية الدبلوماسية إلى العراق؟ ـ عادت البعثة يوم الاثنين الماضي، وأكدت وجود تحسن في الأوضاع الأمنية.. وأعتقد أن هذه البعثة ستعود مرة أخرى قريبا للتدقيق في بحث المزيد من الأوضاع.

* هل للترتيب (لـ) فتح السفارة المصرية في العراق؟ ـ (بل) للنظر في كافة المسؤوليات المصرية تجاه العراق، وللنظر في توابع المسؤوليات المصرية (هناك).

* هل تفكرون في زيارة العراق قريبا؟ ـ ليس بالأمر البعيد عن الحسبان.

* كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن نظام أمني إقليمي يضم العراق وإيران وعددا من الدول العربية إضافة لتركيا.. هل اطلعتم على محتويات هذا الحديث؟ ـ هناك أطروحات إيرانية في هذا الصدد، وهناك أحاديث من قبل روسيا الفيدرالية لعقد مؤتمر دولي للنقاش حول أمن الخليج، وهناك اجتماعات لمجموعة مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن .. وكذلك يدور نقاش حول أمن الخليج؛ ووجهة النظر المصرية (هي) أن أمن الخليج له بعد ووجه عربي لا يجب السماح إطلاقا بأن يتم تجاوز العرب في ترتيبات لأوضاع إقليمية فيما يتعلق بالخليج.

* يتردد الحديث أيضا حول صفقة تحصل بموجبها إيران على دور في الترتيبات للأمن الإقليمي.. هل هذه الصفقة ضد مصالح العرب؟ ـ الحديث يدور ليس عن صفقة، وإنما حول عروض من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لإيران بأن عناصر القلق الأمني الإيراني يمكن مناقشتها في إطار دول الخليج، ولكنها أطروحات لم يتم تناولها بالتفصيل، ولم تناقش على أي مستوى. وعندما تسأل القوى الغربية أو الدول الأخرى من دائمي العضوية يجيبون بقدر كبير من العمومية وبشكل يكشف عدم وضوح الفكرة لديهم.

* ما هو الجديد في العلاقات المصرية ـ الإيرانية، خاصة أنها تتعرض بين الوقت والآخر للتصعيد الإعلامي، الذي يكمن في جوانبه الخلاف السياسي؟ ـ هناك بعض المسائل التي ضاقت منها مصر، وفي مقدمتها بعض التصرفات الإيرانية، ولكننا نتعامل مع إيران باعتبارها قوة لها تأثيرها في العالم الإسلامي وفي منطقة الخليج وفي الإقليم بصفة عامة. ولكن مصر أيضا ترى، وإن كانت تعترف، بأن هناك مصالح واهتمامات إيرانية، إلا أن مصر تصمم وتتمسك بأن هذه المصالح الإيرانية يجب أن تأخذ في الحسبان أيضا، وبأكبر قدر من الاهتمام، بالمصالح العربية، وهناك تلاق عربي إيراني في مسائل إسلامية، ولا يفوت أحد، على سبيل المثال، أن قوة الإسلام ونهضته في الفترة من القرن السابع الميلادي وحتى القرن الخامس عشر الميلادي القوة الرئيسية للعالم الإسلامي، كانت متمثلة في إيران وتركيا ومصر، وهذه القوة جميعا لازالت موجودة على الأرض، بل نقول إن تركيا بعدد سكانها الذي يكاد يقترب من سبعين مليون نسمة، وإيران التي يصل تعدادها إلى خمسة وسبعين مليون نسمة، ومصر التي يقرب عدد سكانها من ثمانين مليون نسمة، عليهم أن يبحثوا عن الصيغة المناسبة التي تحقق آمال المسلمين، ولكن عليهم أيضا البحث في نقاط التلاقي في ما بينهم.. ومصر وتركيا لديهما علاقات متميزة وممتازة، وعليه نأمل أن تكون تصرفات إيران معنا تفتح الطريق إلى علاقات مماثلة للعلاقات المصرية التركية.

* ما هي التصرفات الإيرانية التي (قلتم إنها) أغضبت مصر؟ ـ الإعلام والمظاهرات والأفلام والتليفزيون الإيراني، والعدوانية المتزايدة من بعض الدوائر على المسرح الإيراني، وعدم تجاوب إيران للكثير من المطالب المصرية، خاصة في ما يتعلق بأداء إيران في المنطقة. ورغم ذلك يوجد في المقابل.. دوائر داخل إيران تتفهم أهمية العلاقات الطيبة مع مصر، وتعمل لصالح هذا، وتسعى لبناء العلاقة مع مصر، ونحن نأمل أن يكون هذا الصوت هو الأكثر قوة في طهران.

* إذن هل نعتبر هذا التوتر سياسيا يعكسه الإعلام الإيراني، أم انه مجرد دور إعلامي يعكر صفو العلاقات (بين البلدين)؟ ـ هو توتر إعلامي، ويجب الاعتراف بأن الإعلام هو الذي يصيغ الموضوعات السياسية، وللأسف لدى الكثير من أبناء الشعوب الإعلام نجده يصيغ السياسة.

* الحوار العربي الإيراني أين هو مما يحدث من توترات في العلاقات العربية الإيرانية؟ ـ نأمل أن يتفهم إخواننا في إيران أن هناك مصالح وآمالا عربية وقضايا يجب حلها.. في المقدمة (منها) جزر الإمارات (المتنازع عليها مع إيران) وتأمين الإقليم ضد الأخطار الخارجية، وعدم دعوة الأطراف الخارجية للتصعيد في هذا الإقليم. وبعض التصرفات كثيرا ما تقود إلى إتاحة الفرصة للقوة الخارجية (لـ) الانغماس في هذا الإقليم، ونأمل أن يهدأ الجميع، وأن يتعاملوا مع الأوضاع بالشكل الذي يحقق السلم والاستقرار لهذا الإقليم، لأنه يعتبر في حقيقة الأمر مستودع الطاقة في العالم، ويجب الحفاظ عليه لصالح أبناء هذا الإقليم.

* سبق أن للرئيس الإيران أحمدي نجاد الإعلان عن رغبته لزيارة مصر، ولم يرد الجانب المصري، في ما اعتبره البعض تجاهلا مصريا لأي نوع للتقارب مع إيران.. كيف ترون هذا الأمر؟ ـ نحن لا نتجاهل إيران ولا رئيس إيران، ونحن نبغي إقامة علاقات طبيعية عادية هادئة مستقرة مع إيران عندما نستطيع حل بعض المشكلات التي تؤرق هذه العلاقة، ومن بين هذه المشاكل: الملف الأمني، والأداء الإيراني على مستوى الإقليم، ومنها بعض التصرفات التي نرى أهمية تجاوزها من جانب إيران، خاصة في ما يتعلق بجدارية (خالد) الإسلامبولي (القيادي بتنظيم الجهاد المصري، الذي أدين مع آخرين بقتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1981 وتحتفي به إيران منذ ذلك الوقت إلى الآن)، وغيره. ونأمل أن يحمل المستقبل لمصر وإيران علاقات طيبة هادئة مستقرة تتسم بالتعاون الإقليمي، إضافة للتعاون في مجال التجارة والاستثمار وبشكل يحقـــق للإقليم هذا القدر من الاستقرار ويطلق طاقات الشعبين لخدمة الدولتين والإسلام، مثلمـــا كان الأمر منـــذ خمســة أو ستة قرون.

* هل تعتقدون أن مناوشات إيران مع العرب لها علاقة بالضغوط الأميركية والإسرائيلية ضد إيران؟ ـ إذا كانت إسرائيل تشتبك مع إيران نتيجة لمواقف متعارضة بين الطرفين، وإذا كان الملف النووي الإيراني هو مفتاح الموقف، وبالتالي الذي يؤدي إلى تعقيد هذه العلاقة، وبالتالي كهربة منطقة الشرق الأوسط .. دعونا نتعامل وبايجابية وبمنطق مع الملف النووي وبشكل يفتح الطريق لهذا الاستقرار الذي نتحدث عنه.

* ملف العلاقات العربية – العربية.. ما مدى الاهتمام به، وهل بعد انتهاء أسباب التوتر في العلاقات بين دمشق والقاهرة، يمكن أن نرى انفراجا في المواقف؟ ـ لا أعتقد أن هناك توتراً في العلاقات بين القاهرة ودمشق وإنما ما حدث هو لون خافت في العلاقات بين الطرفين لـ(عدة) أسباب، منها اختلاف الرؤى في ما يتعلق بالوضع اللبناني، وآمل أن يفتح المستقبل الطريق لعودة نشطة لعلاقة يجب أن تكون علاقة حميمية بين الطرفين.

* هل من مؤشر في الأفق يحمل هذا المعنى؟ ـ في الوقت الراهن لم أرصد أي تحولات، ولكن نأمل أن يأتي المستقبل ببعض الرياح الايجابية.

* هل من المقبول (بالنسبة لكم) أن تبلغ إسرائيل (مصر بـ) نتائج مباحثاتها مع سورية، وليس (إبلاغكم) من دمشق (من جانب السوريين مباشرة)؟ ـ يُسأل عن ذلك الإخوان في سورية.

* ماذا عن نتائج سير مفاوضات السلام بين سورية وإسرائيل، التي أبلغكم بها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك؟ ـ لن أتحدث فيما تحدث به وزير الدفاع الإسرائيلي، لأنها أمانة لا يجب أن نكشف عنها شيئا.

* من الملاحظ أن السودان كلما تجاوز أزمة دخل في أزمات أخرى.. هل ترون أنه يمكن تعليق قرار المدعي العام (بالمحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين سودانيين كبار)؟ ـ هذا الأمر يرتبط بإقناع المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن.. أن يفعل ذلك ويقوم بهذه الخطوة وحتى هذه اللحظة لم نرصد نشاطا عربيا سودانيا دوليا يسعى لإقناع المجلس بتعليق قرار المدعي العام، وعليه آمل أن نستطيع خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل بنيويورك أن نرى مؤشرات في هذا الصدد.

* ما هي رؤية مصر لمعالجة الموقف مع السودان؟ ـ الرؤية التي تراها مصر تم صياغتها في القرار الصادر عن مجلس وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية، وكذلك التوجيه الصادر من المجلس إلى الأمين العام (للجامعة العربية) وهذه هي الرؤية المصرية، التي قامت مصر في حقيقة الأمر بصياغتها أثناء هذه الاجتماعات، وإنني لا أزعم لمصر ما هو ليس في حقها.. لقد صاغت مصر هذا القرار وقامت بالكثير من الاتصالات مع الأطراف الدولية لكي تشرح عناصر التفكير العربي المصري في هذا الصدد.

* هل من جديد في ملف الإعداد للقمة الاقتصادية العربية؟ ـ يتم الإعداد لها بشكل جيد من خلال الجامعة العربية، وهناك اتصالات مصرية مع كل من الكويت الدولة المشاركة لمصر في الدعوة لعقد هذه القمة، ومع الجانب السعودي الذي كان في رئاسة القمة العربية أثناء صدور هذا القرار.. ونأمل في استكمال كافة العناصر المطروحة لكي نؤمن عقد قمة ناجحة تحقق للدول والشعوب العربية كل أهدافها في يناير (كانون الثاني) المقبل، واليوم نحن نقترب من الاتفاق على المفاهيم النهائية لهذه الأهداف.

* هل تتوقعون أن تشهد الأشهر المتبقية على انعقاد القمة الاقتصادية العربية قمماً ثنائية أو أكثر لتنقية الأجواء كي تؤمن مستوى عال من المشاركة؟ ـ القادة العرب يلتقون دائما.. وأتوقع أن يتم التنسيق الذي يخدم أهداف القمة، واثق أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية ووزراء الخارجية ووزراء الاقتصاد والتجارة يشكلون جميعا الآلية التنفيذية لمقررات هذه القمة.