أوباما يحقق مقولة «لوثر كينغ» بقبوله ترشيح الحزب الديمقراطي

حملة ماكين: الأعمدة اليونانية التي زينت المنصة أبلغ دليل على غروره

أوباما ونائبه بايدن يحييان الحضور اثناء مؤتمر الحزب الديمقراطي في دنفر امس (رويترز)
TT

اعتلى باراك أوباما أمس منصة تحيطها أعمدة يونانية، وفيها سار على معبر ضيق ينتهي عند منبر للخطابة. وعلى هذه المنصة وقف منفرداً وسط أكبر استاد في كولورادو، حيث واجه 2000 من الجالسين على الكراسي التي تم وضعها أمام المنصة، و80.000 متفرج كانوا على مقاعد الاستاد بمستوياتها الثلاث، في الوقت الذي تم فيه تسليط أضواء الاستاد الـ450 عليه مباشرة.

وكانت حملة ماكين قد بعثت برسائل بريد إلكتروني إلى الصحافيين والمذيعين قالت فيها إن الأعمدة اليونانية التي تزين المنصة التي وقف عليها أوباما أبلغ دليل على أنه شخص مغرور. ويعتبر استاد إنفسكو فيلد من أكثر الأماكن التي لها تأثير مهول على حياته المهنية، وفي الذكرى السنوية الـ45 لخطاب مارتن لوثر كينغ «أنا أحلم»، أصبح باراك أوباما أول أميركي من أصل أفريقي يقبل ترشيح الحزب له ليتولى منصب الرئيس. لقد راهنت الحملة الانتخابية له على تلك اللحظة التاريخية، وذلك عبر إنشائها خشبة مسرح لتمجيد وتبجيل أدائه بعد مواجهته لأكبر مؤتمر للحزب الديمقراطي على مدار 50 عاماً لكي يتم تذكر خطابه على أنه واحد من أقوى الخطابات واللحظات التي مرت خلال السياسة الحديثة، كما من شأن هذا الخطاب أن يمثل له دفعة مثالية تجاه المرحلة النهائية من الانتخابات العامة. أما إذا كان قد أخفق، فكان سيواجه أوباما مخاطر انتقادات الجمهوريين بأنه مولع بالحديث أمام الحشود الضخمة، لكنه غير قادر على تشكيل روابط وعلاقات حقيقية. ويقول بعض المستشارين، إن أوباما كتب الخطاب الذي ألقاه بطريقة معتادة، وصاغ المسودة الأولى منه بخط يده على ورق أصفر. كما عمل على دراسة خطابات المؤتمرات السابقة، ووجد فيها بعض الأفكار المستوحاة من التصريحات التي ألقاها من قبل بيل كلينتون، ورونالد ريجان، وجون كنيدي. ثم انعزل على نفسه بعد ذلك في غرفة بفندق شيكاغو، والتي فضل المكوث بها بدلاً من منزله الفوضوي أو مقر إدارة حملته الانتخابية. وقد سافر معه كاتبو الخطابات ليساعدوه على تعديل وتزيين خطابه ـ وهي العملية التي استمرت بعد ظهر الأربعاء، في الوقت الذي سافر فيه أوباما إلى دينفر. وقال المقربون منه، إن مساعدي أوباما الماكثين معه منذ فترة طويلة تعلموا بأن يتركوا العناصر الرئيسة في خطابات أوباما على حالها ودون المساس بها. وفي هذا الصدد غالباً ما يقول المستشارون إن أوباما يعتبر نفسه على أنه أفضل كاتب للخطابات الخاصة به. لذا فإن أحداً لم يندهش عندما عكف بنفسه على كتابة الخطاب الذي ألقاه امس، ووضع لمسات الرسالة التي يريد أن ينقلها إلى الجماهير بنفسه. وقال أوباما: «أعتقد أنه يتعين علي فعل شيئين، يجب علي أن أصنع الخيار بيني وبين جون ماكين قدر الإمكان. فأنا لا أريد أن أسبب الارتباك للشعب. وآمل أيضاً بأن ينقل هذا المؤتمر من أنا». وفي خطابه الذي أدلى به عام 1990 بصفته الرئيس القادم لهارفارد لو ريفيو، يتذكر أصدقاء أوباما أنه روى قصة عن سيرته الذاتية مختلطة العرقية، وهي القصة التي جلبت الطهاة من المطبخ ليستمعوا إليها وجعلت من النُدل يتوقفون عن خدمة الحضور وكل ذلك من أجل أن يستمعوا إلى الخطاب. وفي آخر مؤتمر ديمقراطي، عُقد في بوسطن عام 2004، عزز أوباما من سمعته كمتحدث عام موهوب بالفعل وذلك من خلال إلقائه الخطاب الرئيسي في المؤتمر على مدار 17 دقيقة، وهو الخطاب الذي ركز بصورة موضوعية على الشقاق الذي يضرب أرجاء البلاد. واحتوى خطابه على مجموعة من الأفكار الجديدة، وعمل هذا الخطاب على تحوله في المساء من مجرد سيناتور غير مشهور كثيراً عن ولاية إليونز إلى شخصية قومية بارزة. وكان الخطاب الذي ألقاه أوباما امس يشبه خطابه عام 2004. ويشير أصدقاؤه إلى أنه أصبح حساساً تجاه الانتقادات التي تدّعي أن خطاباته تفتقر إلى المحتوى، وأنه وضح عبر خطابه الطرق التي سيحاول من خلالها مواجهة المشكلات التي تصيب البلاد. إلا أن تغيير أسلوبه سيحمل بعض المتاعب، حيث يقول مارتن مدهيرست – بروفيسور الخطابة بجامعة بايلور: «يمكنك قول كل ما تريد حول السياسات والبرامج، إلا أن هذا ليس ما يستجيب إليه الأفراد، فالأشخاص يستجيبون عندما يلامسهم الحديث عاطفياً، وهذا هو ما برع فيه (أوباما). ومن المهم للغاية في خطابه إثارة الأفراد عاطفياً، وهذا ما يريدونه منه، وقد تحقق فعلا». وقف أوباما على منصة الخطابة وعلى كاهله حمل كبير من التكهنات والتخيلات. ولم تتولد الكثير من التوقعات بشأن خطاب قبوله الترشيح منذ أن واجه كنيدي 80.000 شخص في لوس أنجلوس في المؤتمر الديمقراطي عام 1960. إن التذاكر لحضور هذا المؤتمر تم بيعها عبر الإنترنت، وقد اختفت في خلال يوم واحد. كما أن بعض مشتري التذاكر يبيعون التذكرة الواحدة الآن بأكثر من 1000 دولار. وفي الخامسة من مساء امس، اغلق مسؤولو المؤتمر أبواب الاستاد، وتحركت الوفود المجتمعة والصحافيون على بعد ميل من استاد الكرة، وقام مسؤولو المرور بإغلاق الطريق السريع الرئيس لدينفور. وعزفت فرقة موسيقية كبرى بعض المقطوعات الموسيقية. وانطلقت الألعاب النارية وقصاصات الورق في السماء بمجرد انتهاء أوباما من خطابه. وكان أوباما قد توجه يوم الأربعاء الماضي إلى الاستاد واعتلى المنصة ليألفها قبل المؤتمر، بالإضافة إلى انتهاز الفرصة لرؤية الاستاد من العديد من النقاط المميزة.

* خدمة «واشنطن بوست»

* خاص بـ «الشرق الاوسط»