كوشنير يؤكد ارتياح بلاده للسلوك السوري في لبنان.. لكن الحدود والمخيمات وطرابلس خطرة

قال إنه أثار موضوع المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل ولا شيء ملموسا حتى الآن

TT

أعرب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن ارتياح بلاده حتى الآن لتطور علاقاتها مع سورية، التي ستسقبل يومي 3 و 4 سبتمبر (ايلول) القادم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في زيارة رسمية تعكس وصول التطبيع بين البلدين الى مرحلة متقدمة. غير أن كوشنير، الذي سيرافق ساركوزي الى دمشق الأسبوع القادم، أكد أن باريس، رغم ارتياحها، ما زالت متنبهة جدا إزاء سلوك سورية، في إشارة الى سياستها بشكل عام، وإزاء لبنان في شكل خاص. وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»، إن باريس تتابع عن كثب، السلوك السوري في لبنان وما تقوم به دمشق. ورغم شدة رغبتها في إقامة علاقات وثيقة مع دمشق «غير أنها ما زالت متمسكة باساسيات السياسة الفرنسية في لبنان، أي الحفاظ على حرية قراره السياسي واستقلاله وسيادته التامة وإبعاده عن الهيمنة السورية». وأضافت هذه المصادر أن فرنسا «يمكن أن تغير سياستها وتعود عن تطبيع علاقاتها مع دمشق إذا تبين لها أنها لم تعد تلعب اللعبة أو أنها تعمل ضد استقرار وسلامة لبنان».

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس عقب عرض خطته لإصلاح وتحديث وزارة الخارجية الفرنسية، أشار كوشنير الى هذا الخط عندما أعلن أن باريس «تمنح دمشق ما أمكن من مصداقية حتى ظهور العكس، وأن باريس واثقة من «سورية» الى أن يتبين لها ما يخالف ذلك، متوقفا بشكل خاص عند ما تراه باريس من «إشارات إيجابية» سورية كقرار إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وتحسن الوضع العام ووجود رئيس للجمهورية وحكومة تعمل بموجب بيان وزاري إجماعي... وبشكل عام، يرى كوشنير أن الأمور «تسير حتى الآن بشكل افضل»، وأنه «لا يمكن أن يتغير كل شيء فورا».

غير أن الوزير الفرنسي عبر، مقابل ذلك، عن قلقه من أن «أي شيء في لبنان لم يسو «بشكل نهائي»، مشيرا بشكل خاص الى الوضع «المقلق» في طرابلس والتصريحات النارية المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله والى موضوع ترسيم الحدود اللبنانية السورية وما يجري عبرها وهو ما وصفه بأنه «خطير للغاية» و«بالغ التعقيد»، فضلا عن موضوع وجود ثلاثة مخيمات فلسطينية في لبنان، «خارجة عن أي رقابة وتخضع لمنظمات فلسطينية متطرفة مقرها دمشق». وأشار كوشنير الى أن أحدها «قائم قريبا من مطار بيروت» الدولي، قائلا إنه أثار هذه المسألة في زيارته الأخيرة الى لبنان وسورية. وعبر الوزير الفرنسي عن استعداد بلاده لمساعدة الفريقين اللبناني والسوري في موضع ترسيم الحدود «إذا ما طلبا المساعدة». مضيفا أن باريس جاهزة للعمل مع الألمان الذين «لديهم خبرة في موضوع ترسيم الحدود». وقالت مصادر فرنسية رسمية إن دمشق «لم تظهر أية ليونة في مسألة ترسيم الحدود في منطقة شبعا، وترفض أن توضع تحت الوصاية الدولية». وبحسب مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع في العاصمة الفرنسية، فإن الموقف السوري «دفع الجهود الدولية» الآيلة الى العمل على نقلها الى الإشراف الدولي كوسيلة لإيجاد حل لموضوع سلاح حزب الله.

وفي سياق مواز، كشف وزير الخارجية الفرنسية أنه أثار مع المسؤولين اللبنانيين في زيارته الأخيرة الى بيروت موضع فتح مفاوضات سلام غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل، وهو الأمر الذي اعرب الرئيس ساركوزي عن رغبته في أن يبدأ «في وقت قريب». وقال كوشنير إنه «ابلغ أصدقاءه» اللبنانيين والإسرائيليين أن باريس «بتصرفهم» إذا كانوا «يرون أنه من الممكن القيام بشيء ما» على هذا الصعيد. غير أنه أكد أن «لا شيء ملموسا حتى الآن».

ووضع الوزير كوشنير موضوع المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل في سياق ما هو جار في المنطقة من مفاوضات مباشرة وغير مباشرة بين إسرائيل من جهة وكل من سورية وحماس والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى. ونقل كوشنير عن الرئيس السوري، الذي التقاه في دمشق، أن المفاوضات مع إسرائيل بوساطة تركية «تحقق تقدما»، لكن لحقها بعض التأخير بسبب استقالة المفاوض الإسرائيلي الذي سيعين بديلا عنه.

وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية تحدثت اليها «الشرق الأوسط»، فإن باريس ترى أن «من حق لبنان، في موسم المفاوضات مع إسرائيل، أن يحافظ على مصالحه وحقوقه»، إذا كان ذلك يتم عبر مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل «إذ أن الجميع يفاوض».