إسرائيل تبلغ لبنان استعدادها للجلاء عن «الغجر».. لقاء تعهد بوضعها تحت سيطرة القوات الدولية

بيروت تعتبر الانسحاب المنتظر تمهيدا لترتيب مماثل في مزارع شبعا

TT

أكد أمس لـ«الشرق الأوسط» مرجع لبناني مسؤول ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ ما أوردته صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، أول من أمس، عن ان اسرائيل ابلغت الولايات المتحدة استعدادها للانسحاب من الجزء الشمالي من بلدة الغجر اللبنانية بعد أن تلقت، عبر قيادة القوات الدولية (يونيفيل) ضمانات خطية من الحكومة اللبنانية بانها ستكون تحت سيطرة «يونيفيل».

وقال المرجع اللبناني ان سلسلة اجتماعات عقدها الجانب اللبناني مع قائد «يونيفيل»، الجنرال كلاوديو غراتسيانو، افلحت في إقناع اسرائيل بجدية الالتزام اللبناني، وان السلطات اللبنانية تتوقع انسحابا قريبا للقوات الاسرائيلية من قرية الغجر، وأضاف أن الحكومة اللبنانية تأمل ان يكون هذا الانسحاب «خطوة تمهيدية للانسحاب من مزارع شبعا».

وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع الناطقة الرسمية باسم اليونيفيل ،ياسمينا بوزيان، قالت الناطقة امس «تبعا للقرار 1701 الصادر عن مجلس الامن، فإن اسرائيل مجبرة على الانسحاب من كل الاراضي اللبنانية. وقبل اسابيع، تقدّمت اليونيفيل باقتراح الى كل من الطرفين (اللبناني والاسرائيلي) بغية تسهيل انسحاب الجيش الاسرائيلي من منطقة الغجر الواقعة شمال الخط الازرق، وذلك تطبيقا للقرار 1701».

واضافت: «كذلك، كان قائد قوات اليونيفيل (الجنرال كلاوديو غراتسيانو) قد اجرى محادثات ثنائية انما منفصلة مع الطرفين، لمناقشة هذا الاقتراح مع كل من محاوريه اللبناني والاسرائيلي. وقد بادرنا الى ذلك بفضل رديهما الاوليين، ونأمل في ان نتوصل قريبا الى تفاهم مع كلا الطرفين، تمهيدا لتطبيق القرار (1701) ميدانيا. لكن الاقتراح لا يزال قيد البحث». وختمت بوزيان مذكرة بأن هذه المسألة تعتبر «جوهرية وتعلّق عليها الامم المتحدة اهمية كبيرة. ومن شأن تفهّم اقتراح اليونيفيل، تسهيل تطبيق القرار 1701 والمساهمة بشكل كبير في بناء الثقة في المنطقة». وفي تل ابيب أكد أمس مصدر سياسي اسرائيلي خبر موافقة اسرائيل على تسليم قرية الغجر، ومزارع شبعا، للحكومة اللبنانية، شرط أن تكون خاضعة للسيطرة الأمنية لليونيفيل. وقال المصدر ان الجيش الاسرائيلي يعد خطة أمنية لتنفيذ الانسحاب «في أقرب وقت».

وقال المصدر الاسرائيلي إن هذا التطور حدث بعد أن أبلغ قائد قوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني، الجنرال كلاوديو غرتسيانو، وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك، قبل أسبوعين، أن الحكومة اللبنانية وافقت أخيرا على تسلم (يونيفيل) مزارع شبعا، بما في ذلك القسم الشمالي من بلدة الغجر، وإدارة شؤونها الأمنية والادارية بالتنسيق مع بيروت. وسلمه رسالة رسمية تتضمن هذه الموافقة. وقال المصدر السياسي المذكور ان موقف الحكومة اللبنانية جاء مفصلا، وفيه تجاوب مع غالبية الاقتراحات الاسرائيلية بهذا الخصوص باستثناء بعض القضايا التي يمكن جسر الهوة فيها. وكانت وزارة الخارجية الاسرائيلية قد رفضت أن تنفي أو أن تؤكد خبر صحيفة «هآرتس». ومع ذلك، أكد المصدر السياسي الاسرائيلي المذكور النبأ وقال ان «الانسحاب من شبعا سيسحب البساط من تحت أقدام حزب الله ويبطل الحجج التي يتذرع بها حول ضرورة المقاومة من أجل مصالح لبنان. وفي حالة تسليم هذه المنطقة، يكون واضحا للبنانيين أن استمرار حمل السلاح والمقاومة ما هو إلا ذريعة يغطي فيها حزب الله على حقيقة أهدافه في خدمة الارهاب الدولي والمصالح الايرانية».

والمعروف ان مزارع شبعا تقع على الحدود بين سورية ولبنان. وقد احتلتها اسرائيل في شهر يونيو (حزيران) سنة 1967 من دون أن تدري، حيث ان قواتها لم تدخل اليها طيلة شهرين من احتلال هضبة الجولان. وفقط في شهر أغسطس (آب) من تلك السنة دخلتها، وذلك بعد أن تقدم أهالي قرية الغجر الواقعة قربها بالاستفسار عن أية جهة يتبعون. وعندما قرر الكنيست الاسرائيلي ضم الجولان الى تخوم اسرائيل في سنة 1981، حصل أهالي الغجر على الجنسية الاسرائيلية. وبسبب عدم ترسيم حدود واضحة بين سورية ولبنان واسرائيل، راح أهالي الغجر يبنون بيوتا جديدة على أراضيهم الشمالية الواقعة ضمن الحدود اللبنانية. وفي سنة 2006، عندما قامت الأمم المتحدة بترسيم «الخط الازرق» الفاصل بين اسرائيل ولبنان اتضح ان الخط يشق القرية الى نصفين وان جميع العائلات في القرية ستتشتت على طرفي الخط فتظاهروا ضد رسم الخط وضد الفصل بين شقي القرية. واضطرت اسرائيل الى الإبقاء على الشق الشمالي مربوطا بالشق الجنوبي، لكنها بنت سياجا ألكترونيا ومنعت الدخول من وإلى اسرائيل عبر هذه القرية، إلا بتصاريح خاصة للسكان. آنذاك رفضت الحكومة اللبنانية تسلم القرية بسبب الخلافات الداخلية في لبنان. ولكن بعد اتفاق الدوحة، تجددت الاتصالات بهذا الشأن، وتدخلت الادارة الأميركية في الموضوع بضغط من اللوبي اللبناني في واشنطن. وجاءت موافقة الحكومة اللبنانية على تسلم القرية لتفتح صفحة جديدة في الموضوع. أما الشق الجنوبي من القرية، الذي يعتبر منطقة سورية محتلة، فقد ابدت اسرائيل استعدادها لتسليمه الى لبنان باشراف الأمم المتحدة، إذا وافقت الحكومة اللبنانية.