موريتانيا: العسكر يشكلون حكومة تكنوقراط بعد تحفظ السياسيين على المشاركة

مناوئو الانقلاب يصفون التشكيل الجديد بـ«غير الشرعي»

TT

اعلن النظام العسكري الذي يحكم موريتانيا منذ انقلاب السادس من أغسطس (آب) الماضي، تشكيل حكومة جديدة اعتبرها مناوئو الانقلاب «غير شرعية». ويغلب على التشكيل الجديد الذي يضم 28 وزيراً، التكنوقراط، بسبب تحفظ العديد من السياسيين على المشاركة فيها.

وينتمي بعض الوزراء الى الحركة التي دعمت الانقلاب من النواب والأحزاب السياسية المستقلة. وينتمي ثلاثة وزراء على الأقل الى تجمع القوى الديمقراطية، وهو ثاني حزب في الجمعية الوطنية التي يترأسها احمد ولد داداه. لكن هذا الاخير اصدر بيانا فور الاعلان عن تشكيل الحكومة اعتبر فيه الوزراء «مستقيلين اليا».

وأسندت حقيبة الخارجية والتعاون لمحمد محمود ولد محمدو، وهو استاذ العلوم السياسية في جامعة هارفرد بالولايات المتحدة. واحتفظ محمد محمود ولد محمد الأمين بحقيبة وزارة الدفاع الوطني التي كان يشغلها. كما احتفظ سيد احمد ولد الرايس بحقيبة وزارة المالية التي كان يشغلها. اما وزارة الداخلية واللامركزية فقد اسندت الى محمد ولد معاوية.

وتضم الحكومة الجديدة امرأتين في منصب وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة، ووزيرة التنمية الريفية.

وأثار تشكيل هذه الحكومة انشقاقات في صفوف بعض أحزاب المعارضة الرافضة للمشاركة في هذه الحكومة بسبب ما وصفوه «افتقادها للمصداقية والشرعية الدولية». فقد أعلن حزب تجمع القوى الديمقراطية عزل أربعة عناصر ناشطين في الحزب بينهم وزيرة التنمية سلمى بنت محمد لغظف، ووزيرا الاتصال والتعليم إضافة إلى وزير السياحة والمعادن وذلك على خلفية مشاركتهم في هذه الحكومة، وفق بيان الحزب.

لكن تعيين اثنين من قياديي هذا الحزب على الأقل في التشكيلة الحكومية بدا مريباً في نظر مراقبين أبدوا مخاوفهم من أن يكون زعيم المعارضة شارك سراً في طبخة سياسية مع العسكر خصوصاً أنه ما زال متمسكا بحجم التأييد الذي أعلن عنه منذ انقلاب السادس من اغسطس (آب) الجاري، وفسروا رفضه الدخول علنا في الحكومة بمحاولة تجنبه التعرض لعقوبات هددت كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية بفرضها على العسكريين والمدنيين الذي يشكلون عقبة أمام العودة للعمل بالنظام الدستوري في موريتانيا.

وفي سياق متصل تتجه حركة «ضمير ومقاومة» اليسارية الناشطة في أوروبا أمس لعزل رئيسها الحالي محمد الأمين ولد الداد الذي عين وزيرا مكلفا حقوق الإنسان والمجتمع المدني. وأعلن مصدر في الحركة طلب عدم الكشف عن اسمه أن قادة التنظيم دعوا لعقد اجتماع طارئ لعزل رئيسهم، مؤكدين أن مشاركته تعكس موقفه الشخصي وليست انعكاسا لسياسة الحركة التي تعارض الانقلاب وتعتبره «إساءة للشعب الموريتاني وتحديا سافرا للمجتمع الدولي».

وضمت حكومة موريتانيا الجديدة أحزابا سياسية كانت منخرطة في الأغلبية الحاكمة سابقا وحزب الاتحاد والتغيير الذي أعلن تأييده للانقلاب بعد معارضته القوية للنظام السابق، ويتزعم هذا الحزب صالح ولد حننا قائد أشهر محاولة انقلابية ضد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في يونيو (حزيران) 2003.

وبالإضافة إلى التمثيل السياسي الذي شكل 7 من أصل 28 حقيبة في الحكومة الجديدة، فإن الحضور التكنوقراطي كان قويا هذه المرة، حيث حملت الحكومة مجموعة من الشباب من ذوي الكفاءات في خطوة تهدف للتغلب على المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي يواجهها البلد في ظل المخاوف من انعكاسات الحصار الدولي الذي يخيم شبحه بسبب المواقف الدولية من الانقلاب الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز.

وفي سياق ردود الفعل الأولية على هذه الحكومة وصفت «جبهة الدفاع عن الديمقراطية» تشكيل الحكومة بأنها خطوة تصعيدية تجسد «ازدراء الانقلابيين للدستور وتماديهم في انتهاك الشرعية». وأعلنت الجبهة في بيان أمس رفضها المطلق لهذه الحكومة «غير الشرعية» وتمسكها بالشرعية الدستورية وطالبت بإطلاق سراح الرئيس المعتقل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.