أرز لبنان ومغارة جعيتا يتنافسان على قائمة عجائب الدنيا

اللبنانيون يعتبرون التصويت مهمة وطنية ويقعون في فخ المنافسة المحلية

داخل مغارة جعيتا («الشرق الأوسط»)
TT

التصويت للفوز بتصنيف يضع مغارة جعيتا وغابة الارز على لائحة «عجائب الدنيا» يجري على قدم وساق في لبنان. فقد اتخذ اللبنانيون من هذه المسألة مهمة وطنية، لاسيما الشباب منهم، ولم يعدموا وسيلة للعمل من أجل وصول هذين المعلمين الى العالمية. ومنذ أن اعلن ترشيح هذين الموقعين لعجائب الدنيا السبع بدأت الدعوات تأتي من كل حدب وصوب للتشجيع على التصويت. ولم يكتف اللبنانيون بما تقوم به المؤسسات المعنية للترويج لهذين الموقعين، بل اعتبر كل لبناني، مقيما كان أو مهاجرا، هذا الأمر مهمة وطنية يجب الفوز بها بكل الوسائل. وباتت شبكة الانترنت المنفذ الأكثر فعالية لتحقيق هذا الهدف، اذ عمد عدد من اللبنانيين الى تأسيس مواقع الكترونية خاصة تحفّز على التصويت مرفقة بأجمل الصور وأروعها على الموقعين. وحصد موقع «face book» أكبر نسبة مشاركة، اذ من خلاله تسنى لمؤسسيه إيصال رسالتهم الى كل أنحاء العالم ولاسيما المغتربين اللبنانيين عبر اللعب على «وتر الوطنية الحساس»، وقد نجحوا في مهمتهم على أكمل وجه. هذا ما أظهرته نتائج التصويت التي بدأت تتوالى على الموقع الخاص بعجائب الدنيا السبع www.new7wonders.com منذ بدء عملية التصويت في مارس (أبريل) الماضي حين احتلّت مغارة جعيتا المرتبة 82 وغابات الأرز المرتبة 167. ومنذ ذلك الوقت بدأت النتائج تتغيّر صعودا وهبوطا، حتى أن الموقعين تنافسا على المرتبة نفسها حين كانت مغارة جعيتا في المرتبة 36 وغابات الأرز في الـ 37، لكن النتائج الأخيرة أظهرت أن أرز لبنان قفز أشواطا على منافسته وسبقها بدرجات، ووصل الى المرتبة الأولى في الثامن من سبتمبر (أيلول) الجاري قبل أن يتراجع قليلا ليحتل المركز الثالث داحرا مغارة جعيتا التي تراجعت الى المركز الخامس، كما أظهرت آخر النتائج في 10 سبتمبر (أيلول) الحالي. هذه المنافسة بين عجائب الوطن الواحد، جعلت اللبنانيين لا ينحازون الى أي موقع على حساب الثاني وبدوا مصرين على التصويت للاثنين معا طمعا بالحصول على اعجوبتين أو على الأقل ضمان واحدة منهما. لكن المفاجأة جاءتهم من حيث لا يدرون، فقد تم تعديل شروط المسابقة، اذ لم يعد يسمح أن يتأهل الى المرحلة النهائية أكثر من موقع واحد من كل بلد. وفي هذا الاطار، يوضح مدير الشركة الألمانية المستثمرة لمغارة جعيتا الدكتور نبيل حداد حيثيات المسابقة، فيقول: «كانت عملية التصويت تتم عبر اختيار 7 مواقع من أي بلد من أصل 292 موقعا حتى يتأهّل 77 موقعا فقط الى المرحلة ما قبل النهائية في يناير (كانون الثاني) المقبل. بعد ذلك تقوم لجنة عالمية باختيار 21 منها لتتنافس عالميا حتى نهاية العام 2009. أما الآن وبعد هذا التعديل وقع اللبنانيون في فخ المنافسة المحلية وأصبحت مهمة اختيار الـ21 معلما على عاتق المصوّتين شرط أن لا يتأهّل بينها أكثر من معلم سياحي واحد من كل بلد، لتقوم بعدها اللجنة بزيارة هذه المواقع وتحديد اذا كانت جديرة باللّقب، ليتم الاعلان عنها ووضعها في متناول المهتمين للتصويت».

المطّلع على كواليس عملية التصويت على الـ face book يكتشف صدق مقولة الدكتور نبيل حداد، وهي أن اللبنانيين وقعوا في فخ المنافسة المحليّة، وهذا ما تظهره آراؤهم المتداولة على الموقع بعدما عرفوا بهذا التعديل وأبدوا امتعاضهم منه. تحت شعار «اذا أردت أن تتأهّل مغارة جعيتا الى المرحلة النهائية توقف عن التصويت لغابات الأرز» تروّج مجموعة للتصويت لمغارة جعيتا، ويرى أحد أعضائها «أن مغارة جعيتا فريدة من نوعها ولا مثيل لها في كل أنحاء العالم أما الأرز فزرع أينما كان». وتحت شعار «لماذا الحرب ضد غابات الأرز؟»، تردّ مجموعة أخرى على لسان عدد من الأعضاء رأى أحدهم «ان الأرز هو رمز لبنان. وأهميته تكمن ليس في مكان وجوده فقط بل بقيمة موقعه في حياتنا ونفوسنا وقلوبنا. هو الذي يرفرف على علمنا ويزيّن عملتنا وجواز سفرنا...».

وفي مكان آخر يظهر سؤال آخر «اذا سبق لك أن زرت مغارة جعيتا أخبرنا عن رأيك بهذا المعلم السياحي». لتأتي الاجابات المؤيدة والداعمة واصفة المغارة بالفريدة من نوعها، والمعلم الذي لا ينسى... وغيرها من الصفات التي يطلقها لبنانيون وعرب وأجانب سبق لهم أن زاروا مغارة جعيتا ولمسوا قيمة هذه التحفة الطبيعية وروعة جمالها.

عناوين كبيرة اجتاحت موقع facebook من دون أن يفتقد الحوار روح الوطنية وأهمية أن يدرج اسم لبنان بين عجائب الدنيا السبع. ومهما تفاوتت الآراء يبقى التوجّه الأساسي نحو تضافر الوجود على أمل الفوز في نهاية المطاف باللّقب.