بصرى.. تحفة معمارية أثرية أشهر كنوزها متحفها الروماني

المسرح الروماني المدرج في بصرى
TT

تعج سورية بالكنوز المعمارية الأثرية التي تعود إلى اقدم عصور الحضارة الإنسانية، من شمالها حيث «المدن الميتة» ودير سمعان العمودي وقلعة حلب، إلى غربها حيث آثار أوغاريت (رأس شمرا) وعمريت والقلاع الشهيرة كقلعة الحصن وقلعة المرقب، إلى أقصى الجنوب حيث آثار قنوات وشهبا وبصرى، إلى الشرق حيث آثار ماري (تل الحريري)، من دون أن ننسى كل ما بينها من كنوز وأوابد وتحف تؤكد أهمية بلاد الشام كمهد للحضارة لا يضاهى. اليوم هناك اهتمام كبير بآثار محافظة درعا، حيث حاضرة بصرى الشهيرة بمسرحها الروماني المدرج العظيم. وجار توثيق تاريخ هذه المنطقة والاعتناء بما فيها، وهي التي تعكس تراثاً مميزاً في تاريخ تنظيم المدن والعمارة والنحت والزخرفة والفسيفساء صناعة الفخار والزجاج والحلي المطعم بالذهب والفضة وغيرها. ولكن المسرح الروماني ليس الأثر الوحيد الذي يضع بصرى الغنية بآثارها الرومانية والإسلامية على خريطة أهم المدن الأثرية العربية، بل هناك وأقواس النصر الموجودة فيها وقلعتها وأسواقها ومساجدها وحماماتها وتتميز المدينة بغناها بالآثار الرومانية والإسلامية وبقلعتها الشهيرة ومدرجها الروماني و مساجدها و أسواقها و حماماتها. تقع مدينة بصرى الشام ـ أو بصرى إسكي شام (الشام القديمة) ـ إلى الشرق من مدينة درعا عاصمة المحافظة المعروفة باسمها، تبعد عنها نحو 40 كم وعن دمشق نحو 141 كم باتجاه الجنوب. ومن الناحية الزمنية، يعد المسرح الروماني المدرج من أهم آثارها. وهو يجمع بين قوة البناء وعظمته ودقة الزخرفة وجمالها. من الابنية التاريخية القليلة التي حافظت على كمل أقسامها تقريباً وصمدت امام الكوارث الطبيعية. يتألف المدرج من ثلاثة أقسام رئيسية يفصل بين القسم والآخر ممشى عريض يحده إلى اليمين ظهر المقاعد الذي يشكل حاجزاً بين كل قسم وتفتح إليه من اليسار الأبواب التي يخرج منها المتفرجون ويتوج هذه الاقسام رواق علوي يستند إلى أعمدة من الطراز الدوري لم يبق منها سوى عمودين من الناحية الشرقية. ويتألف القسم العلوي من المدرج من خمس درجات والقسم الثاني من 18 درجة بيمنا يتالف القسم الأول من عدد من الدرجات يعتقد أنها 14 درجة بعد النزول من المدرج إلى المسرح يشاهد فيه ثلاثة أبواب: فالأول للمسافرين، والثاني لسكان المدينة، والثالث لعلية القوم يبلغ عرض المسرح 45 متراًَ و نصف من الداخل و54 متراً و 35 سم من الخارج، بينما تبلغ نصف دائرة المسرح 102 متراً. ولقد أعد خلف أبواب المسرح ممشى طويل، وفيه ينتظر الممثل إلى أن يحين دوره على المسرح وتحت المسرح و على ارتفاع متر و نصف عن أرض المدرج الاساسية خططت ساحة مستديرة الشكل واعدت لجلوس فرق العازفين أوعرض ألعاب القوى. أما قلعة بصرى العائدة إلى حقبة الحروب الصليبية، وكان الاعتقاد السائد حتى عام 1948 م أن جميع تحصينات القلعة وأبراجها من بناء الأيوبيين في القرن السابع للهجرة، الى ان اسفرت أعمال التنقيب عن ظهور بعض الكتابات والجدران التي أشارت إلى بناء القلعة امتد على عدة مراحل بعدما اتخذ العرب من المسرح الروماني نواة لبنائها. ففي العهدين الاموي والعباسي سد العرب بعد فتح بصرى جميع أبواب المسرح الروماني ونوافذه التي تفتح إلى الخارج بجدران محدثة ومتينة، فحولوا المسرح بذلك إلى حصن منيع لا يمكن الوصول إليه من أبواب حجرية صغيرة. ثم في العهد الفاطمي بنيت ثلاثة أبراج ملاصقة لجدران المسرح الخارجي تماماً، الأول من الجهة الشرقية ويستند على جناح المسرح الغربي، والثاني يقع في الجهة الشمالية الغربية، أما الثالث فيقع في الجهة الغربية ويستند على جناح المسرح الغربي. وتتصل الأبراج بأبواب تفتح على النوافذ الرومانية العلوية التي تفتح على الممشى الفاصل ما بين القسم الأوسط و العلوي من المدرج. ثم في العهد الأيوبي، وعندما أصبحت منطقة حوران (سهل حوران وجبل العرب) هدفاً لغارات الصليبيين الذين وجهوا اليها حملتين الأولى تحت قيادة بودوان الثالث عام 1140م و الثانية بقيادة بودوان الرابع عام1182 م، تبين عجز التحصينات القديمة عن صد الغارات أو استيعاب افراد الحامية الذين استقدمهم الأيوبيون، وبالتالي باشروا في بناء البرج الأول من أبراجها التسعة في زمن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وزمن ولده شرف الدين عيسى في مطلع عام 599 للهجرة. ولقد أنجز آخر برج من أبراجها في زمن الملك الناصر يوسف الخليل في العام 649 للهجرة وأحاطوا هذه الأبراج التي بنيت كلها خارج التحصينات والأبراج الفاطمية الثلاثة بخندق عميق ودعموا جدران بعض الأبراج من ناحية الخندق بجدران مائلة عام 908 للهجرة. ويمر فوق الخندق جسر مؤلف من خمسة أقواس ثابتة يتقدمها جسر من الخشب يرفع عند الحاجة بواسطة حبال مثبتة عند باب القلعة. وأما عن المواقع الأثرية الأخرى الهامة في بصرى فأبرزها: أبواب المدينة والحمامات الرومانية والملعب وقوس النصر والكليبة أو سرير بنت الملك والسوق والنبع والحمام الايوبي ودير الراهب بحيرا والبركة الشرقية ومدرسة أبي الفداء والكاتدرائية وقصر تراجانوس وجامع الخضر والجامع العمري وجامع فاطمة وجامع مبرك الناقة والعمود النبطي والباب النبطي.