غرب الجزائر يعشق «زلابية وهران».. وشرق البلاد مهتم بجمع التبرعات.. ووسطها ينظم «فرسان القرآن»

الجزائريون في شهر رمضان

TT

من عادة الجزائريين في شهر رمضان أن تقلَ حركتهم في سهرات الأيام الأولى، لكن سرعان ما ترتفع وتيرتها بدءا من الأسبوع الثاني، حيث يخرج سكان المدن الكبيرة إلى المساحات التجارية الكبيرة لشراء ملابس العيد لأطفالهم، وإلى المسارح وقاعات السينما لمتابعة عروض خاصة بشهر الصيام.

وتختلف عادات ونشاطات الجزائريين في هذه المناسبة الدينية من منطقة لآخرى، ففي عاصمة الشرق قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة)، نظمت «دار الامام» منذ اليوم الأول مؤتمرا يدوم شهرا حول دور الأئمة في جمع التبرعات والهبات لفائدة لعائلات الفقيرة، التي تعجز عن توفير النفقات التي تتضاعف كلما جاء رمضان.

وألقيت في الفضاءات الثقافية بولاية قسنطينة، عدة محاضرات عالجت التسامح في الاسلام والتعاون والتآلف والتضامن بين المسلمين، وتصرفات الصائم وفقه الصيام، مع التركيز على أهم الأحداث التاريخية التي وقعت خلال شهر رمضان، من بينها فتح مكة وغزوة بدر وليلة القدر.

وفي ولاية المسيلة (260 كم جنوب العاصمة)، وهي إحدى أهم الولايات التي تنتمي لمنطقة الوسط الكبيرة، يبقى سكان أكثر المناطق المحافظة متمسكين بعادات رمضان، التي تتميز بتبادل الزيارات وأداء صلاة التراويح. لكن خصوصية الولاية قياسا إلى باقي الولايات المجاورة، هي أنها قبلة لتجار التوابل بالجملة التي تفوق أصنافها الـ50. وينتشر تجار هذه السلعة بشكل لافت في مناطق المعذر وبوسعادة والحوامد والخبانة وأمسيف، التي يأتيها التجار من أماكن بعيدة لشراء توابلها نظرا لأسعارها المعقولة.

ومن أكثر التوابل المستعملة في حساء رمضان على موائد الجزائريين، «الحمَار» (بتشديد الميم)، وهو عبارة عن مستخلص من الفلفل الحلو الذي يوضع في التخزين حتى يصبح لونه أحمر، ويكون جاهزا لاستعماله في مختلف أنواع المرق، ليضفي عليها مذاقا خاصا.

وإن كانت الأسواق الشعبية التي تفلت من رقابة وزارة التجارة، هي الأكثر استقطابا للصائمين في المسيلة، فإن الكثير من مرتاديها يتعرضون للغش، بحيث تستهويهم الأسعار المنخفضة، غير أنهم سرعان ما يكتشفون أن بعض ما اشتروه من بضائع ذو نوعية رديئة.

وفي عاصمة الغرب وهران (450 كم غرب العاصمة) تتحول ساحات وشوارع «الطحطاحة» وسط المدينة، في رمضان، إلى فضاء مفتوح لباعة حلويات «الشامية والزلابية وسبوع القاضي وقلب اللوز والبوراك الوهراني»، وأصناف الخبز التقليدي الذي تحضره نساء البوادي في وهران.

وتعد «شامية سيدي بلال»، نسبة إلى زاوية سيدي بلاد لتعليم القرآن، رمزا رمضانيا مميزا بالنسبة لسكان وهران وعنوانا تجاريا، يقصده المحليون وحتى القادمون من الولايات المجاورة مثل غليزان ومعسكر والشلف. أما «البوراك الوهراني» فيتنافس عشرات التجار على طهيه وسط أزقة المدينة العتيقة، ويتفنون في صنع أشكال له وفي حشوه بمختلف أنواع التوابل. وكثيرا ما يأخذه سكان وهران معهم عندما يتلقون دعوات للإفطار عند الأصدقاء أو الأقارب.

وفي الجزائر العاصمة يتميز النشاط الديني والثقافي في رمضان هذا العام، بتنظيم مسابقة يرعاها التلفزيون الحكومي سميت «فرسان القرآن الكريم»، وهي تظاهرة سيشارك فيها العشرات من حفظة القرآن، سيتنافسون خلال شهر كامل على الفوز بجائزة أحسن مقرئ. وعبَر وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة عبد الرشيد بوكرزازة عن سعادة السلطات بوجود مقرئ الأقصى الشيخ محمد رشاد الشريف، الذي سيكون ضيف شرف المسابقة. وقال شريف للصحافة عند وصوله إلى الجزائر: «إني سعيد بزيارتي الجزائر لأول مرة مع أنها في قلبي منذ زمن بعيد.. فهي بلد المليون ونصف المليون شهيد وبلد أهل القرآن والعلامة بن باديس».