مراكز ثقافية عربية وأجنبية تقيم الخيم الرمضانية في دمشق

تقدّم فيها التقاليد العريقة لشهر رمضان كالطعام والشراب الدمشقي على الإفطار

خيمة رمضانية في دمشق («الشرق الأوسط»)
TT

في تقليد جديد بدأ يظهر قبل خمس سنوات ولم تكن تألفه مدينة دمشق في شهر رمضان، انتشرت الخيم الرمضانية بشكل كبير في دمشق وانتشرت الإعلانات عنها في الصحف الإعلانية المحلية وفي مواقف الحافلات والشوارع وغيرها.

ويقول المتابعون لهذه الخيم إن انتشارها الواسع في دمشق جاء بديلا عن العادات الدمشقية والتقاليد التي كانت معروفة في حارات دمشق واندثرت حالياً مع وجود القنوات التلفزيونية المسلية وغياب العلاقات القوية بين الجيران، بسبب ازدياد عدد سكان دمشق الكبير في السنوات الأخيرة ووجود الأبنية السكنية الضخمة، حيث سكان الطابق الواحد في البناء لا يعرفون بعضهم في حين كان الدمشقيون متجاورين في بيوت عربية قديمة ويتبادلون الزيارات يومياً بعد الإفطار ويتسلون بألعاب تقليدية مع صوت الراديو، وكانت النساء يجلسن في غرفة ثانية يتبادلن الأحاديث المسلية، ولذلك جاءت الخيم الرمضانية لتحل مكان العادات القديمة مع إحيائها من جديد من خلال وجود مجموعات من الأصدقاء وليس الجيران يأتون هذه الخيم في المساء ويسهرون حتى موعد السحور ليغادر كل منهم إلى منزله. وتنتشر الخيم الرمضانية بشكل أساسي في الفنادق والمطاعم وفي مناطق فارغة من الإشغالات، حيث يقوم متعهدون بإشادة خيمة كبيرة مؤقتة مع بداية الشهر الفضيل.

وتتشابه الخدمات التي تقدمها هذه الخيم لزبائنها من حيث الطعام المقدم إن كان على الإفطار أو على السحور حيث يتفنن الطهاة في هذه الخيم بتقديم أنواع الطعام الدمشقي التقليدي المعروف في رمضان، والذي من مكوناته الأساسية: (التسقية) وهي تحضر من الحمص المسلوق مع مرقة خاصة والزيت أو السمنة البلدية مع الصنوبر مع قطع الخبز تخلط معها، وكذلك هناك صحن الفول باللبن أو البندورة، وهو أساسي في وجبات رمضان والسلطات وخاصة سلطة الجرجير والفتوش ويأتي بعدها طبق الطعام الأساسي والذي يكون من الرز أو البرغل أو الفريكة مع اللحوم الحمراء أو البيضاء والكبة وغيرها لتختتم وجبة الإفطار أو السحور بالحلويات الدمشقية والتي تتنوع ما بين الشعبية كالعوامة والمشبك والهريسة والقطايف والكنافة أو الحلويات الثمينة كالبقلاوة وأخواتها. كما تقدم هذه الخيم المشروبات الأساسية في شهر رمضان وخاصة العرقسوس والتمر هندي وغيرها.

وفي مجال الفقرات المسلية تعتمد هذه الخيم على إحياء التقاليد الدمشقية وبالتالي تحرص على وجود فرق العراضة الشامية في مدخل الخيمة تستقبل الزبائن بالأهازيج التقليدية الحماسية وبالطبل والآلات الموسيقية النحاسية مع عبارات تمجيد بالإسلام وتعاليمه والنبي وأبطال الإسلام التاريخيين، وفي الخيمة ومع ساعات سهر الرواد حتى وقت السحور تقدم فقرات فولكلورية، ومنها بشكل أساسي الحكواتي الذي يقص على الحاضرين وبأسلوب تمثيلي حماسي قصص الظاهر بيبرس وصلاح الدين وغيرها وهناك أيضاً فقرات خيال الظل والمسحراتي بطبلته الشهيرة ولباسه التقليدي والمولوية والأناشيد الصوفية وغيرها. والشيء الجديد في ظاهرة الخيم الرمضانية لهذا العام هو قيام بعضها بإقامة مسابقات مسلية لروادها من الكبار والصغار مع تقديم جوائز لهم وهي مسابقات يومية وكذلك درجت أيضاً مسابقات في ألعاب مسلية كطاولة الزهر بلعباتها المختلفة كالمغربية والفرنجية والمحبوسة، بحيث يتنافس المشاركون من رواد الخيمة وعلى شكل تصفيات بمراحل ويجري في نهاية شهر رمضان إعلان الفائز بمسابقة طاولة الزهر ومنحه جائزة المسابقة وكذلك في ألعاب أخرى كالبولينغ وغيرها. كذلك الجديد لهذا العام دخول المراكز الثقافية العربية في دمشق على خط الخيم الرمضانية، حيث أعلنت عن إقامة نشاطات رمضانية فوق سطوح هذه المراكز تقدم فيها يومياً الفقرات الفولكلورية والأمسيات الرمضانية بينما يغيب حتماً الطعام عنها لأنها نشاطات ثقافية وليست مطاعم أو فنادق. وكان المركز الثقافي الاسباني (معهد ثربانتس) في دمشق السباق لإقامة خيمة رمضانية كنشاط ثقافي واجتماعي حيث أقام خيمة في العام الماضي في حديقة السبكي المقابلة لمقره بدمشق وأعلن أيضاً هذا العام عن إقامة خيمة رمضان.

وقالت فيروز مراد المسؤولة الإعلامية في المركز، إن معهد ثربانتس يشارك الشعب السوري إحياء ليالي شهر رمضان المبارك كما جرت العادة، حيث تنصب خيمة رمضانية في حديقة السبكي في دمشق على مدى ثلاث ليال تقام فيها الفعاليات الرمضانية. فتحيي فرقة أبو أيوب الأنصاري الأخوة أبو شعر في الليلة الأولي يوم 14 أيلول (سبتمبر) بالمدائح النبوية والإنشاد الديني بهذا الشهر الفضيل ترافقها فرقة ماهر الجمل المولوية، حيث يرافقها خلال بعض المقطوعات الإنشادية استعراض رقص الدراويش. وفي الليلة الثانية يوم 15 سبتمبر تقدم فرقة ماهر الجمل استعراضها المولوي بمرافقة الموسيقى الدينية. أما في الليلة الثالثة 16 سبتمبر، فيقدم الحكواتي أبو شادي سهرته المميزة مع رقصات الترس، وتختتم الليلة الثالثة بعد تقديم وصلة الحكواتي بمسرح خيال الظل من تقديم شادي رشيد الحلاق. تفتتح الخيمة أبوابها في الساعة التاسعة بعد صلاة العشاء والتراويح وتستمر حتى موعد السحور.