النفط يحافظ على المستوى الذي رسمته له منظمة «أوبك» قبل أسبوع

مع تنفس الأسواق العالمية الصعداء

كان المستثمرون أقبلوا بشدة على شراء النفط في وقت سابق من هذ العام كوسيلة تحوط ضد التضخم والدولار الضعيف («الشرق الأوسط»)
TT

سجل الخام الاميركي أعلى مستوى له امس وصعد ستة دولارات مسجلا أكبر زيادة بالنسبة المئوية في يوم واحد خلال ثلاثة شهور. إذ ارتفع النفط متجاوزا 100 دولار للبرميل، محافظا بذلك على المستوى الذي رسمته منظمة اوبك قبل اسبوع، وذلك مع انتعاش أسواق الاسهم العالمية وتحرك قطاع الطاقة الاميركي لاستئناف عملياته التي توقفت بسبب إعصار آيك. وارتفعت أسواق الاسهم بعد أن ضخت البنوك المركزية الكبرى مليارات الدولارات في أسواق القروض قصيرة الاجل لتخفيف أزمة السيولة بينما لقي النفط مزيدا من الدعم من هبوط الدولار.

وصعد النفط بعد ان أظهر تقرير لادارة معلومات الطاقة الاميركية هبوطا أكبر من المتوقع بلغ 3ر6 مليون برميل في مخزونات الخام في الولايات المتحدة بعد ان خفض الاعصاران «غوستاف» و«ايك» الواردات في منطقة الساحل الاميركي على خليج المكسيك. كما ساهم تعثر الامدادات بسبب هجمات المتمردين في نيجيريا، عضو منظمة «اوبك»، في تدعيم الاسعار وذلك بعد أن تسببت تقلبات الاسواق المالية في تهاوي الاسعار في وقت سابق من هذا الاسبوع.وقالت وكالة الطاقة الدولية أمس انها تدرس ما اذا كانت هناك حاجة لتكوين مخزونات استراتيجية من الوقود تحسبا لأي مشاكل في الامداد.

وقال ايان كورنشو المسؤول في وكالة الطاقة «نحن مشغولون بقضايا أمن الغاز». واضاف قائلا في مؤتمر صحافي في باريس، كما ذكرت رويترز في تقريرها «تخزين الغاز سيكون أحد القضايا التي سنبحثها خلال العام المقبل». وتملك الدول الاعضاء في وكالة الطاقة الدولية بالفعل مخزونات نفط استراتيجية. وكان قد تم السحب من هذه المخزونات في عام 2005 بعد الاعصار كاترينا الذي أدى الى تعطيلات كبيرة في خليج المكسيك. وقال نوباو تاناكا المدير التنفيذي للوكالة في باريس «مازلنا نحتاج للمزيد من المعلومات». وأضاف «الحكومة الاميركية وكذلك القطاع كانا مستعدين بشكل جيد هذه المرة لذلك فان الامر يختلف بالتأكيد عنه وقت الاعصار كاترينا». وأضاف ان السوق تستجيب الان بالشراء من أسواق أخرى للاستفادة من فروق الاسعار، فتوجه البنزين من أوروبا الى الولايات المتحدة.

وقال سام بودمان وزير الطاقة الاميركي أول من أمس الأربعاء ان ادارة الرئيس جورج بوش تدرس ما اذا كانت ستطلب من الوكالة السحب من مخزونات البنزين ووقود الديزل. وتقدم الوكالة النصح لنحو 27 دولة صناعية منها الولايات المتحدة في سياسات الطاقة.

ووصل الاعصار ايك الى الارض في مطلع الاسبوع وأدى الى تعطيل العديد من منصات الانتاج والمصافي في خليج المكسيك في أكبر تعطيل للانتاج منذ عام 2005. وقالت الوكالة عندما ضرب الاعصار غوستاف المنطقة في بداية هذا الشهر انه لا حاجة لسحب من مخزونات النفط.

واظهر التقرير ايضا أن مخزونات البنزين الاميركية هبطت الاسبوع الماضي الى ادنى مستوى لها على الاطلاق مع تأثر مصافي التكرير بالعاصفتين. وقالت وزارة الطاقة الاميركية انها تدرس تقديم طلب الى وكالة الطاقة الدولية للافراج عن امدادات طارئة من الوقود بسبب النقص الحالي. وكان إعلان مجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) عزمه منح مجموعة «إيه.آي.جي» العملاقة للتأمين قرضا ينقذها من الإفلاس قد ساهم في رفع أسعار النفط الاميركي خلال تعاملات أول من أمس بمقدار ستة دولارات وذلك بعد التراجع الشديد خلال الايام السابقة.

وقال بيتر ماكجواير الخبير بشركة «كوموديتي وارانتس أستراليا»، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية للأنباء، إن «التوتر في البورصات شديد للغاية»، مشيرا إلى المخاوف الشديدة من تراجع أداء الاقتصاد الاميركي الامر الذي يؤثر بالتالي على معدلات الطلب على النفط.

وكانت قد قررت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) قبل اسبوع سحب 520 الف برميل من النفط يومياً من الأسواق، للحد من تراجع اسعار الخام التي انخفضت لفترة قصيرة الى اقل من 100 دولار للبرميل. ودعت المنظمة أعضاءها الالتزام بحصص الانتاج بدقة، الأمر الذي دفع أسعار النفط للبقاء حول 100 دولار للبرميل. ويبدو ان «شبح» عام 1998 قد خيم على اجتماعات «أوبك» في فيينا، عندما اتخذت «أوبك» في ذلك الوقت قرارا في جاكرتا بزيادة الانتاج؛ الأمر الذي دفع النفط الى مستوى 10 دولارات. وقالت المنظمة في بيان نشر بعد الاجتماع العادي الـ149 في فيينا، انها «قررت العودة الى حصص سبتمبر (أيلول) 2007» اي ما يعادل «28.8 مليون برميل يوميا وبدون احتساب حصتي العراق واندونيسيا التي تركت المنظمة». وكان قد اقبل المستثمرون بشدة على شراء النفط وسلع أولية أخرى في وقت سابق من هذ العام كوسيلة تحوط ضد التضخم والدولار الضعيف مما ساعد في صعود النفط الى مستويات قياسية فوق 147 دولارا للبرميل في يوليو. لكن القلق بشأن أداء الاسواق المالية دف كثيرا من المستثمرين يومي الاثنين والثلاثاء الى البحث عن ملاذ آمن في استثمارات أخرى. وفي اسواق أسيا شهدت اسعار النفط الخام أول من أمس انخفاضا في المبادلات الالكترونية بعد القفزة الكبيرة التي سجلتها امس غداة خطة انقاذ مجموعة التأمين العملاقة «ايه آي جي». ويشكل النفط من إنتاج دول أوبك نحو 40 في المائة من إجمالي إمدادات النفط في الأسواق العالمية.

وعلى جانب آخر قال وكيل ملاحي ان العراق يواصل تصدير النفط بمعدل منخفض لليوم الخامس على التوالي أمس الخميس بعد أن تسبب سوء الاحوال الجوية في ابطاء عملية الضخ من الجنوب خلال مطلع الاسبوع. وتتدفق صادرات النفط العراقية بمعدل نحو 5ر1 مليون برميل يوميا اليوم مقارنة مع حوالي مليوني برميل يوميا في الشهور الاخيرة. وذكر الوكيل أن الصادرات من مرفأ البصرة الرئيسي في الجنوب ومرفأ خور العماية القريب منه بلغت اليوم نحو 056ر1 مليون برميل يوميا. وتصدر البصرة عادة نحو 5ر1 مليون برميل يوميا ولكن الصادرات انخفضت يوم الاحد بعد عاصفة. وذكر وكيل ملاحي اخر انه في الشمال تراجع ضخ النفط امس الأول الاربعاء عبر خط الانابيب الى تركيا الى نحو 430 الف برميل يوميا من 480 الف برميل يوميا.

وقد استؤنف تشغيل خط الانابيب مساء الاثنين الماضي بعد أن تسبب انفجار قنبلة في توقف الضخ لمدة خمسة أيام. وبفضل تشديد اجراءات الامن تمكنت بغداد من زيادة ضخ النفط عبر الخط منذ أغسطس (اب) 2007. وقال الوكيل الملاحي ان هناك حوالي 75ر1 مليون برميل من النفط العراقي في صهاريج التخزين في مرفأ جيهان التركي اليوم. واضاف ان ناقلة تنتظر تحميلها بشحنة من مليون برميل في حين ستصل ثلاث سفن اخرى الى المرفأ مطلع الاسبوع المقبل لنقل مزيد من النفط العراقي.

يذكر أن سلة خامات أوبك تضم 13 نوعا وهي خام (صحارى) الجزائري و(ميناس) الإندونيسي والإيراني الثقيل و(البصارة) العراقي وخام التصدير الكويتي وخام (سدر) الليبي وخام (بوني) النيجيري والخام البحري القطري والخام العربي الخفيف السعودي وخام (مريات) والخام الفنزويلي و(جيراسول) الأنجولي و(أورينت) الإكوادوري.