لبنان يسابق دبي ويخلف قبرص في الأوفشور

بعد إقرار تعديلات جذرية على القانون

TT

حجبت التجاذبات السياسية والامنية المتمادية في لبنان، خطوة اقتصادية متقدمة أقدمت عليها الحكومة حديثاً وتمثلت بتعديل بعض أحكام قانون شركات الاوفشور، ومسارعة مجلس النواب الى اقراره، ومن ثم نشره في الجريدة الرسمية.

ووصف رئيس جمعية الصناعيين السابق جاك صراف، ورئيس مجموعة «ماليا غروب» التي تتعاطى الاوفشور، لـ«الشرق الأوسط» اقرار مشروع التعديل بأنه «خطوة متطورة وانجاز مهم من شأنه ان يحول لبنان الى نقطة جذب للشركات العالمية على اختلاف جنسياتها، وهو ما كانت دبي قد سبقته الى ذلك فتألبت عليها الاستثمارات من كل حدب وصوب».

واعتبر «ان القانون الجديد يحتوي على تعديلات جوهرية سيكون لها الاثر الكبير على الحركة الاقتصادية والخدماتية في لبنان، ومن جملة تلك التعديلات اعطاء شركة الاوفشور حق التملك والمساهمة في الشركات العالمية».

أما المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني فيقول لـ«الشرق الأوسط»: هناك سببان رئيسيان يفرضان تسهيل اقامة شركات الاوفشور. السبب الاول هو اننا في بلد يمارس أبناؤه نشاطاً مكثفاً في الخارج. ولذلك تسمح شركات الاوفشور بالمحافظة على الكفاءات اللبنانية مع تطوير خدمات جديدة لا تتأثر بالصدمات والازمات التي يمكن أن تحدث في الداخل. أما السبب الثاني فهو تحويل لبنان الى مركز اوفشور مولد للوظائف على غرار ما كانت عليه قبرص قبل أن تنضم الى الاتحاد الاوروبي.

ومعلوم ان شركة الاوفشور هي شركة تخصص منتجاتها وخدماتها للخارج. ومقابل ذلك تستفيد من نظام ضريبي مميز، بحيث لا يتجاوز الرسم السنوي المفروض على الشركة الواحدة في لبنان مليون ليرة لبنانية (نحو 670 دولاراً).

وبخلاف القانون السابق، يحدد القانون المعدل بوضوح القطاعات والنشاطات المسموحة لشركات الاوفشور، ولا سيما التأمين وإعادة التأمين اللذين يغطيان المخاطر الخارجية في لبنان، والمعلوماتية، وتكنولوجيا الاعلام، والعمليات التجارية، والنقل البحري وسواها. ولكن التعديلات استثنت الاوفشور المالي، وهو الامر الذي يميز لبنان عن سائر المراكز المماثلة، وقد يكون السبب في هذا الاستثناء الحؤول دون تبييض الاموال، على حد قول احد المصرفيين.

ومن التعديلات المهمة في القانون عدم حصرية رئاسة وعضوية مجلس الادارة باللبنانيين، فيما ان القانون السابق يفرض على الاقل عضوين لبنانيين في مجلس الادارة، كما ان العامل الاجنبي لا يحتاج الى اجازة عمل، والشركات التي تنخفض ميزانيتها عن 100 مليون ليرة معفاة من استخدام محام، وهذا الامر اثار اعتراض نقابة المحامين، حيث اعتبر مفوض قصر العجل بيار حنا «ان رأس مال شركة الاوفشور يجب ألا يكون العامل الوحيد الذي يفرض الاستعانة بمحام. فالشركة بإمكانها أن تبدأ بموازنة تبلغ 50 مليون ليرة، ولكننا لا نعرف كيف ستكبر وكيف ستقترض»، مشدداً على الدور الذي يمكن ان يلعبه المحامي، ولا سيما في مجال النشاطات غير المشروعة، أو تبييض الاموال. ولكن هذا الامر لا يثير استغراب وزارة المال التي تعتبر «ان اجتناب هذه النشاطات تم عبر استثناء الشركات المالية من الاوفشور، وأن اعطاء التسهيلات لا يعني التراخي في المراقبة»، كما يقول بيفاني، الذي يأمل في أن يستعيد لبنان الدور الذي لعبته قبرص منذ نهاية السبعينات عندما تبنت نظام الاوفشور لاستقبال الاموال الوافدة من لبنان بسبب الحرب القائمة فيه.

وما لبثت قبرص ان حققت نجاحاً مهماً، ولا سيما لدى الشركات الغربية التي كانت تسعى الى الانفتاح على الشرق الاوسط، ولدى الشركات العربية التي كانت تطمح للدخول الى اوروبا، ولاحقاً الى روسيا، ودول أوروبا الشرقية.