رايس تتهم موسكو بـ«التسلط الداخلي والعداء الخارجي».. وشيفر يحذرها من «العزلة الدولية»

روسيا تجرب صاروخا بعيد المدى تزامنا مع اجتماع وزراء دفاع «الناتو» في لندن

TT

يجد حلف شمال الأطلسي «الناتو» نفسه أمام تحد لمعرفة كيفية التعامل مع روسيا بعد إعلانها اعترافها بجمهوريتي جورجيا، أبخازيا واوسيتيا الجنوبية، ومن ثم توقيع اتفاقيات عسكرية معهما لنشر قوات روسية وبناء قواعد عسكرية على أراضيهما. وردت واشنطن وحلفاؤها في «الناتو» على هذه التطورات بشدة امس، فبينما اتهمت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس روسيا بأنها تزداد «تسلطا في الداخل وعدوانية في الخارج» حذر رئيس حلف «الناتو» ياب دي هوب شيفر من «العزلة الدولية» لروسيا. وقالت رايس ان على الغرب ان يصد «عدوانية روسيا» في خطاب القته مساء امس. واضافت: «هدفنا الاستراتيجي الان هو التوضيح لقادة روسيا بأن خياراتهم تجعل روسيا على طريق واحد باتجاه العزلة المفروضة من قبلهم وعدم الاهمية الدولية». وافادت وزارة الخارجية الاميركية ان رايس اتصلت بنظيرها الروسي سيرغي لافروف قبل ان تلقي خطابها وتحدثت له عن مضمونه.

وبينما استعد وزراء دفاع الدول الـ26 الاعضاء في «الناتو» لسلسلة اجتماعات في لندن لبحث الوضع الراهن مع موسكو، اعلنت روسيا انها اجرت تجربة ناجحة لصاروخ عابر للقارات متعدد الرؤوس من نوع بولافا. وقالت موسكو ان الصاروخ قادر على اختراق الدرع الاميركي المضاد للصواريخ. ويأتي هذا الاعلان عشية توقيع واشنطن ووارسو اتفاقاً لانشاء الدرع الصاروخي في لندن اليوم. من جهته، دعا وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الحلف الاطلسي امس الى تجنب استفزاز روسيا في رده على الازمة الجورجية. وقال غيتس: «لست انوي التحدث باسم اي كان لكن من الصعب علي ان اتصور ان الذين يشكلون الحلف الاطلسي في الوقت الراهن يشعرون بتهديد عسكري حقيقي من جانب روسيا». واضاف: «ثمة بعض القلق الى حد ما، لكني اعتقد ان ذلك ناجم عن ضغوط وتخويف اكثر مما هو ناجم عن امكانية فعلية لاندلاع عمل عسكري». واكد شيفر على ان «الناتو يحتاج روسيا، ولكن روسيا ايضاً بحاجة الى الغرب»، موضحاً ان الحل الوحيد لهذه الازمة يعتمد على «تنازلات من كل الاطراف». وبينما شدد شيفر على اهمية مواصلة الحوار مع روسيا، الا انه قال «اهم شيء هو دعم جورجيا ومساعدتها على تحقيق طموحها الاورو ـ اطلسي». واضاف ان على روسيا ان تعلم بأن «زمن النفوذ السياسي على منطقة كاملة قد ولى». والقى دي هوب شيفر خطاباً في لندن امس قال فيه ان صيف اغسطس (آب) الماضي الذي شهد الاجتياح الروسي لجورجيا «سيسجل بالتاريخ بأنه شهد تغيراً في الاستراتيجية الدولية». وتحدث شيفر عن مخاطر «خرق القانون الدولي» والاعتراف باقاليم دولة مثل ما حصل مع روسيا وجورجيا. وتحدث شيفر قبل بدء اجتماع للحلف الاطلسي في لندن يستمر يومين حول العواقب والاستعدادات العسكرية لـ«الناتو». والدول الـ26 التي كانت تنوي اساسا تخصيص هذا الاجتماع لبحث تحديث الهيكليات العسكرية للحلف وتجهيزاته، غيرت جدول اعمالها جزئيا بسبب الازمة الجورجية. ومن المتوقع ان يتطرق الاجتماع ايضاً الى افغانستان وزيادة المعدات والجنود المخصصين لاستقرار هذا البلد. وقال شيفر ان افغانستان «تهم الاستقرار البعيد الامد» للعالم وأعرب عن اعتقاده بان الرئيس المقبل للولايات المتحدة سيزيد اهتمامه بافغانستان. وبدأ وزراء الدفاع ومسؤولون من دول الحلف مساء امس اعمالهم في مأدبة عشاء. ويأتي الاجتماع بعدما ارسل الحلف الاسبوع الماضي الى جورجيا وفدا من الضباط لاستعراض وضع القوات المسلحة الجورجية التي تضررت بناها التحتية ومعداتها من جراء القصف الروسي.

من جهته، قال السفير الروسي لدى الحلف ديميتري روغوزين اول من امس ان وجود 7600 جندي روسي في ابخازيا واوسيتيا الجنوبية لا يتناقض مع الاتفاقات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي حول انسحاب الجيش الروسي الى المواقع التي كان فيها قبل اندلاع النزاع الجورجي. واتهم روغوزين الحلف ليس فقط بدعم جورجيا دبلوماسيا وإنما بإعادة تسليحها رغم أنها كانت «هي المعتدية» على حد قوله. ومن بين القضايا العالقة حول جورجيا حالياً مسألة ارسال مراقبين الى جورجيا. وعدلت منظمة الامن والتعاون في اوروبا عن قرارها ارسال مراقبين اضافيين الى جورجيا وقال الرئيس الدوري للمنظمة انتي تورونن لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم نتوصل الى توافق على مسألة المراقبين على الرغم من المفاوضات التي استمرت شهرا». وكانت المنظمة تنوي ارسال مئة مراقب إضافي الى جورجيا لمراقبة انسحاب القوات الروسية التي دخلت الأراضي الجورجية بعد اندلاع النزاع العسكري بين موسكو وتبيليسي. وينتشر في جورجيا حاليا ثمانية مراقبين تابعين للمنظمة تم تعزيزهم مؤخرا بعشرين آخرين ولا يزال يتعين ارسال 80 آخرين. وأعلن «الناتو» رسميا امس عن رفضه المشاركة، في إرساء أية لجنة أوروبية أو دولية، للتحقيق في ظروف وملابسات اندلاع المواجهات العسكرية في جورجيا الشهر الماضي، بين عناصر الجيش الروسي والقوات الجورجية.