المفاوضات ستدخل حالة جمود في عهد ليفني

ما لم ينجزها أولمرت في الأسابيع المقبلة

TT

مصير مفاوضات السلام على المسارين الفلسطيني والسوري بات غامضا، مع انتخاب تسيبي ليفني رئيسة لحزب «كديما». وإذا لم يحقق رئيس الوزراء الحالي، ايهود أولمرت، انعطافا حادا في هذه المفاوضات نحو الانفراج وتوقيع اتفاق، فإنها ستؤجل شهورا طويلة وربما سنوات.

السبب في ذلك ان ليفني أصلا تؤمن بضرورة ادارة المفاوضات على نار هادئة والامتناع عن الخروج بنتائج درامية مفاجئة. وتعتقد ان الأوضاع الفلسطينية الداخلية: التمزق بين قطاع غزة والضفة الغربية، والصراعات الدامية بين حماس وفتح، ومواصلة تهريب الأسلحة من سيناء المصرية الى قطاع غزة.. كل هذه تدل على ان الشعب الفلسطيني ليس ناضجا للتوصل الى اتفاق سلام. وان السلطة التي ستوقع على اتفاق كهذا ليست قادرة على صيانته. وان غالبية الشعب في اسرائيل لا تتقبل في ظروف كهذه التوقيع على اتفاق سلام.

ولكن حتى لو اقتنعت ليفني بوجهة النظر الأميركية، التي يتبناها ايهود أولمرت من جهة، والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) من جهة ثانية، ووافقت على رفع وتيرة المفاوضات، فإن هناك عقبات داخلية تمنعها من ذلك. فهي أولا بحاجة ماسة الى لملمة صفوف حزبها، حيث انها تنافست مع ثلاثة رجال (موفاز وديختر وشطريت) وهزمتهم، وللمعركة ذيول. وهي ثانيا لا تحظى باحترام أولمرت، وهو أيضا له جماعته في قيادة الحزب وفي الحكومة والكنيست، ولن يسارع في تقديم العون لها وتقديم الحكم لها على طبق من الورد. وهي ثالثا بحاجة لتشكيل حكومة، وهذه ليست مهمة سهلة، حيث ان حزب اليهود الشرقيين المتدينين (شاس) هو حزب ديني متعصب ويستصعب البقاء في ائتلاف تقوده امرأة، فضلا عن ان لديه مطالب مالية (رفع مخصصات تأمين) وسياسية (عدم التفاوض حول اعادة القدس الشرقية للفلسطينيين). وكذلك حزب العمل الذي يتمنع ويطرح المطالب التي تبدو تعجيزية، مثل اقالة وزير القضاء، دانئيل فريدمان.

أمام ليفني مدة 42 يوما (أول مرة 28 يوما تمدد 14 يوما آخر)، لتشكيل حكومة، فإذا فشلت في ذلك، سيتم حل الكنيست وإقرار انتخابات مبكرة في غضون 90 يوما. وفي مثل هذه الظروف، لا تكون ليفني رئيسة حكومة ولا تستطيع القيام بأية مبادرة لاطلاق المسيرة السلمية، وربما ستكون مضطرة لتجميد المفاوضات.

بيد أنه خلال هذه المدة سيبقى ايهود أولمرت رئيسا للحكومة، حتى لو نفذ وعده واستقال من رئاسة الحكومة بعد غد. عندئذ تصبح حكومته انتقالية لتسيير الأعمال. وحسب القانون الاسرائيلي فإن الحكومة الانتقالية تعتبر أقوى حكومة. حيث انها تتمتع بكامل صلاحيات الحكومة العادية من جهة، ولا توجد صلاحيات للكنيست في أن تسقطها أو تنزع الثقة عنها ولا يستطيع أي وزير فيها أن يستقيل منها.

وفي مثل هذه الظروف، سيكون بإمكان أولمرت مواصلة المفاوضات مع الفلسطينيين ومع السوريين، وإن تمكن من انجاز اتفاق يستطيع طرحه على الحكومة واقراره فيها وفي الكنيست، حيث ان هناك حوالي 70 نائبا من الائتلاف الحاكم ومن المعارضة العربية واليسارية في الكنيست تؤيد اتفاق سلام كهذا. من جهته، أعلن أولمرت الليلة قبل الماضية، أنه طالما يشغل منصب رئيس الحكومة، فانه سيواصل الجهود للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين ومع السوريين، وفقا لقرارات الحكومة.

بيد ان بعض المقربين من ليفني بدأوا يبثون الأنباء القائلة بانهم لن يسمحوا لأولمرت بأن يفرض الواقع عليهم. وسيطالبونه بعدم الاكتفاء بالاستقالة، بل الجلوس في البيت تماما وإتاحة الفرصة لقائدتهم الجديدة، ليفني، أن تدير شؤون الدولة. وهم يقدمون في ذلك مثلا من اسحق رابين خلال دورته الأولى في الحكم، سنة 1977.