مساع لتطويق ذيول اشتباكات بصرما.. والعونيون والقواتيون ينفون وقوع إشكالات بين أنصارهما

الوضع الأمني في لبنان يعود إلى واجهة الاهتمامات

TT

تلاقت مرجعيات دينية وسياسية في بذل المساعي لتطويق ذيول الاشتباك المسلح الذي وقع ليل الثلاثاء ـ الاربعاء بين عناصر من «تيار المردة» الذي يتزعمه الوزير السابق سليمان فرنجية و«القوات اللبنانية» في بلدة بصرما شمال لبنان واسفر عن مقتل شخصين وجرح ثلاثة آخرين. وعلى خط مواز تواصلت التحقيقات القضائية باشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات.

على صعيد مساعي التهدئة، استقبل أمس البطريرك الماروني نصر الله صفير، عضو الأمانة العامة لقوى «14 آذار» ميشال معوض الذي قال عقب اللقاء انه وضع البطريرك في أجواء التنسيق لمحاولة تطويق حادث بصرما وأضاف: «علينا أن نفرق بين حقنا في الاختلاف السياسي وبين الإجماع المطلوب من كل القوى السياسية على رفض العنف ورفض الاحتكام الى السلاح، لأننا جميعاً نعلم أن الاحتكام الى السلاح والعنف والدم يؤدي الى خسارتنا جميعاً». وأضاف: «اسمحوا لي، كمسيحي وزغرتاوي بالذات، أن أقول ان العنف السياسي وصفحات الاقتتال جربناها من مجزرة مزيارة الى مجزرة اهدن، الى الصفحات السوداء من الاقتتال العائلي في زغرتا، الى الملفات السوداء من العنف السياسي والتهجير بين زغرتا وقضائها بحيث خسرنا جميعاً». ودعا الجميع الى «تهدئة الشارع وتطويق ذيول هذا الحادث وانتظار نتائج التحقيق من دون أن تكون لدينا أحكام مسبقة».

ورأت الرابطة المارونية، في بيان أصدرته أمس، أن «ما حصل هو استحضار لصورة مؤلمة لا يريد لها اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصا أن تتكرر مهما كانت الأسباب والذرائع. « وقالت: «إن الرابطة المارونية تدعو القيادات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية والكف عن تبادل الإتهامات والتراشق الإعلامي وتوليد الأجواء التحريضية التي تؤدي إلى إنعكاسات سلبية على الأرض وتفضي إلى صدامات وتوترات. وهي تدعو كذلك إلى تضافر الجهود من أجل تجديد ميثاق الشرف الذي كانت قد وقعته قيادات مسيحية في السابق ووافقت عليه القيادات الحالية بعد جهود قامت بها جهات عديدة ومن بينها الرابطة المارونية، والذي يحظر اللجوء إلى العنف وإلاحتكام إلى السلاح في حل الخلافات السياسية والإقلاع عن لغة التخوين وحصر التنافس في الإطار الديمقراطي لأنه التعبير الأرقى والنموذج الأصلح، ويكرس تقليدا لبنانيا ومسيحيا عريقا في هذا الأتجاه». وطالبت الرابطة المارونية «الدولة بحزم أمرها ونشر وحدات من الجيش وقوى الأمن الداخلي في المناطق ذات الحساسية المفرطة التي تجثم فوق الصفيح الساخن». ودعت «جميع الأطراف إلى التسليم بمرجعية القضاء».

وناشد المنسق العام لـ«جبهة الحرية»، فؤاد ابو ناضر، جميع المسؤولين المسيحيين «ضبط النفس والتعالي فوق الجروح». وقال: « لقد باركنا المصالحات التي تتم يمينا وشمالا وجبلا، واستبشر المواطنون خيرا بمصافحات قيادات الصف الاول المتضادة والمتقاتلة في بعبدا. وتفاءلوا بالسلام بين النائب محمد رعد والدكتور سمير جعجع، لكنهم فوجئوا بالبرودة وعدم المصافحة بين القادة المسيحيين ولا سيما بين جعجع والعماد ميشال عون». وطالب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بأن «يتولى معالجة القضية المسيحية عبر طاولة حوار في القصر الجمهوري يدعو اليها جميع المرجعيات المسيحية المتخاصمة والتي تتعاطى الشأن العام. وتتكلل هذه الدعوة بضمان معنوي يوفره البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله صفير ومجلس البطاركة والاساقفة المسيحيون. ويصار الى الاتفاق الفوري على نقطتين اساسيتين: اولا، القبول بميثاق شرف ينبذ الاحتكام الى السلاح والاقتتال المسيحي ـ المسيحي وعدم المس بالمقدسات الوطنية.

وثانيا، الاتفاق على المنطلقات الاساسية لاعادة بناء لبنان الغد المبني على ضمان حق الجميع بالعيش بحرية ومساواة وكرامة وأمان». وعلى صعيد التحقيق، تجري الشرطة العسكرية في الجيش اللبناني والاجهزة الامنية المختصة تحقيقات مكثفة باشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لمعرفة اسباب حادث بصرما. وفيما يحاط التحقيق بكثير من السرية، كشفت مصادر مطلعة عن توافر معلومات اولية عن المتسببين في الحادث. واذ رفضت تأكيد معلومات عن توقيف اشخاص معنيين به، اكتفت بالقول ان «هناك اشخاصا باتوا في عهدة الاجهزة الامنية موجودين على ذمة التحقيق من القوات والمردة وغيرهما ما زالوا يخضعون للاستجوابات بشكل متواصل. وثمة اسماء اخرى توافرت للتحقيق سيجري التثبت من علاقتها بالامر».

الى ذلك، اكد مصدر امني متابع هذا التحقيق «يسلك اتجاهات عدة، منها فرضية ان يكون القتيلان بيار اسحق (القوات) ويوسف فرنجية (المردة) سقطا بتبادل لاطلاق النار بين فريقيهما، وفرضية ان يكون مسلح اطلق عليهما النار من مكان آخر. وحسم هذا الامر يتوقف على نتائج تحليل الرصاصات المستخرجة من الجثتين. الا ان المعلومات الاولية التي توفرت حتى الان تشير الى ان الضحيتين قتلا بسلاحين مختلفين». وتوقع المصدر ان يحسم التحقيق هذه المسألة في غضون ايام قليلة بالاستناد الى تقارير الاطباء الشرعيين ونتائج تحليل الرصاصات المستخرجة من الجثتين وافادات الشهود بمن فيهم الجرحى.

على صعيد امني آخر، نفى كل من «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» ما ذكرته بعض وسائل الاعلام عن وقوع اشكال بين مناصرين لهما في بلدة اهمج في جرود جبيل. وقد نفى منسق التيار العوني في قضاء جبيل طوني ابي عقل وقوع اي حادث. وطمأن الى «ان الاجواء في المنطقة ايجابية على المستويات كافة».

بدوره، نفى رئيس مكتب «القوات» في اهمج جريس خليفة ما ذكرته احدى وسائل الاعلام عن حصول اشكال امني في البلدة بين مناصري «القوات» و«التيار» مؤكدا ان «جميع المحازبين والمناصرين ليسوا في وارد الخلاف مع ابناء بلدتهم والمنطقة لاي سبب كان». الى ذلك، صدر عن بلدية اهمج البيان الاتي: «تحدثت بعض الصحف عن وقوع سلسلة من الحوادث في غضون الساعات الاخيرة، بينها حادثتان في جبيل واهمج بين عناصر من التيار الوطني الحر وعناصر من القوات اللبنانية، كما افادت عن سقوط عدد من الجرحى من عناصر التيار. ان بلدية اهمج الممثلة برئيسها نزيه ابي سمعان تستنكر هذه الشائعات وتؤكد عدم صحتها».