منهج لتدريس فريضة صوم رمضان بالمدارس في كولون

احتفال في الشارع ببرلين.. واستعراض لرجال الإطفاء في باد كرويتسناخ

غلاف كتاب «النبع الصافي» («الشرق الأوسط»)
TT

تثير قضية تدريس الدين الإسلامي في المدارس جدلا ساخنا منذ سنوات بين وزارات التعليم المحلية في الولايات الألمانية وبينها وبين ممثلي الجالية المسلمة. وتميل معظم الولايات حاليا إلى تدريس مادة الدين الإسلامي في المدارس باللغة الألمانية. وحسب منهج يضعه التربويون الألمان وممثلو الجاليات الإسلامية المختلفة بشكل مشترك.

واستغلت مدينة كولون (غرب) أيام شهر رمضان الكريم بالضبط لإطلاق أول كتاب بالألمانية لمنهج الدين الإسلامي الذي تود تدريسه في المدارس لأبناء الجاليات المسلمة، علماً أن الأجانب، ومعظمهم من الأتراك والعرب، يشكلون 14% من سكان المدينة. ويحمل الكتاب، وهو الجزء الأول، اسم «النبع الصافي»، وتولت دار «اونيل» التركية طباعته لصالح المدينة. وسيجري تدريسُه في الصف الثالث الابتدائي، أي للأطفال من عمر 9 سنوات فما فوق ويتولى معلمون أتراك وعرب المهمة. ويتألف الكتاب من أربعة أجزاء يتم تدريسها في المدارس حتى المرحلة السابعة.

والجزء الأول من الكتاب يهتم بتدريس فريضتي الصوم والزكاة إلى جانب وقائع الدعوة الأولى وحياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام. ويستخدم المؤلفون الطفلين الشقيقين حسن وحواء، اللذين يعيشان مع أهلهما في ألمانيا، ويودان الاطلاع على أركان الإسلام. ويوجه الأخوان العديد من الاسئلة التي يجيب عنها الوالدان، أو معلم الصف، يإيجاز ووضوح باللغة الألمانية.

وقال كلاوس جيباور، المستشرق السابق الذي شارك في إعداد الكتاب، أن الكتاب يعلم الأطفال الدين الإسلامي الصحيح ولن يسمح «مستقبلا» لأحدٍ باستغفالهم وتعليمهم التطرف. واشار إلى مشاركة علماء دين مسلمين من تركيا في إعداد الكتاب إلى جانب ممثلين عن الجاليات المختلفة. ويركز الكتاب أيضا على حب الآخر والتسامح بين الأديان والتعريف بالأديان الأخرى. ولن يغفل الكتاب موضوع الإرهاب، لأن الجزء الرابع منه سيتطرق إليه، وخصوصا قضية تحريم القتل وقتل النفس وتكفير الآخرين، وفي كافة الأديان السماوية.

احتفال في الشارع طوال شهر رمضان: هناك العديد من الاحتفالات والمسابقات والفعاليات التي تقيمها الجمعيات المسلمة، وخصوصا وجبات الإفطار المشتركة المفتوحة، والتواشيح والتلاوات، لكن اتحاد الجمعيات المسلمة التركي ببرلين اختار هذا العام استنساخ التجربة الألمانية بحذافيرها. فمن المعروف أن الأحياء، في مختلف المدن الألمانية، تقيم احتفالاتها السنوية بالشارع حيث يندمج الجميع في أنغام الموسيقى ورائحة الشواء. وقرر الاتحاد التركي، بمناسبة شهر رمضان، تحويل شارع مولنز ببرلين (حي فريدريشهينز) بأكمله إلى احتفال شارعي بمناسبة شهر الصيام. وتحول الشارع بين أول يوم صيام وآخر ايام عيد الفطر إلى شارع احتفالات مفتوح للمسلمين وغيرهم.

واقيمت محلات بيع الأغذية والوجبات الرمضانية ومحلات بيع الأعمال اليدوية وغيرها من المقاهي والمطاعم على مساحة 12 ألف متر مربع من الشارع. وستكون هناك خيمة كبيرة خاصة للمدخنين وهواة تدخين الشيشة طوال الفترة التي تلي مدفع الإفطار خلال أيام رمضان والعيد بعد الإفطار.

وذكرت ايبرو تيكة، المتحدثة باسم الاتحاد، أن الهدف ليس الاحتفال بالصيام فحسب، وإنما تحويل رمضان إلى شهر للتفاهم والمحبة والتعريف بالثقافات المشتركة. يفتتح الشارع الاحتفالي يوميا من الساعة العاشرة صباحا وإلى العاشرة مساء ويتخلله، خلال فترة الصيام، البيع والشراء، والاستماع لتلاوة القرآن الكريم والندوات الدينية والسياسية، ويتحول الشارع مساء إلى مطاعم مفتوحة للصائمين وموسيقى فرق الدراويش والعروض المسرحية والأغاني والعديد من المسارح التي تم نصبها في مكان الاحتفال. ويختتم الاحتفال بأيام عيد الفطر حيث ستعزف الفرق الموسيقية وتؤدي مختلف الفرق رقصاتها الشعبية.

وردا على أسئلة المراقبين الألمان الذي استغربوا اقبال المسلمين على شراء المواد الغذائية في شهر الصوم، قال يونس اولسوي، من مركز الدراسات التركية في أيسن (غرب) أن المبيعات في شهر رمضان ترتفع في قطاع المواد الغذائية بنسبة 20%، وهو ما يحدث أيضا في ألمانيا خلال الشهر الكريم، إذ تزداد الزيارات والدعوات المتبادلة بين المسلمين كما تزداد عطاياهم وتبرعاتهم للفقراء والمساجد. وأشار أيضا إلى ظاهرة تحويل الأموال من الأتراك المقيمين في ألمانيا إلى ذويهم في تركيا خلال رمضان وعيد الفطر.

رجال الإطفاء يكسبون المتطوعين المسلمين: اختار فيرنر هوفمان، رئيس إطفائية مدينة باد كرويتسناخ (غرب) شهر رمضان أيضا للتوجه إلى أبناء الجاليات المسلمة ودعوتهم للتطوع في مديرية الإطفاء. وقال هوفمان إن شهر الصيام مناسب لفتح الحوار مع الأتراك وغيرهم حول ضرورة مساهمتهم في جهاز الإطفاء. وأكد أن رجال الإطفاء يواجهون صعوبة جمة في التفاهم مع المقيمين الأجانب، وخصوصا خلال عمليات الانقاذ حيث يفقد المواطن لسانه اثناء الأوقات العصيبة. وقرر هوفمان لذلك تعليم رجاله بعض الجمل التركية والعربية والإيطالية والروسية الضرورية بهدف مساعدتهم في عملهم. والتقى رجال هوفمان يوم أول رمضان بممثلي الجالية التركية وتحدث معهم حول كسب الرجال لدائرة الإطفاء، وتم الاتفاق على القيام باستعراض لرجال الحريق في شارع كورنماركت (حيث يسكن الكثير من الأجانب) في اليوم الأول للعيد ويتم خلال ذلك تسجيل المتطوعين للعمل. ويخطط هوفمان إلى لقاءات أخرى مع الجمعيات التي تمثل الروس والبولنديين واليونانيين والطليان.

وضحكت انغريد ريمان، مسؤولة الدائرة الثقافية في انسبروك (غرب) كثيرا، حينما عرفت أن سكرتيرها جيرهارد رايس أرسل رسالة إلى الجالية اليهودية في المدينة يهنئها بمناسبة شهر رمضان. وقالت ريمان إن ممثلي الجالية اليهودية ضحكوا كثيرا واعتبروها أكبر نكتة رمضانية عام 2008. وأكدت ريمان أن الدائرة أرسلت، مع ذلك، رسالة اعتذار إلى الجالية اليهودية تقول فيها أن اسم الجالية اليهودية سقط سهوا في قائمة جمعيات الجالية المسلمة التي تلقت التهاني بمناسبة شهر رمضان.