أمين العاصمة المقدسة: زيادة استيعابية المطاف حول الكعبة المشرفة أبرز المشاريع المقبلة

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه قد يكون عبر تصميم جديد لمبنى المسجد الحرام يتلاءم مع الطواف ويكون دائري الشكل

د. أسامة البار أمين عام العاصمة المقدسة («الشرق الأوسط»)
TT

كشف الدكتور أسامة البار، أمين عام العاصمة المقدسة عن حزمة من المشروعات المستقبلية في المسجد الحرام وتطال العديد من أحياء مكة المكرمة «ان أبرز تلك المشروعات توسعة صحن الطواف عبر زيادة استيعابية، ومن خلال تصميمٍ جديد لمبنى المسجد الحرام يتلاءم مع الوظيفة ويكون دائري الشكل».

وأضاف في حوار اجرته معه «الشرق الأوسط» في مكتبه بمكة المكرمة «ان هناك خططاً للارتقاء بالأحياء العشوائية في العاصمة المقدسة، والعمل جارٍ نحو زيادة العرض في المخططات السكنية من أجل خفض قيمة التضخم العقاري، مؤكدا أن مكة المكرمة تشهد جملةً من المشاريع التنموية ستغير وجهها العمراني». ونفى أمين مكة صحة ما يتم تداوله بوجود نية لإنشاء مطار خاص بمكة المكرمة يكون موقعه بين جدة ومكة. فإلى تفاصيل الحوار..

* ما هي أبرز مشاريع مكة المكرمة الجاري تنفيذها؟ ـ أمانة العاصمة هي أحد الأجهزة التي تعمل بتوجيه من ولاة الأمر لخدمة قاصدي هذه الديار المقدسة حجاجاً وزواراً وعماراً، ومكة المكرمة كونها قبلة المسلمين وتضم الكعبة المشرفة، فهي محط اهتمام ولاة الأمر، وهناك العديد من الخطط التي وضعت من قبلهم، وليس من قبل أمانة العاصمة لتطوير مكة المكرمة كمدينة تهم العالم الإسلامي برمته، كما أن هناك اهتماماً خاصاً لمدينة مكة والعناية بها وتقديم كافة الخدمات لقاصديها من قبل خادم الحرمين الشريفين، كما رأينا في المشاريع التي بدأت في عهده مثل مشروع توسعة مشعر المسعى وأيضاً مشروع توسعة المسجد الحرام وما يسمى بتطوير الساحات الشمالية، وهي الخطوة الأولى في المشروع الرائد في توسعة الحرمين الشريفين، وهناك اهتمامٌ أيضاً من قبل ولاة الأمر بتطوير المناطق المحيطة بالمسجد الحرام والمسماة بـ «المنطقة المركزية» بالإضافة إلى العديد من المشروعات التي تمت الموافقة عليها، بعضها يجري العمل به والبعض الآخر سوف يبدأ قريباً، وهذه المشروعات جميعها سوف تغير بإذن الله الوجه العمراني والمعماري للعاصمة المقدسة، وهناك جهود واضحة للجهات الحكومية الأخرى كوزارة النقل لإكمال بعض الطرق الدائرية، ومن المعروف أن مكة المكرمة تفتقر إلى الطرق الدائرية المكتملة لذلك تقوم بجهد في هذا المجال نتمنى أن يكتمل الطريق الدائري الثاني، وهو أكثر الطرق الدائرية اكتمالاً بحوالي نسبة 70 في المائة، ولم يتبق منه إلا اليسير لأنه سوف يحل العديد من المشكلات المرورية والاختناقات التي تحصل أثناء المواسم.

* اين وصل مشروع توسعة المسعى؟ وكيف تصفون العقبات الدينية الشرعية والعمرانية التي واجهتموها؟

ـ توسعة المسعى من المشاريع الرائدة، وهو من أكثر الأماكن المقدسة اكتظاظاً من خلال مشاهدات دقيقة له في ذروة المواسم، على الرغم من أن المسعى القديم كان على ثلاثة مناسيد (طوابق)، الدور الأرضي، والأول، والسطح، ومع ذلك فقد كان يكتظ برواده إلى درجة الوقوف تقريباً في بعض المواسم، خصوصاً في مواسم الحج، وأثناء العشر الأواخر من رمضان، ولذلك صدرت توجيهات المقام السامي بتوسعة المسعى، ولم تكن هناك أية عوائق بل كان هناك اختلافٌ تقريباً لدى العلماء، ومن ثم تمت إزالة هذه الإشكالية، أما العوائق الفنية فهي بسيطة تم التغلب عليها بتوفيق من الله ثم بجهود التقنيات الحديثة، ومشروع توسعة المسعى انتهى الدور الأرضي والبدروم والأخير يحوي المعابر التي تنقل قاصدي المسجد الحرام من الناحية الشرقية، من الساحة الشرقية إلى داخل المسجد الحرام، دون أن يتعارض القاصدون مع حركة السعي، التي سوف تكون من الشمال إلى الجنوب، أيضاً انتهى الدور الأول وتم افتتاحه بعد جولة خادم الحرمين الشريفين قبل بداية شهر رمضان، وأعتقد أن الشركة القائمة بمشروع التوسعة تقوم حسب ما هو مخطط له ونتمنى أن يكون هذا المشروع العظيم خادماً للحجاج والمعتمرين والقاصدين لبيت الله الحرام.

* هل هناك أي خطة لتوسعة صحن الطواف على غرار توسعة المسعى؟

ـ بالتأكيد، فالقائمون على مشروع التوسعة سوف تكون لديهم خطوات، ولمراحل، بحيث يكتمل المسجد الحرام تطويرياً تكون فيه زيادة للمساحات المخصصة للطائفين والمصلين والمعتكفين ولكافة الوظائف الحيوية في المسجد الحرام، وهناك زيادة لاستيعابية المطاف إما عبر تصميم جديد لمبنى المسجد الحرام، بحيث يتلاءم الشكل مع الوظيفة ويكون دائري الشكل، ومثل هذا المشروع سوف يحتاج إلى وقتٍ طويل حتى يتم تنفيذه على مراحل لأن المسجد الحرام مبنى غير عادي فلا تستطيع إغلاقه لتنهي مهام البناء بل تعمل وهو مفتوح يستقبل قاصدي البيت الحرام على مدار الساعة.

* ماذا سيكون الأفق المستقبلي والتصور الأولي في المباني التي ستحتل الأماكن التي تمت إزالتها في الساحات الشمالية؟ وما هي المنهجية التي اتبعتموها في صرف التعويضات؟

ـ الواقع ذاك هو دور أمانة العاصمة المقدسة واللجنة التحضيرية التي أتشرف برئاستها، ويقتضي الإعداد لهذا المشروع الحيوي العظيم، ومتابعة سحب الملكيات، والتعويض لأصحاب العقارات ومن ثم تتولى جهة أخرى الإشراف على المشروع، لكن بالتأكيد كلنا يعرف أن الإزالة ما هي إلا العملية الأولى في البناء والتطوير، في المسجد الحرام الذي يشهد عملية نمو وزيادة كبيرين على طلب تأشيرات العمرة على مدى العام، وبعد اكتمال هذا المشروع سترتاح جموع المصلين في منطقةٍ لم تتطور في العقود الماضية، منذ التوسعة السعودية الثانية، التي انتهت في عهد الملك فيصل يرحمه الله ـ قبل حوالي أكثر من ثلاثة عقود. وبالنسبة للعقارات المزالة فقد تم رفع مساحي لكل الدور، وهناك لجان تدقق في الرفع المساحي من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية بحضور المالك، وبعد الانتهاء من الأمور الفنية يكون هناك حصرٌ للأشياء الموجودة في هذا المبنى من عدد الأدوار، ومساحة هذه الطوابق، وبعدها يتاح للجهات الشرعية التأكد من الصكوك وسريانها، ومن ثم تحال إلى كتابة العدل والمحكمة الشرعية الكبرى للتدقيق وأخيراً تقوم اللجنة المالية بصرف التعويضات.

* العاصمة المقدسة تشهد ظاهرة أحياء عشوائية، وبها نسبة كبيرة من المتخلفين من العمرة والحج، ماذا أعددتم في هذا الصدد؟

ـ الواقع كانت للأمانة مشاريع تبحث الارتقاء بالمناطق العشوائية عن طريق فتح طرق شريانية، لتخفيف الضغط الحاصل في هذه المناطق وبدأت الأمانة بتوجيه عدد من المشاريع قاربت السبعة، نفذ منها أربعة وتبقى ثلاثة في طريقها للحل، ومن أمثلة الشوارع الشريانية، شارع عبد الله بن دهيش في العزيزية الذي يمر في منطقة عشوائية ويربط بين شارع المسجد الحرام وطريق الطائف، وقد نفذ في ميزانية العام السابق، ولدينا الآن العديد من المشاريع في منطقة الخنساء والملاوي وفي المنطقة الواصلة بين الخانسة وريع ذاخر. وهناك مشروع لإعادة تصنيف المناطق العشوائية، حيث صنفت إلى أربع مناطق وتم تهيئتها على أن تطور نفسها بنفسها، مع إمكانية جذب مستثمرين لها. ولدينا في العاصمة العديد من المناطق التي يمكن تطويرها تطويراً كاملاً، وهناك بعض منها يمكن للدولة أن تتدخل لحل بعض مشكلاتها مثل «الملكيات» بالتنسيق مع وزارة العدل، وهناك بعض المناطق البعيدة التي ربما تخصص لمشاريع تنموية أخرى، ولدى أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل استراتيجية في هذا الإطار تعنى بتطوير شامل لكل المدن العشوائية في كلٍ من مكة والطائف وجدة.

* التهبت أسعار العقارات في مكة بشكلٍ كبير، وفي جميع مخططاتها داخل الحرم وخارجه، وعانى العقار من تضخم واضح، هل لديكم خطط محددة لاحتواء هذا الارتفاع الكبير؟

ـ بالتأكيد هناك زيادة في العقارات، وهذه الزيادة ربما تكون طبيعية لوجود عدد من الأسباب، ولا ننسى أن التضخم طال العديد من الأشياء ومن ضمنها أسعار الأراضي وارتفاع المواد الغذائية والاستهلاكية، وارتفاع أسعار مواد البناء كالحديد والاسمنت، وسبق أن نوقش هذا التضخم مع بعض الاقتصاديين، وكان محور الحديث هل هو تضخم مستورد أم من الداخل، وما مدى تأثير ارتباط الريال السعودي بالدولار الأميركي، وفي مكة تدخل أسباب أخرى كإزالة العديد من العقارات، واقتصاد المملكة حر ونحن نعيش استقراراً اقتصادياً، وبعض الزيادات غير المبررة ستعود إلى مستواها الطبيعي ورأينا أسعار العديد من مواد البناء تراجعت بعد زيادتها، ونحن في العاصمة المقدسة سيكون لنا دور في اتخاذ بعض الإجراءات كزيادة العرض لأن أي سعر يتأثر بزيادة الطلب وانخفاض العرض، فحينما يزيد العرض لا بد أن يعود السعر المتوازن، فقد اتخذنا في الأمانة العديد من الاجراءات لزيادة العرض على الأراضي ولضمان زيادة الارتفاعات في المباني في بعض الأحياء، وكل هذه الأمور سوف تؤدي إلى زيادة العرض وبالتالي انخفاض أسعار الأراضي.

* تحدثتم عن زيادة عرض الأراضي في العاصمة، لكن الواقع يشير إلى أن مكة طيبوغرافياً محدودة وتسورها الجبال، فمن أين ستأتي هذه المخططات؟

ـ مع وجود الطبيعة الطيبوغرافية في مكة المكرمة، هناك العديد من الفراغات التي يمكن استغلالها، فزيارة واحدة للعديد من المخططات في مكة، تبين أن الأراضي البيضاء كبيرة، وهي الأراضي التي لم تعمر حتى الآن، ومن الممكن استغلالها في النمو العمراني.

* يتردد في ان هناك نية لإنشاء مطار خاص بمكة المكرمة وسيكون موقعه بين مكة وجدة؟

ـ كل ما تردد في هذا الموضوع غير صحيح وليست هناك نية لإنشاء مطار خاص بمكة.

* ما هي رسالتكم للعالم بشكل عام، والإسلامي بشكلٍ خاص، وهم يتابعون سير المشاريع التطويرية في العاصمة المقدسة عن كثب؟

ـ مشاريع العاصمة المقدسة تجري على قدمٍ وساق، وهناك مشاريع ضخمة قادمة سترى النور قريباً وسيكون لها التأثير الكبير في تغيير النمط العمراني في مكة المكرمة، وسيكون هناك انطلاق مشروع الملك عبد العزيز الموازي وهو ما يسمى البوابة الغربية لمكة المكرمة وهذا المشروع على رأس أولوياتنا وقطار الحرمين الذي سيربط المدينة المنورة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية بمدينة جدة ثم ينتهي في مكة المكرمة، أما عن قطار المشاعر فستكون هناك لجنة برئاسة الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، في أكتوبر المقبل، فالمشاريع قادمة والتطوير قادم ونأمل من المواطنين الصبر لأن المشاريع التنموية تدفع المدينة ثمناً لها في البداية ومن ثم يأتي الخير للجميع.