المسحراتي اختفى.. وعاد مجرد فلكلور

«أبو طبيلة» يجوب الشوارع والأزقة الضيقة في ليالي شهر الصيام (تصوير: أثير السادة)
TT

في الذاكرة الرمضانية، ينتصب «أبو طبيلة» بقامته الممشوقة يجوب الشوارع والأزقة الضيقة في ليالي شهر الصيام، يقرع الطبل ويوقظ النائمين المتعبين لكي يتناولوا طعام الإفطار مترنماً بأناشيد ومواعظ تدعو النائمين لتناول السحور قبل انبلاج الصباح. ولأن المسحراتي جزء من ذاكرة الحارة الخليجية، فقد كان معروفاً ومألوفاً، يبدأ بمناداة الناس بأسمائهم، ولا يبرح مكانه حتى يتأكد أن أهل البيت استجابوا لنداء السحور وأشعلوا السراج، أو ردوا عليه بأصوات الاستجابة.

وكان صوت المسحر، ينبعث في الحارة وهو يقرع بعصاه على طبلة مشدودة إلى عنقه وهو يهتف «إصح يا نايم .. وحد الدايم»، وكان المسحراتي يمثل ساعة المنبه في بيوت ألفت الخلود للراحة بعد نهار متعب وشاق من الأعمال، قبل أن يتحول رمضان إلى سهرات تعانق وجه الصباح، ويندثر خلالها دور المسحر.

وبين الحارة القديمة التي كانت فيها البيوت تلاصق بعضها بحنان والحارات الحديثة التي باعدت المسافات بين البنيان، لم يعد ثمة مساحة للمسحراتي سوى في الذاكرة، وفي الفلكلور الشعبي الذي يحرص الآباء على تكراره وإعادته بطريقة تمثيلية تسمح لليافعين أن يتصوروا شكل الماضي الذي ما زال يعيش جميلاً في مخيلات آبائهم.