المستثمرون الآسيويون يشككون في حكمة الاستثمار في أميركا

بسبب الاضطرابات المالية

TT

هزت الاضطرابات المالية التي تجتاح وول ستريت، ثقة الاسواق الاسيوية، ودفعت العديد من المستثمرين للتشكيك في حكمة استثمار تريليونات الدولارات في الولايات المتحدة.

وبدأ تردد المستثمرين الاسيويين، حتى قبل الزلزل المالي في الاسبوع الماضي. والان تأكد القلق تجاه الولايات المتحدة بطريقة لم يسبق لها مثيل في السنوات الاخيرة، وامتد من المصارف المركزية الى الشركات الصناعية، ومن صناديق التحويط الي الافراد الذي اصطفوا في طوابير امام المصارف لسحب اموالهم من«اميركان انترناشونال غروب» يوم الاربعاء الماضي.

وتجدر الاشارة الى ان المدخرات الآسيوية، مولت الانفاق الاميركي لعدة عقود من الزمان، وفقدان ثقة الاوساط الاسيوية في المؤسسات المالية والودائع الاميركية سيؤدي لعواقب وخيمة بالنسبة لكل من الحكومة الاميركية ودافعي الضرائب الاميركيين.

واحتمالات المخاوف تظهر في المؤسسات الاخبارية الاسيوية، التي تميل عادة الى التركيز اكثر على مجالي الاعمال والاقتصاد اكثر من تركيزها على السياسة، ذات الحساسية الخاصة في تلك المناطق. ويتضح من المتابعة ان تغطيتهم كانت مهوسة وسلبية لأقصى حد في ما يتعلق بإفلاس ليمان بروذرز، واسراع ميريل لينش بالعثور على مشتر والاضطربات التي شاهدتها «اميركان انترناشونال غروب».

وتبين ان تدفق سيل الدعاية السيئة حول الاستثمارات الاميركية بدأ يتسلل الى العقل الواعي للاثرياء والطبقات المتوسطة عبر آسيا.

وتقول وانغ زياو نينغ وهي سيدة بيت في هونغ كونغ «لا أومن بالمؤسسات المالية الاميركية بعد الان». وحتى بعدما سيطر مصرف الاحتياط الفيدرالي الاميركي على شركة «اميركان انترناشونال غروب» للتأمين، وقفت في طابور مع عشرات من اصحاب عقود التأمين في واحدة من مراكز خدمة العملاء التابعة للشركة لإغلاق حسابها الاستثماري.

وتجدر الاشارة الى ان عمليات ادارة الودائع في العديد من المصارف الاميركية نجحت في توجيه العديد من المستثمرين الاسيويين نحو الاوراق المالية الاميركية منذ سنوات. ولكن توماس لامت، كبير اقتصادي الخزانة في مصرف يونيتد اوفرسيز في سنغافورة، اوضح ان العديد من المستثمرين لم يفهموا بالكامل من الذي يشترونه. واصبحوا اكثر اهتماما وقلقا، على سبيل المثال، عندما تم وضع شركتي فاني ماي وفريدي ماك تحت الحماية.

ويقول بعض الخبراء انه مع النمو الاقتصادي غير العادي في آسيا، فإن المدخرات تتزايد بسرعة كبيرة لدرجة ان الاموال ستتدفق مرة اخرى على الولايات المتحدة بسرعة. (نما الاقتصاد الاميركي بنسبة 23 في المائة بالقيمة الدولية في العام الماضي).

ويقول بول تانغ كبير خبراء الاقتصاد في مصرف «ايست اشيا» في هونغ كونغ «انكمش الاهتمام في الوقت الراهن، ولكن التوقع هو اننا شاهدنا العديد من المدخرات في اسيا، وبالتالي هذا وقت مناسب للمساومات».وفي الوقت الراهن، انكمش الاهتمام الاسيوي بالودائع الاميركية، وهو اتجاه يبدو انه بدأ في التبلور في فصل الصيف الماضي. فقد تبين من معلومات لم تثر الا القليل من الاهتمام اصدرتها وزارة الخزانة الاميركية يوم الثلاثاء ان تغيرات حادة في اتجاه رؤوس الاموال الدولية بدأ في شهر يوليو (تموز) الماضي. فقد سحبت مجموعات من المستثمرين الخاصين 92.8 مليار دولار من الولايات المتحدة، بعدما استثمروا 46.8 مليار دولار في الاوراق المالية الاميركية في شهر يونيو (حزيران).

ويعتقد العديد من المستثمرين في اسيا ان الاقتصاديات الاسيوية ستخرج من الانكماش الاقتصادي العالمي بطريقة اسرع من الاقتصاد الاميركي، كما اوضح هنري لي، مدير هندال غروب، وهي شركة استثمارات معروفة في هونغ كونغ. ولذا يضعون استثماراتهم في شركات اسيوية.

الا ان المصارف المركزية، وبصفة اساسية الاسيوية، استمرت في شراء الاوراق المالية الاميركية في شهر يوليو. غير انها فعلت ذلك بمعدلات اقل من المعتاد. فقد بلغ حجم مشترياتهم 18.2 مليار دولار، بالمقارنة بمشتريات شهرية بلغت في المتوسط 22.3 مليار دولار في النصف الاول من هذا العام، طبقا لبيانات وزارة الخزانة. وللولايات المتحدة مصلحة هائلة في ما تفعله الصين بهذه الاموال. فالاموال الاجنبية التي تدخل الولايات المتحدة لشراء ودائع اميركية يساهم في خفض اسعار الفائدة بتوفير كميات كبيرة من الاموال امام الحكومة الفيدرالية لكي تقترض منها لتغطية العجز في الميزانية، وبالنسبة للمستهلك للاقتراض، لكي يتمكن من شراء سيارات مستوردة واجهزة «دي في دي» وغيرها من المنتجات الاستهلاكية.

الا ان سحب الاموال من الولايات المتحدة في شهر يوليو كان الاكبر منذ شهر اغسطس (آب) في العام الماضي، عندما بدأت ازمة قروض الاسكان غير المؤمن عليها وانكماش القروض تؤثر على الاسواق العالمية. وفي ذلك الوقت، سحب المستثمرون الخاصون 140 مليار دولار من الولايات المتحدة، بينما سحبت المصارف المركزية 22 مليار دولار.

*ساهمت في هذا التقرير هيلدا ووانغ

*خدمة «نيويورك تايمز»