خبير اقتصادي: العوامل الداخلية خلفت عدم استقرار سوق الأسهم

سعيد الشيخ: الأزمة الدولية محدودة التأثير على البنوك الخليجية

TT

قدّر الدكتور سعيد الشيخ، كبير اقتصاديي البنك الأهلي، حجم خسائر القطاع المالي الدولي جرّاء أزمة الرهن العقاري وما نجم عنها من تلاشي وإفلاس العديد من المؤسسات المالية التي كان آخرها بنك ليمان بروذرز في الولايات المتحدة الأميركية، قدر بأنها تتراوح بين600 مليار دولار، وصولا إلى تريليون دولار.

واعتبر أن الأزمة الأخيرة بإعلان بنك ليمان بروذرز عن إفلاسه سيئة جداً، واستدرك «لكن لا يمكن القطع بأنها الأسوأ، خصوصاً أن تجربة الثلاثة الفصول الماضية بدءا من الربع الرابع 2007 والأول والثاني من العام الحالي تجعلنا غير متيقنين عما هو آت». وأشار إلى بعض أهم المؤسسات المالية التي أعلنت عن خسائر كبيرة بسبب الأزمة ومنها سيتي بنك ومورغان ستانلي و ميريل لينش وفاني مي وفريدي ماك. وحول تأثير ذلك على قطاع البنوك في المملكة ودول الخليج، أكّد الدكتور سعيد الشيخ أن «هناك تأثيرات غير مباشرة وقد تكون أكثر خطراً؛ إذ يرجع سببها إلى فقدان الثقة في القطاع المالي الدولي، فالواضح أن القطاعات المالية لدينا تأثرت بهذا الأمر، إذ وجدنا هناك تراجعاً في أسواق المال الخليجية. وهناك تأثيرات مباشره لهذه الأزمة على بنوكنا الخليجية إما من خلال التعاملات أو ما لديها من منتجات مصدرها هذه المؤسسات المتعثرة، لكنها تبقى محدودة حتى الآن. ولا شك أن هناك تأثيرات على بعض المؤسسات أو الأفراد في المنطقة الذين يتعاملون مع تلك الجهات التي أعلنت خسائر وبالتحديد مع بنك ليمان بروذرز».

وفيما يتعلق بتأثير ذلك على المستثمرين في أسواق المال الأميركية، فقد أشار الدكتور الشيخ إلى أن هناك مستثمرين خليجيين في أسواق الولايات المتحدة يمتلكون أسهم في المؤسسات المالية المنهارة أو التي تراجعت قيم أسهمها، حيث ستكون لذلك انعكاساته بالتأكيد على أولئك المستثمرين. وتزايد قلق بعض المستثمرين من هذا الانهيار يأتي في الوقت ذاته الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي تراجعاً ملحوظاً ومن ثم قد ينعكس ذلك سلبياً على أسعار النفط ومن ثم على أداء أسواق الأسهم الخليجية.

وحول العلاقة بين ما يحدث بسبب تنامي أزمة الرهن العقاري وبين أسعار البترول، أبان كبير اقتصاديي البنك الأهلي أن تباطؤ الاقتصاد الأميركي ساهم في تباطؤ الاقتصاديات العالمية ومن ضمنها الاقتصاد الأوروبي والاقتصاد الآسيوي، فعندما تتباطأ اقتصادات العالم يتراجع الطلب على النفط وهو ما حدث على الأقل على مستوى الولايات المتحدة وكذلك اقتصاديات دول الاتحاد الأوروبي التي شهدت تراجع النمو في الطلب على النفط.

وفيما يتعلّق بجدوى الطروحات الأولية المتتالية لعدد من الشركات في سوق المال السعودية، علّق الدكتور سعيد الشيخ قائلا: «بالطبع من الأهمية بمكان استمرار طرح أسهم أولية لزيادة عمق السوق وحتى تتاح فرصه للمستثمرين في أن يتداولوا في قطاعات أكثر وفي أسهم أكثر، فمن حيث المبدأ يجب أن يكون هذا الأمر في طور التفعيل، ولكن على مستوى التطبيق يجب النظر إلى مسألة التوقيت حيث ينبغي أن يتم ذلك على فترات مدروسة بعناية خصوصاً وأن الكثير من المستثمرين يدخلون في الاكتتابات الأولية فقط لبيعها بعد إدراج أسهمها في السوق وليس من أجل الاستثمار على المدى المتوسط والطويل». وأضاف «هناك بعض الاكتتابات التي أسهمت في إرباك السوق مثل طروحات بعض شركات التأمين وبعض الشركات العائلية التي لا يُخصّص منها للمكتتب سوى سهم واحد أو سهمين، وبالتالي يتساءل الكثيرون عن ماهية الإضافة التي تتحقق في حصول المستثمر على سهم أو سهمين؟ وقد تكون هذه مُربكة لحركة السوق أكثر من فائدتها، وإذا لم يكن التقييم الذي طُرحت بناءً عليه تلك الشركات يعكس حقيقةً المركز المالي وتوقعات الربحية، فإن في ذلك أحياناً ظلم للمستثمرين وفائدة لملاك تلك الشركات العائلية. وفي توقّع لما قد يشهده مؤشر سوق المال السعودي، قال الدكتور سعيد الشيخ: «من الصعب التكهّن بوجهة المؤشر ولكن أتصور أن السوق المالي السعودي يمر بمرحلة تذبذبات نتيجة لغياب منتجات مالية مهمة كالسندات والسلع ومشتقات التحوط ولغياب أحد أهم العوامل المؤثرة في استقرار السوق وهو المستثمرون المؤسساتيون. ولكن إذا نظرنا إلى سوقنا من حيث الأداء والفرص الاستثمارية، فإن الكثير من الشركات تمثِّل فرصاً استثمارية جذابة في ظل الأوضاع الاقتصادية الجيدة التي يعيشها الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن تحقق ميزانية الحكومة فائضاَ كبيراً هذا العام نتيجة ارتفاع أسعار النفط وكذلك الإنتاج والذي ربما ليس له مثيل في تاريخ المملكة، وكذلك هناك نمو اقتصادي قوي سوف ينعكس على ربحية الشركات التي من المتوقع أن تكون في العام الحالي أفضل من العام الماضي.