اتفاق بين الخرطوم وحركة مناوي على «مصفوفة» تنهي الخلافات بينهما خلال شهر

مصادر لـ : اجتماع الفاشر بحث 24 لائحة خلافية حول اتفاق أبوجا

TT

طوت الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان المسلحة في اقليم دارفور امس صفحة خلافات امتدت لأكثر من ثلاثة اشهر حول تنفيذ اتفاق موقع بينهما منذ عام 2006، المعروف بـ«اتفاق ابوجا لسلام دارفور»، واتفق الطرفان بعد اجتماع عقد في مدينة الفاشر، استمر لأكثر من 9 ساعات، على «مصفوفة» حددت القضايا الخلافية وبرمجتها في جداول زمنية، لتنفيذها «بأعجل ما تيسر»، وفي مدة أقصاها شهر. وكان زعيم حركة تحرير السودان، كبير مساعدي الرئيس البشير، مني اركو مناوي، قد غادر مقر عمله في القصر الرئاسي في مايو (آيار) الماضي وتحصن في بلدة تسيطر عليها قواته في شمال دارفور احتجاجا على ما وصفه بعدم احترام الحكومة الاتفاق الموقع بينهما. وكادت الخلافات بين الطرفين ان تعصف بالاتفاق الموصوف اصلا من قبل الحركات المسلحة الاخرى بأنه «هش جلب اتفاق السلام ولم يجلب السلام».

ورأس الجانب الحكومي علي عثمان محمد طه، نائب الرئيس السوداني، فيما رأس جانب الحركة زعيمها مناوي. وقال بيان مشترك صدر عن الطرفين بعد الاجتماع إنهما «اتفقا على التمسك باتفاق ابوجا والمضي قدما في تنفيذه»، واضاف البيان ان الطرفين اعتمدا «مصفوفة» لحل المشكلة حددت النقاط الخلافية وجدولتها ووضعتها في جداول زمنية توطئة لحلها بأسرع ما تيسر، وفي مدة اقصاها شهر، واضاف ان الطرفين اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة تقوم ببرمجة المصفوفة لتنفيذها، كما اتفق الطرفان، حسب البيان، على لجنة عسكرية مشتركة لتنسيق الاوضاع على الارض، والتنسيق الامني ووقف العدائيات بينهما.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان الاجتماع يبحث على مدى يومين على الاقل 24 لائحة خلافية في اتفاق ابوجا، من بينها امور تتعلق بالترتيبات الأمنية والتعوضيات وإعادة التعمير. وحضر اجتماع الفاشر مسؤولون في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، فيما حضره القائم بالاعمال الاميركي في الخرطوم السفير البرتو فرنانديز، وشهد الاجتماع جلستين، الأولى عامة مفتوحة حضرتها الوفود من الطرفين الى جانب المسؤولين الامميين، والثانية مغلقة بين طه ومناوي على انفراد.

ووصل مناوي إلى مطار الفاشر من مكان اعتكافه في منطقة «مزبد» بشمال دارفور في الصباح الباكر امس، بطائرتين تابعتين لقوات حفظ السلام في دارفور «اليوناميد»، يرافقه كبار مساعديه ونحو 20 من حراسه الخاصين، لتلتحق بهم في المطار 50 سيارة «لاند كروزر» تحمل قوة من قواته مدججة بالسلاح ومنه مدافع مضادة للطائرات، فيما شكلت قوات كبيرة من القوات المشتركة السودانية لحراسة وفد نائب الرئيس طه الى الفاشر المكون من كبار المسؤولين في الحكومة من بينهم وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين وزير، وعبد الباسط سبدرات وزير العدل، والمهندس إبراهيم محمود حامد وزير الداخلية، والفريق صلاح عبد الله قوش مدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات، والدكتور مطرف صديق وكيل وزارة الخارجية، إلى جانب ولاة ولايات دارفور الثلاث.

وقال طه في كلمته ان حكومته ملتزمة تماما بما وعدت، وملتزمة بما تم توقيعه في اتفاق ابوجا، واعترف بان الاتفاق شابته عثرات ومصاعب في الفترة الماضية، واضاف ان تنفيذ الاتفاق هو الطريق الوحيد للوصول إلى السلام، واضاف طه قائلا ان طريق السلام طويل وشاق ويحتاج الى تضحية وكظم الغيظ. وقال: اننا ملتزمون باتفاق ابوجا رغم المصاعب التي تحتاج الى الصبر وان نتمسك بالثوابت التي تجمعنا التي قال انها اكثر من نقاط الخلاف. وشدد ان الحكومة ستلتزم بما يخرج من الاجتماع باعتبار انه «شهادة لأنفسنا»، ودعا حاملي السلاح الى التوجه لساحات الحوار في الدخل عبر «مبادرة أهل السودان» التي طرحها الرئيس البشير، وعبر المبادرة العربية التي طرحتها الجامعة العربية اخيرا، وفتح الباب لمناقشة كل القضايا العالقة في اتفاق ابوجا. واعلن عن ترتيبات قال انها مكثفة تجرى الآن حول مبادرة أهل السودان عقب عطلة عيد الفطر المبارك، واعتبر ان لقاء الفاشر يأتي في إطار الخطوات المتسارعة التي أبداها المجتمع الدولي ممثلا في المنظمات الدولية والإقليمية لدفع اتجاه مسيرة السلام على رأسها مبادرة جامعة الدول العربية.

فيما شدد مناوي في كلمته على ضرورة وقف إطلاق النار أولا قبل البدء في اعمال الاجتماع، ولمّح بان القوات الحكومية ظلت تستهدف مواقعه في الفترة الماضية، واعترف مناوي ان خروجه قبل ثلاثة اشهر من مكتبه في القصر الرئاسي واعتكافه في شمال دارفور كان تعبيرا عن احتجاجه على عدم احترام الحكومة في المركز والولايات لاتفاق ابوجا، وقال إن غيابه لفترة طويلة عن الخرطوم والمدن الكبرى في دارفور ليس تهربا من مسؤولياته بقدر ما كان تعبيرا سلميا لعدم تنفيذ بنود اتفاق ابوجا ومن اجل تحقيق السلام العادل والشامل وعودة النازحين واللاجئين واستقرارهم.