موسكو : لسنا في حاجة إلى ستار حديدي جديد

ردا على اتهامات رايس لسياساتها بـ«العدوانية المرضية»

TT

فيما بدا وكأنه رد غير مباشر على انتقادات الدوائر الغربية، ولا سيما الاميركية، لسياسات روسيا، كشف الرئيس ديميتري ميدفيديف عن انهيار التصورات والأوهام التي تروج عن ان الناتو يستطيع ضمان الامن في القارة الاوروبية. ورفض ميدفيديف ما وصفه بأنه سعي الغرب لوضع «ستار حديدي» جديد أمام روسيا، وألقى باللوم على حلف شمال الاطلسي (الناتو) في اندلاع الحرب في جورجيا الشهر الماضي. وقال ميدفيديف في بيان وجهه إلى منظمات المجتمع المدني في موسكو «ندفع بالفعل في اتجاه لا يستند الى شراكة متحضرة كاملة مع بلدان أخرى ولكن على تنمية مستقلة وراء الجدران الصماء.. ووراء ستار حديدي». وأضاف «أريد مجددا أن أؤكد: ليس هذا طريقنا.. لا معنى لنا في العودة إلى الماضي.. لقد حددنا خيارنا».

وقال إن العالم امام خيارين لا ثالث لهما : فإما العمل من دون التقيد بأية قواعد انطلاقا من وجود عدد من الدول التي تمتلك اكبر قدرات عسكرية، او محاولة خلق قاعدة جديدة للتعاون الدولي. وإذ أكد ان روسيا لا تنوي العيش وراء ستار حديدي قال إن الاحداث في القوقاز أكدت ضرورة إنشاء منظومة جديدة للأمن الاوروبي بعد انهيار المنظومة الحالية، واهمية ما طرحه من مبادرات حول توقيع معاهدة جديدة حول الامن الاوروبي على غرار معاهدة الامن والتعاون الاوروبي التي جرى توقيعها إبان سنوات الحرب الباردة وهو مسبق وناقشه مع ممثلي الثماني الكبار في اليابان في يونيو (حزيران) الماضي. وإذ اشار الى ضرورة التحول نحو تنمية وتطوير الاقتصاد الروسي قال بضرورة تدعيم منظومة الامن القومي والقدرات الدفاعية لبلاده الى الحد الذي يتناسب ومقتضيات اللحظة. وفيما القى باللائمة على النظام الحاكم في جورجيا الذي اتهمه بارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي قال إن روسيا تسعى نحو اقامة علاقات طبيعية مع الشعب الجورجي الذي تربطه بروسيا أواصر قديمة تمتد الى قرون طويلة مضت. وكانت الخارجية الروسية قد انتقدت تصريحات كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية التي وصفت فيها توجهات روسيا بـ«الشمولية» وسياستها الخارجية بـ«العدوانية المرضية» واشارتها الى انها تسير في طريق ليس له سوى نهاية واحدة وهي العزلة الدولية. واضافت رايس ان روسيا نالت جزاءها بعد ان اعلنت واشنطن عن قراراتها حول سحب اتفاقية التعاون النووي السلمي من الكونغرس الاميركي وتأجيل انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية. واشارت المصادر الروسية الى ان تصريحات رايس لا تؤدي الى تحسين الاجواء في اوروبا التي تبدو اقرب الى تبني مواقف اكثر ايجابية عن تلك التي تنتهجها واشنطن في الوقت الذي تتعالى فيه هناك الاصوات التي تدين جورجيا على اعتبارها المسؤولة عن إشعال الحرب في القوقاز. وقالت ان ثمة تصورا عاما بدأ يسود الاوساط الاوروبية حول ان تصورات الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي حول امكانية تدخل الناتو وتقديم المساعدة الى جورجيا لم تكن سوى اوهام لا اساس لها. وكان الرئيس فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الروسية قد اشار في كلمته امام المنتدى الاقتصادي الدولي السنوي في سوتشي على ضفاف البحر الاسود الى ان محاولات دفع روسيا الى خوض حرب باردة جديدة تستهدف تعطيل تنمية وتحديث الاقتصاد الروسي، مؤكدا ان بلاده لا تعتزم التورط في اية مواجهات ولن تقدم على اتخاذ اية اجراءات من شأنها إغلاق الاسواق او قطع العلاقات الاقتصادية لاسباب سياسية. وهو ما عاد الى تأكيده سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي الذي قال ان روسيا لن تسمح بجرها الى اية مواجهات مع اوروبا. وحول شخصية لافروف تحديدا قالت الصحف الروسية انه صار رمزا للمواجهة بين روسيا والغرب يمكن ان تقدم القيادة السياسية على التضحية به وإن كان ذلك يظل امرا بعيد المنال شأن استحالة تراجع موسكو عن مواقعها الجيوسياسية في المنطقة وعن موقفها تجاه الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية واقامة قواعدها العسكرية هناك.