مسؤولون أكراد يؤكدون لـ«الشرق الأوسط» انعدام الثقة بين أربيل وبغداد

ممثل رئاسة الإقليم لدى لجنة المادة 140: حزب الدعوة والمجلس الأعلى جزء من مؤامرة ضد الأكراد

ضابط كردي من القوات الخاصة يحاول ان يكسر قالبين من الثلج الصلد برأسه وذلك خلال حفل تخرج الكلية العسكرية في السليمانية في اقليم كردستان العراق أول من امس (ا ف ب)
TT

برهنت الاحداث والتطورات السلبية المتلاحقة منذ مصادقة البرلمان العراقي على المادة 24 من قانون انتخابات مجالس المحافظات في العراق في 22 يوليو ( تموز ) الماضي والذي سمي كردستانيا بـ«يوم الانقلاب» برهنت مجددا انعدام الثقة تماما بين اقليم كردستان والسلطة المركزية في بغداد ، بالرغم من سريان مفعول الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بين الاقطاب الاربعة الحاكمة في كردستان والعراق ألا وهي الحزبان الكرديان الرئيسيان الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس جلال طالباني والحزب الديمقراطي بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني والمجلس الاسلامي الاعلى في العراق بزعامة السيد عبدالعزيز الحكيم وحزب الدعوة الاسلامية الذي يتزعمه رئيس الحكومة نوري المالكي.

ولعل الدليل الاوضح على اضمحلال وتلاشي اواصر الثقة بين هذه الاقطاب هو مطالبة رئيس البرلمان الكردستاني عدنان المفتي الولايات المتحدة والدول العظمى المنتجة للسلاح بعدم بيع العراق اسلحة متطورة الا بشروط تكفل عدم استخدامها ضد الأكراد مستقبلا، وكأنه اراد بذلك ان يقول للشعب الكردي اولا وللعالم اجمع بان حقبة مظلمة اخرى من الحروب الشرسة ضد الشعب الكردي في العراق قادمة لا محالة.

ويؤكد قادر عزيز سكرتير حزب كادحي كردستان وممثل رئاسة الاقليم لدى اللجنة العليا لتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي بان الازمة الراهنة والمشكلة المستعصية عن الحل بين اقليم كردستان والسلطة المركزية والمتمثلة بمشكلة بلدة خانقين هي عبارة عن مخطط سياسي مشبوه حاكته قوى خارجية بالتعاون مع قوى داخلية بالضد من مصالح اقليم كردستان، وقال عزيز في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» ان بدايات هذه الازمة تعود الى 22 من يوليو( تموز) الماضي، عندما مرر عدد من النواب في البرلمان العراقي مشروع المادة 24 من قانون انتخابات مجالس المحافظات والتي من شأن تنفيذها اعادة فرض سيطرة السلطة المركزية على مدينتي كركوك وخانقين، علاوة على اعادة احتلال المناطق المستقطعة اصلا من كردستان بالقوة العسكرية.

وتابع عزيز يقول «ان ازمة خانقين الراهنة هي امتداد لفصول ذلك المخطط المشبوه، خصوصا انها متزامنة مع العمليات العسكرية الجارية في بعض مناطق ديالى ضد المجاميع الارهابية، اي ان الازمة في جوهرها عبارة عن مؤامرة ضد الأكراد وكردستان لكنها تنفذ بذريعة فرض القانون وتطبيق الدستور الذي يدعي البعض بان القوات المسلحة العراقية لها الحق في بسط سيطرتها على المناطق الواقعة خارج اقليم كردستان، في حين ان تلك المناطق ما برحت موضع خلاف بين الطرفين وتسمى بالمناطق المتنازع عليها والتي لم يحسم مصيرها بعد بموجب المادة 140 من الدستور العراقي التي لو كانت قد طبقت بشكل دقيق وصحيح من قبل حكومة المالكي، لما حدثت الازمة مطلقا ولما ظلت هناك مناطق متنازع عليها لأن كركوك وخانقين والمناطق المستقطعة الاخرى كانت ستعود الى ادارة الاقليم بلاشك وبالتالي فان مبررات ارسال القوات العسكرية الى هذه المناطق كانت ستتلاشى كليا».

ويرى عزيز ان هناك تكالبا سياسيا ضد اقليم كردستان والشعب الكردي على المستويين العراقي والاقليمي، واردف يقول «ان حزب الدعوة والمجلس الاعلى هما جزء من المؤامرة او المخطط الذي يستهدف الأكراد لاسيما انهما ينفردان بالسلطة في العراق خلال الاشهر الاخيرة، الامر الذي ازعج ليس القوى الكردية وحسب بل القوى العراقية الاخرى في البلاد، كما ان الواقع برهن بان الاتفاقية التي ابرمها الحزبان الكرديان مع هذين القطبين لم تكن استراتيجية بالمرة بل اتفاقا سياسيا تكتيكيا انتهى لصالح تلكما القوتين وان الأكراد لم يجنوا من ورائها اي شيء يذكر، بمعنى ان الدعوة والمجلس استغلا الثقل السياسي للقوى الكردية التي ساهمت في مجمل العملية السياسية في العراق ووفر ارضية لتحقيق اهدافهما وحقق المصالحة السياسية بين السنة والشيعة وبالتالي عندما استعادت تلك القوى عافيتها واستجمعت قواها العسكرية عادت لتتبنى نفس العقلية والاساليب الشوفينية السابقة لقمع الأكراد واعادة احتلال المناطق المستقطعة من كردستان». من جانبه اوضح طارق جوهر المستشار الاعلامي لرئيس البرلمان الكردستاني، ان حالات المد والجزر التي شهدتها العلاقات بين اقليم كردستان والسلطات المركزية وخصوصا غداة ما وصفه بانقلاب 22 يوليو ( تموز ) الماضي وما تبعها من احداث وتطورات قد اثرت بشكل او بآخر على ثقة الشعب والشارع الكردستاني بتوجهات الحكومة المركزية لاسيما ما يتعلق منها بمكاسب الشعب الكردي والقضايا التي تخصه. وحول دواعي المخاوف الكردية من امتلاك العراق اسلحة متطورة طالما ان رئيس الجمهورية وعددا كبيرا من الوزراء في الحكومة المركزية هم من الأكراد ويتبؤون مناصب سيادية حساسة، قال جوهر لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح ان الأكراد يشغلون مناصب رفيعة في بغداد ولكن المشكلة القائمة هي ان الاجراءات التي اتخذتها الحكومة المركزية في تعاطيها مع المسائل الراهنة من قبيل قرارات تحريك قطعات الجيش باتجاه المناطق المتنازع عليها بين الطرفين مثل خانقين والسعدية وقرتبة وجلولاء وغيرها، كانت احادية ولم يسبقها اي تنسيق او تشاور لا مع حكومة اقليم كردستان والجهات المعنية في الاقليم مثل رئاسة الاقليم او رئاسة البرلمان ولا  حتى مع ممثلي الشعب الكردي في بغداد».